الأقباط متحدون - صراخ ضد قتل يحصد خطأ بعض الأرواح، وصمت ازاء قتل يحصد أرواحا مع سبق الاصرار والتخطيط
أخر تحديث ٢٠:١٦ | الاثنين ٢٢ فبراير ٢٠١٦ | ١٤أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٤٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

صراخ ضد قتل يحصد خطأ بعض الأرواح، وصمت ازاء قتل يحصد أرواحا مع سبق الاصرار والتخطيط

بقلم: ميشيل حنا الحاج

ملاحظة موجهة لهيئة التحرير وليست للنشر: أعيد ارسال هذا المقال لكم بعد ادخال اضافة استدراكية له لغايات الدقة والحرص على نشر المعلومة الصحيحة الكاملة. اذ حصلت التفجيرات في دمشق (الأمر المرتبط بالموضوع) بعد انتهائي من ارسال المقال لكم.

ترتفع أصوات كثيرة اثر كل غارة ينفذها الطيران السوري بالاشتراك مع الطيران الروسي، متهمة اياهما بقتل أبرياء واصابة أهداف مدنية تحصد أرواح بعض المدنيين خلال ملاحقتهم للتجمعات الارهابية، سواء في محيط حلب أو ادلب أو ريف درعا حيث يعلم الجميع علم اليقين بتواجد مجموعات تابعة للنصرة، وأخرى لداعش، وبعضعها تابع لأحرار الشام - الصديقة...بل والحليفة الودودة لجبهة النصرة المنتمية رسميا لتنظيم القاعدة.

ولا بد من الاعتراف بأن بعض هذه الغارات تصيب أحيانا بغير قصد، أهدافا مدنية التي تؤدي الى مقتل أو اصابة بعض المدنيين بجروح بدرجات متفاوتة. بل وقيل أن بعضها قد أصاب مستشفى تديره منظمة أطباء بلا حدود.

ومع أن بعض هذه الاصابات لا تنتج عن استهداف متعمد لمن يصبحون ضحية لهذه الغارات،  ترتفع الأصوات الكثيرة، وخصوصا أصوات المعارضة السورية المسلحة، لتدين هذه الغارات وتشجبها مطالبة بوقفها كشرط للتوصل الى هدنة انسانية في سوريا.

وعلى أرض الواقع، فان هذه الاصابات المحدودة  لبعض المدنيين، تأتي نتيجة اقامة تلك المجموعات المسلحة بين.. وفي أوساط المدنيين، متخذة منهم دروعا بشرية تجعل الطرف الآخر يفكر طويلا قبل الاقدام على بعض هذه الغارات رغم ضرورتها وأهميتها الاستراتيجية. 

وأنا أرجح بأن الحكومة السورية، تفكر طويلا قبل تنفيذها غارات قد تصيب بعض مواطنيها المدنيين. فلا مصلحة منطقية لها بقتل مواطنيها. كل ما في الأمر، أن تواجد التنظيمات الارهابية في وسط المدنيين، هو ما يضطرها أحيانا لركوب موجة الخطر، والاقدام على تنفيذ تلك الغارات رغم مخاطر ما تؤدي اليه أحيانا من اصابة لبعض مواطنيها المدنيين رغم حرصها الشديد على محاولة ابقائها لتلك الاصابات في حدها الأدنى.

هل الحرب في سوريا هي حرب دون كيشوتية؟

وهذا النوع من الاتهامات لسوريا ليس شيئا جديدا، اذ تكرر كثيرا على ألسنة العديدين ومنهم رؤساء دول كالرئيس أوباما مثلا، الذي كثيرا ما قال بأن الرئيس بشار الأسد قد فقد شرعيته لكونه يقتل أبناء بلده. وغالبا ما ارتفعت أصوات كثيرة تندد بقيام السوريين باستخدام ما وصف بالبراميل المتفجرة التي تلقى كما يقولون على مواقع مدنية، مع أنها على أرض الواقع، تلقى على مواقع تقيم فيها المعارضة المسلحة وخصوصا المنتمية منها  لتيار  الاسلام  السياسي التكفيري والموصوف بالارهابي.

وتعلو هذه الاتهامات بين فترة وأخرى دون أن يتوقف المنتقدون للنهج السوري ولو للحظة، للتفكير بسؤال واحد يفرضه العقل والمنطق:  هل من المعقول أن يقوم الرئيس السوري بقتل شعبه خصوصا المدنيين منهم، ليحقق نتيجة ذلك زيادة في عدد المعارضين له؟  وهل يقوم الرئيس السوري بذلك استهدافا للقتل من أجل القتل، أم يلجأ الى بعض الغارات .. بالبراميل المتفجرة او بوسائل أخرى، للحيلولة دون تنفيذ المعارضة مزيدا من عمليات القتل لشعبه كما حدث اليوم (على سبيل المثال) في مدينة حمص، حيث قتل ستة وأربعين مدنيا وجرح المئات باصابات بالغة الخطورة نتيجة تفجير سيارتين مفخختين في منطقة سكنية.

فمطلقو هذه الاتهامات، يبدون وكأنهم يصورون السلطة السورية التي يرأسها بشار الأسد، ك "دون كيشوت"، بطل الرواية الاسبانية الشهيرة، يحارب ويقاتل طواحين الهواء متصورا أنهم أعداء له يقاتلهم.  فعلى أرض الواقع،  لا بد أن نلاحظ بأن الحكومة السورية لا تقاتل عدوا وهميا يتخيل لهم وجوده، كما الحال في رواية دون كيشوت. اذ أنهم يقاتلون من باب الردع لعمليات قتل شعبهم، عدوا حقيقيا ومتواجدا فعليا، ويقتل الشعب السوري بضربة تلو الأخرى، كما لمسنا اليوم وبالدليل الواضح في مدينة حمص، حيث استخدموا السيارات المفخخة (وأحيانا الأحزمة الناسفة) التي تقتل العشرات وأحيانا المئات من المدنيين.

فكيف يركز البعض على انتقاد الغارات السورية والبراميل المتفجرة التي تستهدف المعارضة المسلحة وخصوصا الارهابية منها، ولكنها تصيب أحيانا وبطريق الخطأ بعض المدنيين، ولا يتحدث اولئك، وخصوصا الرئيس أوباما (مثلا) عن التفجيرات بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، التي تسعى متعمدة لقتل المدنيين. فهي لا توضع في مواقع عسكرية ليقال بأنها تستهدف القوات السورية... أو حتى حلفاء السلطة السورية، بل توضع في مواقع مدنية كاملة الوضوح في مدنيتها، حيث وضعت سيارات اليوم المتفجرة على مداخل حي الأرمن وفي منطقة غالبية سكانها من السوريين العلويين؟

والأدهى من ذلك، أن هذه العمليات الارهابية تمعن متعمدة في استهداف عدد كبير من المدنيين، بكونها تلجأ لأسلوب التفجير المزدوج ، باستخدام سيارتين مفخختين في آن واحد (أو انتحاريين متزنرين باحزمة ناسفة في وقت واحد.. كما حدث سابقا في مواقع أخرى).  فالتفجير الأول يصيب بعض المواطنين. وعندما يتجمع السكان في موقع الانفجار لتقديم العون واسعاف المصابين، يتم التفجير الثاني ..أي اللاحق) في ذاك  التجمع الذي يصبح كبيرا، مما يلحق العدد الأكبر من الاصابات سواء بالقتل أو بالجرح بدرجات متفاوتة من الجروح.

وهنا تبلغ الجريمة ذروتها بالكم الهائل من الاصابات بين المدنيين، مقارنة ببعض الاصابات العفوية التي تلحق أحيانا ببعض المدنيين، بدون قصد ودون سعي لاستهدافهم لذاتهم، عندما تقصف الطائرات السورية أو الروسية بعض مواقع الارهابيين.

القتل نتيجة الخطأ العفوي،
والقتل المقصود نتيجة سبق التخطيط والتصميم


وهكذا نلاحظ أن عمليات القتل التي تنفذها المجموعات الارهابية ومجموعات المعارضة المسلحة، هي عمليات توصف بدون تردد بالعمليات الاجرامية التي تنفذ مع سبق الاصرار والتخطيط والتصميم، ويجري تدارسها لأيام قبل تنفيذها، لالحاق الضرر الأكبر ببنية سكان المنطقة المستهدفة.

وعملية هذا اليوم في مدينة حمص التي تقع في قلب جغرافية الجمهورية السورية، هي عملية التفجير السادس والتسعين في تلك المدينة منذ اندلاع العمليات القتالية في سوريا عام 2011، علما أن أربع تفجيرات أخرى قد وقعت أيضا منذ لحظات، في حي السيدة زينب بدمشق. وتمت هذه التفجيرات بأحزمة ناسفة، أي من قبل ما يوصف بانتحاريين يتوقعون الذهاب الى الجنة رغم ما قتلوا من مدنيين أبرياء.

ولذلك لا بد من التوقف طويلا عند هذه التفجيرات في حمص وتلك في دمشق، ويتوجب على منتقدي الرئيس بشار وما يوصف ببراميله المتفجرة، ألا يكتفوا بادانة هذا النوع من العمليات، بل ينبغي عليهم الاقدام على خطوات جدية لانهاء وجود أولئك الأغراب على الأراضي السورية.

فالرئيس بشار كما بدأ يتضح دون مجال لمزيد من التشكيك، ليس هو من يقتل شعبه كما يقول الرئيس أوباما، بل هو يقتل ويقاتل من يقتل شعبه، في مسعى لليحلولة دون تفاقم الخطر على هذا الشعب، اضافة الى تحجيم الضرر الذي يستهدف هذا الشعب الذي صمد طويلا في وجه غزاة قدم الكثير منهم من خارج هذا الوطن، مما يفسر توجههم نحو الحاق أكبر الضرر به وبأبنائه، خصوصا وأن الشعب المستهدف ليس شعبهم، ولا ينتمون له، بل هو الشعب السوري الذي لم يعرف في حياته الطائفية أو الاثنية، بحيث باتت طائفة المواطن السوري، شيعي أم سني كان، علوي أم درزي موحد كان، مسيحي أو علماني كان... هي "سوريا" مهما كان انتماؤه الطائفي.     

وهكذا لا بد أن نتوقف طويلا أمام هذه المذبحة الجديدة... مذبحة اليوم في حمص، ونضيء الشموع على قبور ضحاياها، سواء كانوا من العلويين، أو من الأرمن الذين ذاقوا الأمرين على يد الامبراطورية العثمانية القديمة، كما ذاقوا كأسا أكثر مرارة في حلب (حيث أقام الكثير من الأرمن)، نتيجة الدعم التسليحي والتدريبي الذي تقدمه للارهابيين، امبراطورية "أردوغان" العثمانية الجديدة التي تصر على ملاحقة الأرمن أينما كانوا، كما تصر على ملاحقة الأكراد أينما كانوا، خصوصا اذا كانوا من أكراد سوريا المتعاطفين مع أشقائهم الأكراد PKK  في تركيا.
==
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية THINK TANK                 
عضو مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب – برلين.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي – واشنطن.
كاتب في صفحات الحوار المتمدن  -  ص. مواضيع وأبحاث سياسية.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين - الصفحة الرسمية.
عضو في مجموعة مشاهير مصر.
عضو في مجموعة صوت اللاجئين الفلسطينيين.
عضو في مجموعات أخرى: عراقية، سورية، لبنانية، أردنية.
   
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter