الأقباط متحدون - الديانـة مـصــري
أخر تحديث ٠٣:٥٣ | الأحد ١٤ فبراير ٢٠١٦ | ٦أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٣٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الديانـة مـصــري


 بقلم دكتور رؤوف هندي
 الديانـة مصريُُ عبارة كنت أتمنى أن يتضمنها الدستور فهي تختصر وتعبّرعن تاريخ وهوية وطن يزيد عن سبعة آلاف سنة وهذه هي الهويّة المصرية الحقيقية وأعني الهويّة الوطنية وليست الهوية الدينية هوية تاريخ وحضارة عريقة أمتدت عبر آلاف السنين.

 نشأت على ضفتي النهرالخالد ولا أبالغ حين أقول ان مصرية كل واحد فينا تسبق ديانته لكوننا جميعا من خلال أجدادنا المصريين في الأصل قبل أن نكون أصحاب ديانات ثلاثة نصَّ عليها الدستورالمصري وخيّرالقانون المواطن المصري في إختيارواحدة منها لتكون هويته الدينية في الأوراق الحكومية للدولة ضاربا عرض الحائط بأن هناك في العالم أديان أخرى ومعتقدات شتّى اكـثرإنتشارا من الديانات الثلاثة المنصوص عليها في الدستوروالتي لايمثل تابعوها غير 49 في المئة من أهل الاديان الاخرى وهذا معناه ببساطة أننا في حالة خصام وتنافـر وعـدم اعـتراف بأكثرمن نصف سكان العالم وهذا في علم الإجتماع السياسي كارثة بكل المقاييس فكيف لاتعترف بهوية الآخروفي ذات الوقت تطلب من العالم أن يعترف بك ويحترم معتقداتك ويتعاون معك ويستثمرفي بلدك! بكل المعاييروالمقاييس هناك تناقـض وتضارب في فكرنا ورؤيتنا وغاب عن المسئولين أن الدستورعـقد إجتماعي بين الدولـةوالمواطن وليس عقد ديني تختار فيه الدولة أديان ومعتقدات لمواطنيها فهذه ليست وظيفة الدولة بل العكس تماما فإن  وظيفة الدولة الرئيسية هو حماية حرية الفكر والمعتقـد لكل مواطن والغريب والعجيب أن هذا منصوص عليه في دستور 2014الذي توافق عليه الشعب فالمادة (64) تبدأ بعبارة (حرية العقيدة مطلقة.)وكنت أتمنى أن تكون مادة مستقـلة بذاتها وغـيرمصحوبة بحريـة ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الاديان السماوية والسؤال الذي يطرح نفسه الآن مالمقصود بالأديان السماوية ؟ من وجهة نظر الدستورالمصري هي ثلاثة فـقط (اليهودية والمسيحـية والإسلام) علي الرغم أن اليهودية كديانة لاتعـترف بالمسيحية أو الإسلام كـاأديان سماوية والمسيحية تعترف باليهوديةوكتاب العهد القديم ولكنها لاتعترف بالإسلام! وهذا المصطلح (الاديان السماوية) مثير للجدل هومن إختراع أهل الشرق ولكن في الامم المتحدة والـمواثيق والعهود الدولية يتم تناول مصطلح (الأديان العالمية والحضارات الروحية)إحتراما وتقديرا لكل معتقد ولكل اهل دين في العالم ولكل أديان البشر بدون تمييز أوتفريق لأن حرية العقيدة مطلقة وهذا مانص عليه الدستورالمصري ولكن حين ضاع

وتاه المعنى وتلاشى المضمون باتت الدولة في مشكلة حقيقية مع كل  معتقدات العالم الأخرى واصطدمت بكل شدة مع المواثيق والعهودالدولية فالعقيدة في اللغةهي كل ماعُقِدَ في النفس ويصعب فكه هي قناعات معيّنة في قلب وفكرالإنسان يصعب فكها وتكون أكثررسوخا من مجرد فكرة أورأي أووجهة نظروالعـقيدة ليست بالضرورةأن تكون دينا ولكن كل قناعات الإنسان التي يصعب فكهاهي عقيدة وحرية إختيارالمعتقد ليس مرهونا بصحة أوخطأ هذا المعتقد من وجهة نظر رجال الدين أو بعدد معـتنقـيه فالإنسان قـيمة في ذاته وهو أعظم الأرقام في معادلة الوجود وله مطلق الحرية في إختيارمعتقده وفكره ومن هنا كان تأكيد المواثيق والعهود الدولية المعنية بحقـوق الإنسان على ضـرورة حـرية العـقـيدة التي هي حرية إنسانـية خالصة.

 يولـد جـميع الناس أحرارا ..أما قمة التناقـض والعجب مع مفهوم(فـقط ثلاثة ديانات نعـترف بها) فتراه في المادة(65) والتي تنص على(حرية الفكروالرأي مكفولة.ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أوالتصويرأوغير ذلك من وسائل التعبير والنشر) فـكيف لمواطن بهائي مثلا يريد إستخراج اوراق حكومية وطبقا للدستور فله حق التعبيرعن ديانته بالقول أو الكتابة ويُفاجأ وطبقا لنفس الدستور بمنعه أورفـض طلبه ! كيف لمستثمر كوري أو صيني بـوزي الديانة والبوزية بالمناسبة الدين الاكثرانتشارا وعددا في العالم وهي من الاديان العالميةالتي تعترف بها الامم المتحدة وإحدى الحضارات الروحية التي أثْرت العالم الإنساني فـكيف للبوزي المقيم بمصر بصفه مستثمرويريد أن يمارس شعائره الدينـية كحق إنساني أصيل أن نقول له ( لأ معلش فوت علينا بكرة ممارسة الشعائـر الدينية لأصحاب الديانات السماوية الثلاثة) فهل هذا منطق عقلاني يتماشى ويتناغم مع ماوصل إليه العالم الإنساني من مفاهيم تحث على التعايـش وقـبول الآخر والتسامح !؟ من أجل مصر الغالية ومن أجل المحافظة عـلى صورتها الحضارية إبحثوا عن حلول تحفـظ حق كل إنسان في التعبير عن معتـقده (فالحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لاتمس المادة 54 من الدستور).

إبحثوا عن حلول تـرّسخ لـمبدأ الـمساواة وعدم التمييز بسب الدين أو المعتقد أو الجنس أو اللون . إبحثوا عن حلول تـتسق مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركنا في صياغته ووافقنا عليه كما أتي في ديباجة الدستور والديباجة جزء من الدستور. الهوية المصرية والتي سبقت جميع الأديان التي وردت في الدستورهي الأبقى والاكثر شمولا وتحقيقا للعدالةوهذاليس إقلالا من شأن الأديان ولكن الديانة مواطن مصري تحقق المساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييـز.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع