قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (319)
نقابة الصحفيين تتصدي للفتنة الطائفية
بقلم: يوسف سيدهم
الفتنة الطائفية التي انفجرت الشهر الماضي علي أثر الحروب الكلامية والتراشق اللفظي المتبادل بين رموز الفكر الإسلامي والمسيحي كان لها دوي مقلق أيقظ كثيرا من حكماء هذا المجتمع علي المسكوت عنه في واقعنا الرسمي والديني والمدني والإعلامي... فعلي كل صعيد من هذه الأصعدة الأربعة يتراكم المسكوت عنه ويتقاعس الجميع عن مواجهة مسئوليته في إصلاح الخلل حتي تنفجر قنبلة في الساحة ويتنبه الجميع علي أثر دويها ودمارها إلي ضرورة عمل شئ... حدث ذلك في مستهل هذا العام علي أثر انفجار جريمة نجع حمادي التي اهتز لها الضمير المصري لبشاعتها وللضحايا الأبرياء التي أودت بحياتهم فانهالت الكتابات والبيانات تحلل وتحذر من أن بواعث الجريمة تتجاوز مسرح الأحداث وتمتد إلي الكثير المسكوت عنه في واقعنا المعاش وتدعو إلي المراجعة والإصلاح في شتي المجالات لتفادي تكرار تلك الجريمة النكراء.
مضت الشهور تلو الشهور منذ يناير الماضي ولم يحدث شئ يذكر في مجال إصلاح المناخ المريض الذي أفرز مذبحة نجع حمادي سوي تقديم المتهمين إلي المحاكمة, حيث تسير وقائع المحاكمة متباطئة متعثرة وسط تعقيدات الإجراءات ووسط همهمات يائسة من العدالة والقصاص تصدر عن المتشككين ووسط تساؤلات جادة عن مدي مسئولية ترك الأمور بلا علاج ولا حسم في إنتاج الفتنة الأخيرة التي نعيش تداعياتها الآن.
في يناير الماضي تصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان كافة المؤسسات والمنظمات التي تفاعلت مع الواقع وأصدرت بيانا يتصف بالصراحة والشجاعة في تحليل الخلل والدعوة للإصلاح... وها نحن هذا الشهر نشهد تحركا لا يقل عنه صراحة ولا شجاعة من جانب نقابة الصحفيين التي دعت إلي مؤتمر للوحدة الوطنية وللتصدي للفتنة الطائفية, لم يقتصر حضوره علي زملاء المهنة إنما ضم كوكبة من الكتاب والمفكرين والمثقفين وقيادات الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية... التقوا يجمعهم القلق علي مستقبل هذا الوطن الذي تعصف به الفتنة الطائفية وتهدد تماسكه ووحدته وسلامه... هذه الفتنة التي وصفوها بأنها تحولت إلي ظاهرة بالغة الخطورة خاصة في ظل الانفلات الإعلامي الذي يغذيها ويؤججها حتي لم يعد الصمت عليها ممكنا.
ومثلما تأثرت في يناير الماضي ببيان المجلس القومي لحقوق الإنسان واستعرضته تفصيلا في هذا المكان -ثم تأسفت لإهماله من جانب أجهزة الدولة وتركه طي النسيان- أستعرض اليوم الملامح الرئيسية لبيان مؤتمر نقابة الصحفيين وأصلي أن تأخذه جميع الأجهزة المعنية مأخذ الجد لعلنا نري إصلاحا حقيقيا يحمي بلادنا من شرور الفتنة التي تنفجر في وجوهنا بين الحين والآخر.
تتركز توصيات مؤتمر نقابة الصحفيين في برنامج العمل التالي:
* * مطالبة الدولة بتدعيم قواعد التغيير السياسي وتأكيد دولة القانون التي تضمن حقوق المواطنة الكاملة غير المنقوصة لكل المصريين, وترجمة حق المواطنة في الدستور إلي قوانين وتشريعات تقوم علي أساس مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان.
* * إصدار قانون يعاقب علي ممارسة التمييز علي أساس ديني أو عرقي أو عقائدي ويعوض من يتعرض لمثل هذا التمييز.
* * اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف التمييز علي أساس الدين أو العرق في تولي الوظائف العامة, ووضع نظام لانتخابات المجالس التشريعية يضمن تمثيلا مناسبا لسائر فئات الشعب.
* * إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة, وإلغاء الشروط العشرة التي حددها قرار وزير الداخلية لبناء الكنائس الصادر عام 1934, بحيث تخضع عملية بناء الكنائس وترميمها لقواعد وإجراءات واضحة تستجيب للاحتياجات الحقيقية لأتباع هذه الكنائس.
* * إصدار قانون يجرم الخطاب الطائفي في الصحافة وأجهزة الإعلام وفي التعليم وفي المساجد والكنائس.
* * مراجعة المناهج الدراسية الدينية الإسلامية والمسيحية في المدارس لتعزيز القيم العليا المشتركة ونشر قيمة التسامح بين الأديان السماوية كافة, وضرورة تكامل تدريس مراحل التاريخ القومي المصري في مقررات التعليم.
* * إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي.
* * الالتزام بتطبيق القانون بصرامة في مواجهة أية جرائم طائفية, واقتصار جلسات الصلح العرفي علي تهدئة الأوضاع والتوعية دون تعطيل لأحكام القانون.
* * مطالبة المؤسسات الدينية بالتوقف عن التحول إلي مؤسسات سياسية تغتصب حق المواطنين في التعبير عن أنفسهم من خلال الأحزاب والحركات السياسية, وعدم تورط دور العبادة في المجالات والسجالات العقائدية.
* * احترام حرية المواطن في الاعتقاد وحقه في تغيير ملته أو دينه دون إخضاع هذا الحق لأية ضغوط.
* * مطالبة الصحافة وأجهزة الإعلام والفضائيات بمعالجة كل ما يتم نشره أو بثه بروح تستهدف تعزيز وحدة الوطن وحقوق المواطنة والتدقيق في ذلك مع تحميل رئيس التحرير المسئولية كاملة عن ذلك.
* * منع المناظرات بين الأديان والمناقشات التي تتناول العقيدة الدينية في المنابر العامة, وكذلك نقلها من خلال الصحافة والإعلام والفضائيات.
* * مطالبة نقابة الصحفيين بعمل مرصد لمتابعة ما ينشر مخالفا لميثاق الشرف الصحفي ومعاقبة أعضائها المتورطين في ذلك.
* * مطالبة المجلس الأعلي للصحافة بتضمين تقارير الممارسة الصحفية قسما خاصا بمخالفات المهنة فيما يتعلق باحترام الوحدة الوطنية أو بالتحريض علي الفتنة ولفت نظر الصحف التي ترتكب أخطاء من هذا النوع.
* * مطالبة هيئة الاستثمار بتفعيل القانون فيما يتعلق بالمواد الدينية التي تبثها القنوات الفضائية في حالة بث مواد تتعلق بالمفاضلة بين الأديان أو تسفيه العقائد الدينية للآخرين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :