مؤسس الجماعة وصف الملك بأنه "حامي المصحف".. وطلب دعم مالي من الإنجليز
كتب - نعيم يوسف
عندما استدعى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية في حكومة النحاس باشا، الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وسأله عن التنظيم، وهل هو جماعة دعوية أم حزب سياسي، رد "البنا" متهربا من السؤال، وقال: "نحن لم نفكر في العمل بالسياسة، ونحن رجال دين فقط ورجال فكر ديني، وإذا كان صدر من بعض رجالنا أي عمل يخالف هذا الخط أو يدل على اتجاه سياسي فأستنكره وسأوقفه عند حده فوراً".
هكذا اعتاد حسن البنا، مؤسس الجماعة على اللعب في السياسة، وقد اقترب من كل السلطات بنفس الطريقة وهي التملق من خلال استخدام الدين، فتارة يكون مع الملك، وأخرى مع النحاس، وتارة يحارب ضد الإنجليز وأخرى يتلقى الدعم منه... وبنفس المنهج سارت الجماعة من خلفه.
الولاء للملك فاروق
أعلنت الجماعة عن ولائها للملك فاروق فور توليه العرش، ونظمت حشود منهم مظاهرات عريضة لتحية وتأييد الملك، وتوجهوا إلى قصر عابدين، وهتفوا قائلين: "نهبك بيعتنا وولاءنا على كتاب الله وسنة رسوله"، فيما كتب حسن البنا وقتها وقال عن الملك: "أكبر الظن أن الله قد اختار لهذه الهداية العامة الفاروق، فعلى بركة الله يا جلالة الملك ومن ورائك أخلص جنودك"، ووصفه بأنه "حامي المصحف".
استعرض "البنا" قوته خلال الخلاف الذي دب بين حكومة النحاس باشا، والملك، حيث كان الأول مستندا على تأييد الشعب الذي خرج في مظاهرات عارمة ورفع شعارات "النحاس أو الثورة"، و"الشعب مع النحاس"، أطلق "البنا" العنان لمؤيديه لمساندة الملك، ورفعوا شعارات "الله مع الملك"، بل وصف السير "مايلز لامبسون"، المندوب السامي البريطاني اعتماد الملك على الجماعة قائلًا: "إن القصر الملكي قد بدأ يجد في الإخوان أداة مفيدة، وأن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديري الأقاليم بعدم التدخل في أنشطة الإخوان".
التعاون مع حكومة الوفد
"المصلحة تدعونا إلى أن ننفذ بإخلاص وحسن نية أحكام معاهدة 1936".. هكذا كتب الإمام حسن البنا لـ النحاس باشا، عقب وصول الوفد إلى الحكم، حيث طالبه "البنا" بالتحالف معه والحكومة الوفدية، معلنًا تأييده له وقال: "إن الواجب يقتضينا، والمصلحة تدعونا الى أن ننفذ بإخلاص وحسن نية أحكام المعاهدة التي وقعناها بمحض اختيارنا وملء حريتنا وقصدنا من ورائها سلامة استقلالنا".
ومحاولة منه لاستمالة النحاس باشا، أعلن "البنا" أيضاً انسحابه من الترشح للبرلمان ارضاء للنحاس.
التعاون مع بريطانيا وفرنسا
نفس المصلحة التي دعت حسن البنا للتعاون مع حكومة الوفد التي ثار ضدها، هي عينها التي دفعته للتعاون مع فرنسا عن طريق تقديم الدعم له وللجماعة -وأشهر هذه الوسائل هو تقبله منحه قدرها 500 جنيها من الشركة الفرنسية- بالإضافة إلى عرضه لخدماته على السفارة البريطانية -التي كانت تحتل مصر آنذاك- للتعاون معهم، مشيرا إلى أنه "سيكون سعيد لو قدموا إليه مساعدات مالية"، وذلك وفقا لما يقوله المؤرخ البريطاني "هيوارث دون"، في كتابه "الاتجاهات السياسية في مصر".