الأقباط متحدون - لهذه الأسباب.. هيكل أسطورة لن تتكرر !
أخر تحديث ٠٥:٠٥ | الخميس ١٨ فبراير ٢٠١٦ | ١٠أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٤٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لهذه الأسباب.. هيكل أسطورة لن تتكرر !

احمد رفعت
احمد رفعت

 ائتونا بمن حفظ القرآن وحفظ عشرة آلاف بيت من الشعر ويتحدث الإنجليزية بطلاقة.. ائتونا بمن حصل على شهادة متوسطة ثم يصبح أهم محرر في الجريدة الأجنبية الأولى في مصر.. ائتونا بمن تجده في قلب كل الأحداث الساخنة من قضية متهمات البغاء في مصر، والتي فضح من خلالها العلاقات السرية لكبار الساسة والوزراء، إلى انتشار الكوليرا في الصعيد وتغطيته من قرية "القرين" المصابة، والتي يفر منها الناس قبل الصحفيين، إلى تغطية الحرب العالمية المشتعلة في العلمين، إلى أحداثها المستعرة في مالطا وفرنسا ومنها إلى حرب فلسطين. 

 
ائتونا بمن التقى ألبرت آينشتاين ونهرو والخميني وميتران وسوكارنو وتيتو ومصدق وناتنج وجيفارا، وأغلب ملوك وزعماء ورؤساء ورؤساء حكومات العالم.. ائتونا بمن اختير رئيسا لتحرير أهم مجلة مصرية وهو دون الثلاثين، بعد صراع عليه من كبار الصحفيين وأصحاب المؤسسات الصحفية في مصر من روزاليوسف إلى التابعي.. ائتونا بمن تنفجر ثورة 23 يوليو ويتصل به رئيس تحريره من مصيفه بالإسكندرية ليسأله هل يعرف شيئا عما يجري فيبلغه أنه بنفسه مع الثوار أو الحكام الجدد في قلب قيادة الجيش.
 
ائتونا بمن عرضوا عليه رئاسة تحرير الأهرام، وقد تجاوز الثلاثين بقليل، ويرفض، ثم يقبل بعد ضغوط.. ائتونا بمن يحول الأهرام من مؤسسة خاسرة منهارة إلى واحدة من أكبر مؤسسات العالم.. ائتونا بمن يحول مؤسسة تصدر جريدة إلى مؤسسة تضم أهم مركز للأبحاث والدراسات ساهم عبر عقود في صياغة القرار السياسي المصري وتحيط به إصدرات للاقتصاد وللسياسة الدولية وغيرها وغيرها. 
 
ائتونا بمن صاغ أفكار أهم زعماء العرب - جمال عبد الناصر - في وثائقه الثلاث "فلسفة الثورة" و"الميثاق" و"بيان 30 مارس" ومعها خطبه وبياناته كأروع ما يكون.. ائتونا بصحفي يقول عنه رئيس البلاد إن "كل الصحفيين يسعون للحصول مني على الأخبار إلا هو.. يأتيني بها".
 
ائتونا بمن تُعرض عليه الوزارة ويتهرب، وتُعرض عليه ثانية ثم يتهرب، حتى يعرف نبأ تعيينه وزيرا من الإذاعة ليقبل أخيرا بالأمر الواقع لإصراره أن يكون صحفيا وحسب.. ائتونا بمن استكتب في الصحيفة التي يرأس تحريرها نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وعبدالرحمن الشرقاوي ولويس عوض والدكتور حسين فوزي ويوسف السباعي وإحسان عبدالقدوس وغيرهم وغيرهم، ويقدم مئات التلاميذ، تحولوا جميعا إلى أسماء كبيرة ولامعة.. ائتونا بمن يرفض قرار رئيس البلاد بتعيينه مستشارا له، ويقول: "إنه يملك أن يقيلني من الأهرام، لكن لا يملك أن يذهب بي إلى القصر الرئاسي".
 
ائتونا بمن يدرك مبكرا أن الصحافة المرئية والمسموعة هي مستقبل العمل الصحفي، فيبدأها مبكرا جدا وفي تليفزيونات عالمية.. ائتونا بمن كانت تجتمع له الجماهير من كل أنحاء الأرض في ندوته السنوية بمعرض الكتاب حتى ألغوها لتأثيرها الطاغي ولتأثير صاحبها العابر للقصور قبل الحدود.. ائتونا بمن كانت تترجم كتبه إلى إحدى وثلاثين لغة ويعاد نشر مقالاته في أكثر من مائة صحيفة حول العالم في وقت واحد.
 
ائتونا بمن كانت تحاسبه دور النشر بالكلمة، ويصدر الشيك بعدد كلمات كتبه.. ائتونا بمن كان يمتلك مائتين وخمسة وسبعين ألف وثيقة، بخلاف رسائل وقصاصات لزعماء العالم وعشرات الآلاف من الكتب.. ائتونا بمن كان زعماء العالم يستقبلونه يستحضرون عنده الحكمة والرأي والمشورة حتى بعد تركه لمواقعه بعشرات السنوات.
 
ائتونا بمن امتد به اللقاء مع حاكم عربي، هو الرئيس حافظ الأسد من نصف ساعة إلى ست ساعات كاملة، رغم منع الأطباء للرئيس الأسد من أي مجهود، وهكذا فعل معه رؤساء آخرون.. ائتونا بمن كان في ذاكرته وحضوره وطلاقته وانطلاقه.. ائتونا بمن لم تروه مرة واحدة إلا مبتسما، رغم أي تجريح وبالرغم من أي جراح ورغما عن أي مرارة.. ائتونا بمن يكتب بمثل عبارته ويصيغ في سلاسته وينحت بمثل تعبيراته.
 
ائتونا بكاتب واحد تنتهي كتبه بعشرات الوثائق والمستندات تؤكد صدقه وتثبت كلامه وتضعه للأبد في خانة الحقيقة.. ائتونا بمثله يهاجمه من لم يقرأ له وينتقده البعض بعيون خصومه وبما قبلوا به لغيره ويؤاخذونه بما لم يرتكبه ولا ذنب له فيه.. ائتونا برجل قرر مبكرا عدم الرد على منتقديه مهما بلغت انتقاداتهم وتجاوزت إلى حد الافتراء.. ائتونا برجل بقي وقد تجاوز التسعين ملء السمع والبصر ومحور جدال كبير ويتهم وهو يقترب من المائة بأنه يريد منصبا ونفوذا.. ائتونا برجل اجتمع له مثل لك.. وكل ذلك.. نقل لكم وقتها إنه أسطورة.. ربما تتكرر!!
 
الأستاذ شخص استثنائي، صنعته الموهبة وودفعته الصدفة، فساهم في صناعة التاريخ.
 
رحم الله أهم صحفي عرفته مهنة الصحافة.. منذ عرف العالم مهنة الصحافة!!
نقلا عن فيتو
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع