الأقباط متحدون | ما الخطأ الذى ارتكبه الأنبا بيشوى؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٥٨ | الاثنين ٢٥ اكتوبر ٢٠١٠ | ١٥ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٨٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

ما الخطأ الذى ارتكبه الأنبا بيشوى؟

الاثنين ٢٥ اكتوبر ٢٠١٠ - ٢٩: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: حنا حنا المحامي
     أمام منزلى نافوره مياه.  أتى أحد الصبيه الاشقياء وجمع بعضا من هذه المياه وذهب بها إلى منزله.  حيث أنه من المعروف أن المياه عباره عن اتحاد أكسجين بالهيدروجين, فقد عرف شقيقه الاكبر أن يفصل العنصرين عن بعض.  ثم جمع الهيدروجين وصنع منها قنبله هيدروجينيه ودمر بها أحد الاحياء.
     ما هى مسئوليتى؟

     أهديت أحد أصدقائى بضعة تفاحات, وإذ بأحد أبنائه أخذ أحداها ووضع فيها سمّا.  تناول أحد الضيوف هذه التفاحه ثم توفى على أثرها.
     ما هى مسئوليتى؟

     أهديت أحد الاصدقاء علبة شيكولاته.  فتحها المضيف وتركها على الارض.  إذ بطفله الذى يحبو أخذ أحداها وبلعها فوقفت فى حلقه فاختنق ومات.
     ما هى مسئوليتى؟
 
    والامثله لا تقع تحت حصر, وأكتفى بتلك الامثله الثلاثه.  وهى تمثل تماما الاثار التى ترتبت على أقوال الانبا بيشوى.  وهذا يقودنا إلى الاقوال التى تفوه بها والتى أخذت تكئه لتفجر ما فى النفوس من مرض وحقد والجينات الوراثيه التى تسعى إلى الجريمه.

     من هنا يتعين أن نحلل الاقوال التى تفوه بها الانبا بيشوى لنبحث عما إذا كانت الآثار الغوغائيه التى ارتكبها الغوغاء يمكن أن تكون نتيجه طبيعيه ومباشره لتلك الجرائم الاجتماعيه التى ارتكبت من هؤلاء الغوغاء.

     أول تلك الاخطاء أن الانبا بيشوى قال "موضوع ألوهية المسيح ربما تكون قد تحرفت عند كتابة القرآن"  ما هو الخطأ أو الجريمه التى يتضمنها هذا القول؟  وفى هذا الخصوص أكرر ما سبق ذكره للنائب العام ردا على الشكاوى التى قدمت من الساده المحامين ضد الانبا بيشوى. 

     لم يكتب القرآن إلا بعد أربعه وعشرين عاما بعد وفاة نبى الاسلام, وذلك فى عهذ عثمان بن عفان.  ويقول موقع الاسلام الالكترونى إن عثمان بن عفان رأى ضرورة كتابة القرآن لان أغلب حفظة القرآن كانوا قد قتلوا فى  حرب الرده.  وهنا بدأت المشاكل حتى أن أم المؤمنين عائشه حرضت على قتل عثمان بن عفان وقالت "إقتلوا نعثلا" وفعلا قد قتل عثمان بن عفان نتيجه لتحريض عائشه وظل دون دفن لبضعة أيام ثم دفن فى غير مدافن المسلمين.

     ولما كان القصور البشرى من شأنه أن يؤدى إلى النسيان أو الخلط, من هنا تساءل الانبا بيشوى (مجرد تساؤل) إن القرآن فى هذه الجزئيه ربما يكون قد تحرف أو قد تغير.

     النتيجه الطبيعيه لمثل هذا القول, هو شرح الملابسات أو الظروف أو العوامل سواء كانت الارضيه أو السمائيه, البشريه أو الالهيه, التى تثبت صحة هذا القول أو الخطأ الذى ينطوى عليه.  وهذا هو النتيجه الطبيعيه لمقارعة الرأى بالرأى والحجه بالحجه والمنطق بالمنطق.  ولكن لا يمكن أن يتصور أحد أن مثل هذا القول يترتب عليه مثل هذه الغوغائيه الفجه بل والاجراميه.  ذلك أن ما ارتكبه الغوغاء من تهديد ووعيد وصراخ وعواء وأافاظ نابيه تدل جميعا على أن المستوى الاخلاقى فى مصر قد وصل إلى الحضيض بل أدنى من ذلك مما يدل على أن النزعه إلى الجريمه باتت الرائده والقائده.  والادهى والامر أن الدوله سمحت بتلك السوءات أمام العالم على مدى ما ينوف على  العشر مظاهرات. 

     من هذا يتبين أن علاقة السببيه المباشره التى تربط أقوال الانبا بيشوى بالغوغائيه التى حدثت  ما هى إلا تنفيس عما يجيش فى النفوس من حقد وبغضاء وشرور رعناء.  والانبا بيشوى مسئول فقط عن المجرى العادى من الامور وليس مسئولا عما يجيش فى النفوس من حقد وشر غير عادى بل وشاذ.

     وهذا مثال آخر:  إذا افترضنا أن الانبا بيشوى كان يركب سياره ووقف عند الاشاره, فى تلك اللحظه جرى طفل بشئ من الرعونه واصطدم بالسياره وهى واقفه, أصيب الطفل إصابة طفيفه, مع ذلك حمله الناس إلى المستشفى, فى المستشفى أسقته الممرضه دواء بالخطأ توفى على أثره.  ماهو خطأ الانبا بيشوى؟  هذا تماما ما حدث.  ولله فى خلقه شئون, ولكن كل شئ ممكن فى مصر على الاقل فى ظل النظام القائم.  وسنعود لهذا بعد قليل.

     المقوله الاخرى التى ارتكبها الانبا بيشوى هى قوله: "المسلمون ضيوف عندنا".  وقد عبر بعض الساده المحامين عن هذا العباره بأنها عرض لكى يرحلوا.  وطبعا هذا تأويل لا يحتمله النص.

     على أى حال يجب أن يدرك الجميع مسلمون ومسيحيون سنه وشيعه أرثوذوكس وكاثوليك وبروتوستانت وسيخ وهنود وبوذيون .... الى آخر هذه الملل والاديان والجنسيات, أن الحقيقه ملك للتاريخ والتاريخ ملك للأجيال.  وأى تحريف للحقيقه هى اعتداء على التاريخ واعتداء على حق الاجيال فى معرفة الحقيقه.

     لذلك يتعين أن ندرك فى أيجاز تام أن العرب الغزاه قد غزوا مصر تحت ستار الاسلام, وأن الجزيه التى كانوا يجمعونها من الاقباط كانت تذهب إلى الخلفاء الذين كانوا يتمتعون بالغيد الحسان والليالى الحمراء وليس أدل على ذلك من هارون الرشيد فالجميع يعرف لياليه وسهراته.
وتحت ظل الجزيه أو الاسلام أو القتل اعتنق الكثير من المصريين الدين الاسلامى.  هذا هو التاريخ الذى درسناه فى المدارس من قبل قيام الثوره المباركه.  كما أن هناك الكثير أيضا من المصريين اعتنقوا الدين الاسلامى تخلصا من الجزيه والمظالم الاخرى. 

     معنى ذلك أنه ما لا يقل عن 80% من المصريين الحاليين سواء كانوا مسلمين أو أقباطا هم مصريون أصلاء.  أما ما بقى الذى يمثل على الاكثر 20% فهم إما عثمانيون أو أكراد أو دروز ... إلخ.  هؤلاء الاخارى هم غير المصريبن الاصلاء.  ويتعين أن ندرك أن هذه مسأله تاريخيه بحت.  ويحكى عنها التاريخ الحقيقى, وهذا هو ما درسه جيلنا فى المدارس قبل بزوغ نور الثوره المباركه.  ولكن روح التعصب والرغبه فى تجميل أو تشويه الحقيقه هى التى دفعت إلى تحريف الحقيقه. 

     وفى هذا الخصوص تساءل استاذنا السيد القمنى, "بعد ما أسلمنا ما مشيتوش ليه؟".  وهذه هى الحقيقه, أن الاستعمار العربى الذى كان أسوأ استعمار عرفته مصر هو الذى أساء إلى كل القيم تحت ستار الدين.  ولم يكن الغرض الحقيقى إلا الاستيلاء على ثروات البلاد.  وقد استقت الشعوب المقهوره من العرب روح الكراهيه والعداء بين أفراد الوطن الواحد وذلك أيضا تحت ستار الاسلام.  وبذلك خلطوا السياسه اللاأخلاقيه بالاسلام حتى يقول الجميع "آمـــــــين" وبذلك ثبتوا الاعتقاد أن الاعتراض على القيم الفاسده أوالانقسام الداخلى هو نوع من الكفر والتنكر للقيم السمائيه, بينما السمائيات براء من تلك القيم المزعومه والفاسده.

     لذلك يتعين أن ننظر إلى الامر بروح الثقافه والمعرفه وليس بروح البغضاء والتحريف والكراهيه والعنف.

     على ذلك حين يقول الانبا بيشوى أنهم ضيوف عندنا معنى ذلك أن لا يجوز أن يعتدوا بسبب وبغير سبب على المصريين الاصليين.  ويتعين أن نلاحظ أن الانبا بيشوى لم يقل "عليهم أن يرحلوا" كما فعل العوا.  وأضيف أن هؤلاء الضيوف يتعين عليهم أن يؤدوا واجب الضيافه ولا يساهموا فى الاعتداء على السلم الاجتماعى.  وإذا لم يلتزموا فهم لا يزالوا ضيوفا بل هم ضيوف ثقلاء.                 مرة أخرى هذا هو التاريخ ..... التاريخ غير المحرف.

     على ذلك يتعين دون أدنى خيار أن يتعامل كل المصريين بغض النظر عن أصولهم أو هويتهم أو ديانتهم أن يكونوا أعضاء فى جسد واحد هو "مصـــــــــر".

     ولا يفوتنى قبل نهاية هذا المقال أن أنوه بدور الدوله إزاء تلك النزاعات الطائفيه التى تثار من آن وأخر بل تحركها الدوله نفسها ويكون دائما الضحايا هم الاقباط.

     لا أتصور أن الحكومه عاجزه عن قمع تلك النزاعات والعداوات والمشاجرات سواء كانت المسلحه ام غير المسلحه, ولا أتصور أن تلك المنازعات تصب فى مصلحة الوطن.  إن إى عاقل لا يمكن أن يتصور هذا.  إذن ما معنى سكوت السلطات والامن أمام تلك الاعتداءات؟

     يقال إن الشعب المصرى إذا عاش فى سلام فإنه سوف ينقض على الحاكم, أو على الاقل هذه هى العقيده الراسخه فى ذهن النظام.  والنظام فى ذلك يعتنق سياسه مآلها حتما إلى الفشل مهما طال الامد.  ذلك أن النظام بدلا من اعتناق مبدأ القمع, وهى سياسه قصيرة الاجل وسهلة التطبيق أمام شعب مطحون من الظلم والاستبداد, يكون بذلك قد اختط سياسة قصيرة الاجل وإن كانت سهله فى ظاهرها.  ذلك أن أغلب الشعب إما جاهل أو غير مثقف.  وسرعان ما تؤتى سياسة القمع بأثرها.  ولكن فى حقيقة الامر هى سياسه موقوته مهما طالت مدتها. 

     ذلك أن السياسه الصحيحه هى سياسة تثقيف الشعب وتدريبه على ممارسة حقه فى الحريه دون تطرف أو انحراف.  إلا أن هذه السياسه وإن كانت ناجعه, إلا أنها تحتاج إلى أمد طويل.  لذلك يختار النظام الطريق الاسهل وهو طريق القمع أو على الاقل هذا هوالطريق الذى اختطه الدوله منذ قيام الثوره.

     على ذلك يصبح السلام الاجتماعى مقترن بثقافة الشعب ثقافة تخلو من أى تضليل أو ضلال.

     ولكن هناك حقيقة أخرى يتعين أن تؤخذ فى الاعتبار, وهى حالة الفساد التى استشرت فى البلاد فى كل مناحى الحياه.  هذا الفساد يتعارض تعارضا مطلقا مع الثقافه بل والحريه وأيضا مع السلام الاجتماعى.  فإذا كان الفساد بكل مناحيه هو السائد, وكان الشعب يتمتع بالثقافه والسلام الاجتماعى, فلا شك أن كل أنواع الفساد لن تجد لها مجالا فى كل الانشطه السياسيه والاقتصاديه على وجه العموم ودون استثناء بل ربما القضاء.  ذلك أن المنازعات الاجتماعيه والتفرقه العنصريه بين فئات الشعب هى التى تشغل الشعب عن الفساد القائم وهذا هوا لمراد "من رب العباد". 

     ذلك أن الاغلبيه العدديه مسلمه.  وباطلاق المسلمين على النحو الغوغائى الذى تمت به المظاهرات فإن النظام يعطى المسلمين الفرصه للتنفيس عما يجيش فى نفوسهم من سخط وغضب تجاه النظام الراهن.  هذا من ناحيه, من ناحية أخرى إعطاء الفرصه للغوغاء للتظاهر على هذا النحو الهمجى يعطى الفرصه للنظام بأن يحصل على رضا هذه الاغلبيه لانه يكون قد نجح فى أن يغذى روح التعصب والتفرقه التى أصبحت سائده بين الجهله وأنصاف المتعلمين.

     كذلك, فإن النظام وإن كان قد أطلق العنان للغوغاء, إلا أن الاقباط لم يصابوا بأذى جسمانى مثل القتل أو الذبح, أو التدمير للمتلكات, وهذا الوضع هو الذى يشعر المسيحيين بأنهم لن يستغنوا عن حماية النظام.  بذلك يضمن أصوات المسيحيين.

     من هذا يتبين أن إطلاق روح الغوغاء والتفرقه هى التى تحمى النظام دون جهد أو خطه أو عمل مضنى.  ذلك أن السلام الاجتماعى سوف يجعل الشعب بكل طوائفه يركز على الفساد وسوف يطالب بالحساب ومن أين لك هذا.  وهذه جميعا مطالب ديمقراطيه تتعارض مع بفاء الفساد الذى يستفيد منه المنتفعون, كما أنها – وهذا هو الاهم – تتعارض مع سياسة تأبيد الحكم, وهذا هو ما يعرف بسياسة "فرق تسد", تلك السياسه التى مآلها أن ينقلب السحر على الساحر.

     وهذا هو بيت القصيد.  لذلك فإنى أنادى الساده والسيدات المواطنين مسلمين وأقباط ألا يألوا جهدا لرأب الصدع الخطير الذى أصاب مصر وأن يتعاونوا فى تضافر وتعاون وأن يضعوا أيديهم فى أيدى البعض من أجل مصر ومصلحة مصر وسمعة مصر بل ولا أغالى إن قلت من أجل مصلحة الشعب نفسه.

     ولكن ..... هل سيسمح النظام بتحقيق ذلك الحلم؟    لست متفائلا.

     أما موضوع كلمة بريئه أو كلمه تنتسب إلى الحقيقه قالها الانبا بيشوى فهى لا يمكن أن تكون السبب المباشر لكل هذه المهازل التى جعلتنا أمثوله بين شعوب العالم.  ولذلك فإنى أختلف اختلافا جوهريا مع كل من قام بالهجوم على نيافة الانبا بيشوى, وذلك ببساطه لانتفاء علاقة السببيه بين قولته وبين الافعال الرهيبه والغوغائيه التى حدثت أو بمعنى أدق لعدم التناسب المطلق بين ما قاله وبين ما حدث. 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :