بقلم : عماد الدين أديب | الخميس ١١ فبراير ٢٠١٦ -
٢٢:
١٠ م +02:00 EET
عماد الدين أديب
هناك شىء مذهل فى علاقات الأنظمة العربية ببعضها البعض.
فى حال حسن العلاقات، واتفاق المصالح يتم غض البصر عن مخالفات زعيم مثل صدام حسين ضد الشيعة فى حلبجة، ويحدث صمت تام تجاه قيام نظام حافظ الأسد بقتل 15 ألفاً من سكان مدينة حماه بالمدفعية الثقيلة، ويتم غض البصر عن دولة الاستبداد الأمنية التى قادها معمر القذافى لأكثر من 40 عاماً.
فجأة يأتى يوم لم تطلع له شمس يحدث خلاف شخصى أو موضوعى بين بعض هذه الأنظمة والحكام المستبدين، فيتم اكتشاف أن «صدام» قاتل، و«معمر» سفاح، و«آل الأسد» يحكمون بالحديد والنار.
النظام لم يتغير منذ سنوات، والقتل الممنهج مستمر، وسياسة الاستبداد والاستعباد لم تتوقف، إلا أننا حينما نختلف معهم نكتشف عيوبهم وجرائمهم ونبدأ فى الحديث عن الحريات والبكاء على حقوق الإنسان المهدورة منذ سنوات.
إننا فى هذا الزمن الصعب ندفع الفواتير المؤجلة تاريخياً لسكوتنا على رحلة طويلة من القتل والاعتقالات العشوائية والاختفاء القسرى للعديد من الأنظمة العربية التى بدأت هذه الجرائم منذ أوائل الستينات.
كان البعض منا يتحجج -تهذباً- أن مثل هذه الأمور هى مسائل خاصة فى علاقة الحاكم بشعبه ونحن لا نتدخل فى شئون الغير الداخلية لأننا -أيضاً- لا نحب أن يتدخل أحد فى شئوننا.
وكأننا نقول: «كل واحد حر فى قتل مواطنيه» ما دام «لا تعايرنى ولا أعايرك».
الشىء المؤلم أننا لو كنا أقمنا الدنيا ولم نقعدها عند أول رصاصة تطلق على رأس معارض سياسى، ولو كنا جمدنا عضوية سوريا بعد قصف حماه، ولو قاطعنا ليبيا القذافى عقب إبادة مدن وقرى معارضة لكان نزيف الدم الذى نعاصره هذه الأيام قد توقف.
الجنون الذى نعايشه اليوم هو تراكمات صمت حكام وشعوب ووسائل إعلام على جرائم متراكمة تغاضينا عنها وأغلقنا عيوننا وضمائرنا عنها.
إن جبال الجماجم وتلال الجثث وبحار الدماء التى تراكمت فى عالمنا العربى منذ الستينات هى الأساس الذى أوصلنا إلى عصر الجنون والهستيريا ودفع ببلادنا كى تكون أكبر ساحة قتل عالمية منذ الحرب العالمية الثانية.
الآن ندفع الثمن باهظاً.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع