الأقباط متحدون - ليس دفاعاً عن المرأة الصعيدية.. ولكن!
أخر تحديث ٠٥:٤٥ | السبت ١٣ فبراير ٢٠١٦ | ٥أمشير ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٣٧ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ليس دفاعاً عن المرأة الصعيدية.. ولكن!

مصطفى بكرى
مصطفى بكرى

 فوجئ الرأى العام مؤخراً بانتشار مقطع «فيديو» يسب فيه أحد الأشخاص، المرأة المصرية، وتحديداً المرأة الصعيدية، ويتهمها بالانحراف الأخلاقى، بنسبة قد تصل إلى 45٪ من مجموع نساء الصعيد.

 
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل راح يتهم فى حوار له على إحدى القنوات الفضائية واسعة الانتشار زوجات المصريين العاملين بالخارج، بأنهن لسن أقل انحرافاً، ولكنهن دائماً فى حاجة إلى من يدفعهن إلى هذا الانحراف.
 
انتشر «الفيديو» كالنار فى الهشيم، فانتفض رجال وسيدات الصعيد، دفاعاً عن الشرف والأعراض والكرامة، وانتقلت حالة الغضب سريعاً إلى العاملين المصريين فى الخارج، الذين راحوا يعبرون عن سخطهم وغضبهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، والتهديد بالثأر من كل من يمس شرفهم وعرضهم.
 
وسادت البلاد حالة من الذهول، وتساءل الناس كيف وصلت الجرأة بأحد الأشخاص ليسب النساء فى أعراضهن، ويهيل الثرى على كرامة الرجال، ويطلق الاتهامات على عواهنها، وإنما الهدف هو التحقير، والإثارة فى واحدة من أكثر القضايا التى من شأنها إشاعة الفتنة بين الناس.
 
إن السؤال الذى يطرح نفسه هنا، هل كان الأمر مجرد «هرطقة» إعلامية، أو كلام صادر دون وعى بالمسئولية، أم أن القضية أكبر من ذلك، وأخطر من مجرد كلمات غير منضبطة ترددت على شاشة إحدى الفضائيات فى إطار حوار يجرى فيه الحديث عن مشاكل «المتزوجين».
 
إن هذا الشخص الذى تعمد الإساءة والطعن فى أعراض نساء الصعيد، وحدد أسماء عدد من المحافظات، التى بدأها بمحافظة المنيا وانتهى بمحافظة أسوان، هى من أكثر المناطق عرضة للاستهداف وإثارة الفتنة على أراضيها، تارة بالإرهاب، وتارة بالإساءة والنكات، وتارة أخرى بإثارة الفتن الطائفية والقبلية والعرقية إلا أن كل ذلك لم يُجد.
 
فى هذه المرحلة التى تتعرض فيها البلاد لمؤامرات عديدة، وتتنوع فيها الحروب، لتصل إلى حروب الجيلين الرابع والخامس وغيرهما، كان الرهان على الفتنة هذه المرة من منطلق الطعن فى الأعراض وإهانة الشرف.
 
يعرف رواد الفتنة، والأيدى التى تعبث فى الخفاء، أن قضية الأعراض فى الصعيد تحديداً لها خصوصية، تدفع إلى اندلاع المعارك، وإشعال النيران، بما يؤدى إلى ارتكاب جرائم القتل والعنف فى مواجهة كل من يحاول الطعن فيها أو الإساءة للنساء بما يجلب العار على العائلة أو القبيلة.
 
وليس سراً أن أبناء «الصعيد» لديهم هاجس كبير أنهم يتعرضون للتهميش منذ زمن طويل، وأن هناك من يحاول استغلال ذلك فى إثارة المشاعر المكبوتة واستخدام كل أساليب التحريض بهدف إشعار الصعايدة بما يمكن تسميته بعقدة «الاضطهاد».
 
وبالرغم من أن ذلك هدف استعمارى منذ زمن طويل، إلا أن أبناء الصعيد تجاوزوا ذلك، وأدركوا حقيقة المخطط الذى تقوده دوائر «معادية» راهنت على الفتنة والتقسيم، لكن وعى الصعايدة كان هو العامل الأساسى فى إجهاض تلك المخططات، وكشف أدواتها.
 
وحتى عندما راح تنظيم «داعش» يتحدث عن «ولاية الصعيد» ويدفع ببعض عناصره إلى صحراء أسيوط كان أبناء الصعيد أول من أجهض المخطط ودحر المؤامرة، حيث استطاع الصعايدة مطاردة الإرهابيين والفكر التكفيرى الذى لم يجد أرضية صالحة للاستمرار والانتشار.
 
وفى فترات الأزمة، والفوضى، التى سادت مصر فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير، كان أبناء الصعيد أكثر حرصاً على مؤسسات الدولة المختلفة، فحافظوا عليها، ورفضوا الانقياد وراء الشعارات الكاذبة التى استهدفت هذه المؤسسات، وكانوا عوناً للجيش والشرطة فى الحفاظ على الأمن والاستقرار.
 
وفى هذه المرة جاءت الطعنة الغادرة، مستهدفة إثارة الفتنة، وإحداث القلاقل وسيادة الفوضى والتحريض على العنف والشعور بالدونية والاستهداف، فراح هذا الشخص الذى لا يكف عن الإساءة للمرأة المصرية والتحقير من شأنها على صفحات «الفيس بوك» فى استخدام هذا السلاح الفتاك وهو «الطعن فى العرض والشرف» من خلال برنامج تليفزيونى.
 
وليس سراً أن أبناء الصعيد شعروا أنهم أمام خطة ممنهجة، وأن الهدف أكبر من كونه تعمداً للطعن فى أغلى ما يملكون، أدركوا أن الهدف هو «الفتنة»، ولذلك انصب حديثهم على ضرورة تدخل النيابة العامة فوراً والتحقيق مع هذا الشخص بتهم عديدة، لا تقتصر فقط على الطعن فى الأعراض وإهانة الأسر والعائلات، وإنما أيضاً فى السعى إلى تكدير السلم والأمن العام من خلال نشر شائعات من شأنها التحريض على ذلك وهو ما يوجب محاكمته استناداً إلى المادة)102 ( من قانون العقوبات.
 
وقد تقدم المئات من المحامين والمواطنين والنساء من أبناء الصعيد تحديداً ببلاغات إلى المستشار النائب العام مطالبين فيها بالتحقيق الفورى فى هذه الجريمة، التى لن تُمحى آثارها بسهولة.
 
إن الإجراءات القانونية التى ستتخذها النيابة العامة هى وحدها التى يمكن أن تهدئ من مشاعر الغضب لدى أبناء الصعيد، حيث يبدى البعض تخوفه من أن يكون مصير قضيتهم هو ذات مصير الشابين اللذين أهانا الشرطة فى عيدها بميدان التحرير، بعد أن استخدما الواقى الذكرى كبالونات تم إهداؤها إلى الجنود البسطاء فى مشهد أقل مما يوصف بأنه مؤامرة وخروج عن كل الآداب والقيم، اللذين لا يزالان يمرحان ويواصلان حملتهما ضد الشرطة المصرية.
 
إن القانون وحده هو الذى سيضع حداً لهذه الإهانات والفتن التى انتشرت فى المجتمع بشكل يكاد يدفع إلى الفوضى.
 
وهى أمور تستوجب الإسراع بإصدار قانون التشريعات الإعلامية والصحفية الذى من شأنه أن يحدد الخط الفاصل بين الحرية والمسئولية المجتمعية.
 
إن أبناء الصعيد رجالاً ونساء ينتظرون على أحر من الجمر بدء التحقيقات فى البلاغات المقدمة ضد الشخص المسىء واتخاذ الإجراءات القانونية ضده، ذلك أن أحداً لن يتسامح فى حقه، وليعلم القاصى والدانى أن هذه الإساءة المتعمدة تركت جرحاً لن يندمل بسهولة ليس فقط فى نفوس أبناء الصعيد، بل فى مصر كلها.
 
إن المؤامرة على الصعيد هى مؤامرة على مصر، والذين يتعمدون اللعب بالنار، والسعى إلى الفتن، هم جزء من هذه المؤامرة وليسوا بعيدين عنها، ولذلك يبقى السؤال: إلى متى تظل الدولة صامتة على هذه الجرائم؟!
نقلا عن الوطن
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع