الأقباط متحدون - البقرة الحكيمة والقط الكذّاب
أخر تحديث ٢٠:٢٨ | الأحد ٢١ فبراير ٢٠١٦ | ١٣أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٤٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

البقرة الحكيمة والقط الكذّاب

وكيف تتعامل مع الكذابين

( قصة تربوية طريفة )

للأديب والشاعرفايز البهجورى
      فى منزل أحد الفلاحين  كان يعيش كلب وحمار . و فى صباح كل يوم كان الكلب والحمار يرافقان الفلاح من بيته إلى حقله .
وفى المساء  يعودان  معا من الحقل إلى البيت.    
   ومع الوقت قامت صداقة قويّه بين الكلب والحمار.  وكان الكلب يحب الحمار . وكان الحمار يحب الكلب .
                       ***      

وفى أحد الأيام رآهما قط  لم تكن تربطه بالكلب أو بالحمار صداقة .
غاظه الحب الذى كان بينهما . وفكر فى أن يفسد صـداقتهما ويفرّق بينهما .
              ***

   وفى يوم من الأيام  قال القط للحمار فى غياب الكلب :
  ياعزيزى الحمار. إن الكلب يقول عنك كلاماً سخيفاً .
يقول إنك  حيوان غبى . وأن صوتك قبيح  .
دهش الحمار عندما سمع هذا الكلام  وغضب غضبا شديدا. ونهّق نهقة عالية . وضرب على الأرض برجله الأمامية اليمنى. وقــال : سوف أنتقم من هذا الكلب الوقح
                    ***

    ثم ذهب القط إلى الكلب  فى غياب الحمار وقــال له :
     ياعزيزى الكلب . لقد سمعت الحمار يقول عنك كلاماً  قبيحاً .
 يقول  أنك تعيش على العظام
 وتأكل لحوم الطيور الميتة  .    
  غضب الكلب من هذا الكلام غضباً شديدا وقرر أن ينتقم من الحمار إنتقاماً قاسياً
                     ***

  وفى منتصف الليل ذهب الكلب إلى زريبة الحمار . كان الحمار نائماً . هجم عليه الكلب  وأخذ يعضّه فى أذنيه  وفى رجليه  وفى أى مكان يصل إليه فمه .
                         ***

    قام الحمار من نومه مذعورا . وضرب الكلب برأسه  وقذفه بعيداً ، فإصطدم الكلب بحائط الزريبة .
ولما أراد أن يخرج من الباب   رفصه الحمار برجله الخلفية  رفصة قويّة كسرت فكه الأسفل ، فأخذ يتألم من ذلك ألماً شديداً . وذهب بعيدا عن زريبة الحمار.
***

أحست  " بقرة  "  فى الزريبة المجاورة بهذه المعركة  بين الحمار والكلب . قامت من نومها مفزوعة . وإتجهت إلى زريبة الحمار  لتعرف سبب ما حدث .
وسمعت الحكاية كلها . وفهمت سبب الخلاف بين الحمار والكلب .
                       ***  
                                                     
    وفى الصباح  ذهبت البقرة الى الكلب  وقالت له :  يا عزيزى الكلب . هل سمعت بأذنيك هذا الكلام من فم الحمار نفسه ؟
قال الكلب : لا . لم أسمعه بأذنىّ منه . لقد قال لى القط ذلك .
 قالت البقرة : إذن  أنت قد أخطأت خطأ كبيرا . كان يجب عليك أن تذهب أولاً إلى الحمار وتسأله . وتتأكد منه  . هل قال عنك هذا الكلام أم لا ؟
 فإذا كان قد قاله تعاتبه عليه .

 وإن لم يكن قد قاله تكتشف كذب القط عليك وتعاقبه .
 قال الكلب للبقرة : معك حق . لقد تسرعت فعلاً فيما فعلته .
                       ***

    ثم ذهبت البقرة بعد ذلك  الى الحمار وقالت له : وأنت يا صديقى الحمار.هل سمعت بأذنيك الطويلتين هذا الكلام الذى أغضبك من فم الكلب نفسه ؟
قال الحمار : لا . لم أسمعه منه هو . لقد حكاه لى القط .
قالت البقرة : أرى أنك قد أخطأت . كان يجب أن تذهب إلى الكلب وتعرف منه هل قال عنك هذا الكلام أم لا.
فإن كان قد قاله تعاتبه عليه وتلومه .
وإن لم يكن قد قاله تكتشف بنفسك كذب القط وتعاقبه .
                   ***

 خجل الحمار من هذا الكلام وقال لها : معك حق أيتها البقرة الحكيمة.
 كان يجب على أن أفعل ذلك أولاً .
   لقد أخطأت فعلاً فى تصديق القط قبل أن أتأكد من صحة ما قاله .                       
                          ***

سكتت البقرة الحكيمة  لحظة وقالت :
الإعتراف بالخطأ فضيلة . وحسناً فعلت - أنت والكلب - بإعتراف كل منكما بخطئه .
والأن دعونا نعرف الحقيقة .
سأذهب وأحضر الكلب الى هنا ليواجه كل منكما الآخر وتظهر الحقيقة
                   ***

     وذهبت البقرة الى الكلب وأحضرته   
   معها الى زريبة الحمار .
ثم نظرت البقرة للكلب وقالت له :
هل صحيح أيها الكلب العزيز أنك قلت عن الحمار فى غيابه
أنه " حيوان غبى  وأن صوته قبيح " ؟
 قال الكلب : أنا لم أقل هذا الكلام عن الحمار لا فى حضوره ولا فى غيابه.
                      ***

بعد ذلك سألت البقرة  الحمار وقالت له :
وأنت أيها الحمار الصديق . هل صحيح أنك قلت عن الكلب فى غيابه أنه " يأكل العظّام ولحوم الطيور الميتة " ؟.
قال الحمار : أنا لم أقل هذا الكلام لا فى حضور الكلب ولا فى غيابه .
                       ***

سكتت البقرة . وأخذت تنظر إلى الحمار مرة وإلى الكلب مرة أخرى ، ولم تعلّق على كلامهما بشىء .
ولكن الكلب كان يلهث من الغيظ والألم .
وكان الحمار أيضاً ينفر من الغيظ والألم
 
وقال الكلب للحمار.أنا آسف على ما  فعلت . لقد تسرعت فى ذلك
وتركهم وهو يتألم . ومضى وهو يقول : سوف أذهب الآن إلى القط ، وسوف أعاقبه على كذبه                           .                          
 وهز الحمار رأسه وقال للكلب :
وأنا أيضا آسف على ما فعلته لأنى صدّقت القط دون أن أتأكد من صحة كلامه.
ومضى وهو يعرج . وكان يقول :وأنا أيضاً سوف أذهب إلى القط الكذّاب .
وسأعلمه درساً فى الأخلاق لن ينساه .
 
ونظرت البقرة إليهما معاً وقالت :
هذا جزاء المتسرعين . جزاء من يصدّق كلاما دون أن يسمعه بنفسه من صاحبه . أو يتأكد من صحته .
    أما ما حدث للقط فقد كان درسا مفيدا له. أن لا يكذب مرة أخرى , وأن لا يتدخل فى شئون الآخرين .
وأضافت البقرة الحكيمة .

  فى يوم من الأيام عندما كنت " عجلة صغيرة " قامت مشاجرة بين أبى " العجل  أبيس "  وأمى " البقرة الحكيمة   برمهات " بسبب وشاية كاذبة من القرد " ميمون " قالها لأبى  ليفرق بينه وبين أمّى ،   بكلام من عنده لم يقله أى منهما .
وقتها سمعت أمى الحكيمة تقول لأبى:
ما تسمعه عنك منّى وعلى لسانى
أنا مسئولة عنه . وأتحمل تبعاته .
وما  يرويه لك الآ خرون عنك ..وعلى لسانى ،  وقد يكون لغرض فى نفوسهم ،
هم مسئولون عنه . وهم يتحملون تبعاته.
وليس من حقك أن تحاسبنى عليه ،
حتى لا أحاسبك على ما ينقله الىّ وعنّى أعداؤك  وعلى لسانك ، ولم تكن أنت قد فلته.
***

وبعد هذه الأحداث  ذهبت البقرة  إلى حظيرتها تستكمل نومها .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter