كتبت – أماني موسى
عائلة بطرس غالي أو العائلة البطرسية، هي أحد أهم وأبرز العائلات المصرية والقبطية التي لعبت دورًا مهمًا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمصر منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى مطلع الألفية الثالثة.
وتعد أوراق بطرس غالى أكثر الوثائق أهمية في تاريخ مصر الحديث نظرًا لكثرة الوظائف الهامة والحيوية التي شغلها في الحكومة المصرية، بدءًا من نظارة وزارة الخارجية والحقانية عدة مرات، ثم رئيس الوزراء في سنة 1908 إلى أن تم اغتياله سنة 1910، وكذلك أولاده نجيب بك غالى، واصف بطرس غالى، وأيضًا أحفاده.
من هي تلك العائلة البطرسية التي ساهمت في صنع القرار بمصر على مدار عقود، بدءًا من غالي بك نيروز إلى بطرس بطرس غالي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، الذي وافتهُ المنيّة، أمس، عن عمر يناهز الـ94 عامًا.
بطرس نيروز غالي رئيس وزراء مصر من 12 نوفمبر 1908 إلى 1910
وُلد بطرس غالي نيروز، في قرية الميمون بمحافظة بني سويف، في 15 مايو 1846، تلقى تعليمه الأول بأحد كتاتيب القرية، وبعدها ذهب إلى القارة ليلتحق بمدرسة حارة السقايين، وهناك تلقى مبادئ اللغات الثلاث العربية والفرنسية والقبطية، كما تعلم الفارسية والتركية فيما بعد.
وكان والده نيروز غالي، ناظرًا للدائرة السنية لشقيق الخديوي إسماعيل في الصعيد.
بعد تخرجه عين مدرس براتب 700 قرش، ثم سافر إلى أوربا لإتمام دراسته، وعاد ليعمل في مجلس التجارة بالإسكندرية، وأخذ يترقى إلى أن صار رئيسًا لكتاب المجلس.
وحين ألتقاه محمد شريف باشا، ناظر الداخلية في ذلك الوقت، أنبهر بذلك الشاب الذي يتقن عدة لغات ودرس بالخارج، وعينه رئيسًا لكتاب نظارة الحقانية، تدرج بطرس بالمناصب حتى تعرف على نوبار باشا، رئيس النظار "رئيس الوزراء"، الذي منحه رتبة البكوية، تقديرًا لدوره كعضو في لجنة توصية الديون أيام الأزمة المالية في عهد الخديوي إسماعيل.
وتوقع له المندوب الإنجليزي في اللجنة أن يكون ناظرًا للمالية يومًا مًا، وقد كان، حيث عين ناظرًا للمالية في نظارة (وزارة) حسين فخري الأولى في الفترة من 15 يناير 1893، ثم ناظرًا للخارجية في نظارة نوبار باشا الثالثة.
وعين رئيس وزراء عام 1908، وكان أول رئيس وزراء من خارج الطبقة الأرستقراطية التُركية.
وتولى ابنان له الوزارة، هما نجيب غالي وواصف غالي، كما تولى ثلاثة من أحفاده الوزارة أيضًا وهم: ميريت غالي وبطرس بطرس غالي ويوسف بطرس غالي.
رئيس محكمة دنشواي بالإنابة عن ناظر الحقانية
ترأس بطرس غالي محاكمة دنشواي باعتباره قائمًا بأعمال نظارة الحقانية في (23 نوفمبر 1906م)، التي مات فيها جندي إنجليزي نتيجة الإصابة بضربة شمس، وقضت المحكمة آنذاك بالإعدام شنقًا لأربعة من الأهالي، وبالأشغال الشاقة مددًا مختلفة لعدد آخر، وبالجلد خمسين جلدة على آخرين، وتم تنفيذ الأحكام بعد محاكمة استمرت ثلاثة أيام.
إصدار قانون المطبوعات
أصدر أول قانون للمطبوعات في مصر في 26 نوفمبر 1881م، بهدف الرقابة على الصحف والإعلام، خاصة بعد حالة السخط التي أنتابت الشعب من حكم حادثة دنشواي.
كما طرح فكرة تمديد امتياز قناة السويس، لمدة أربعين عامًا أخرى، مقابل مبلغ من المال تدفعه الشركة صاحبة الامتياز إلى الحكومة المصرية.
اغتيال بطرس غالى باشا
قام إبراهيم ناصف الورداني عضو الحزب الوطني باغتيال بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهرًا يوم 20 فبراير 1910م، حيث أطلق عليه الورداني ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته.
وبالقبض عليه أعرب عن فرحته بقتل "غالي" قائلاً: "رجل غير وطني وأنا مش نادم على فعلتي".
"نجيب" الابن الأكبر لبطرس غالي
نجيب بطرس غالى هو الابن الأكبر لبطرس غالي، ولد في 1873 - 1933)، تعلم الحقوق في فرنسا، تم تعيينه في وظيفة مساعد نائب في المحاكم المختلطة، ونقل لنظارة الخارجية.
وعينه الخديوي عباس حلمي الثاني، وكيل نظارة الخارجية قبل الحرب العالمية الأولى، وأستمر لمدة 10 سنوات حتى تقدم باستقالته مع وزارة حسين باشا رشدي في إطار أزمته مع الحكومة البريطانية التي رفضت رفع الحماية البريطانية.
واصف بطرس غالي.. وزير الخارجية لخمس مرات
واصف بطرس غالي ولد بالفجالة، في القاهرة في 14 أبريل 1878، وهو الابن الثاني لبطرس غالي رئيس وزراء مصر (١٩٠٨-١٩١٠)، تعلم في مدرسة الجزويت بالقاهرة، وحصل على ليسانس الحقوق من فرنسا عام ١٩٠٤، وبعد عودته من باريس عمل بالمحاماة.
كان حريصًا على الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط، إذ أعلن عقب اغتيال والده عام ١٩١٠ أنه حادث فردي ولأسباب سياسية وليس طائفية، ولذلك شجب فكرة عقد مؤتمر قبطي عام ١٩١١، والذي رفضه من قبل والده بطرس غالي قبل اغتياله.
وقد رشحه الأقباط لعضوية الوفد برئاسة سعد زغلول للمطالبة باستقلال مصر، وكان أول قبطي ينضم إلى الوفد المصري.
اختير وزيرًا للخارجية خمس مرات في حكومة سعد زغلول ومصطفى النحاس.
وبعد تاريخ طويل من العمل السياسي، اعتزل واصف السياسة، ثم عاد بعضوية مجلس الشيوخ عن الوفد، والتي انتهت بالاستقالة بعد حريق القاهرة، واعتذر عن نظارة الخارجية في حكومة على باشا ماهر، قائلاً: "البلاد أصبحت مريضة بدرجة كافية وعلاجها ليس عند عجوز وصل لسني".
راغب باشا غالي والد بطرس بطرس غالي
لم يدخل راغب عالم السياسة تأثرًا بحادث اغتيال والده، وأهتم باقتصاد عائلته وتنميته، تزوج من صوفي شاروبيم، ابنة المؤرخ ميخائيل شاروبيم، وأنجبا الصبي بطرس يوسف بطرس غالي، الذي أصبح فيما بعد أول أمين عام عربي للأمم المتحدة.
بطرس بطرس غالي أول مصري يشغل منصب أمين للأمم المتحدة
ولد بطرس بطرس غالي، 14 نوفمبر 1922، وفي عام 1946، أنهى دراسته الجامعية، ثم حصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي، من جامعة باريس عام 1949، وعمل بعد ذلك في تدريس القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة القاهرة وجامعات أخرى حول العالم.
ألف عدة كتب بالعربية والفرنسية، وكان أول مصري يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة لولاية واحدة مدة خمس سنوات، وخرج منها في الفترة الثانية بسبب استخدام أمريكا حق الفيتو في الإطاحة به.