زهير دعيم
لطالما تساءلتُ بيني وبين نفسي وبصوتٍ خفيض لئلّا يرمونني بالطّائفيّة والتشرذم ...
تساءلتُ بعد حرق أكثر من كنيسة في البلاد ، وكتابة كلمات نابية بحقّ السيّد المسيح على جدران الكنائس من قبل يهود متطرفين ، وبعد ان لمستُ الحقوق المهضومة لمدارسنا ومستشفياتنا الأهليّة ، وبعد أن تجلّى لي وظهر " تسحيلنا" من وزارة المعارف ، فتكاد لا تجد مُفتِّشًا واحدًا مسيحيًّا ، وأمّا عن التعيينات والتوظيفات في سِلك التعليم فحدِّث ولا حَرَج...
كلّ هذا وليس هناك من يرفع عقيرته بالكلام !
قد يقول قائلٌ: عندكم أكثر من عضو مسيحيّ في البرلمان الاسرائيليّ، دعه أو دعهم يحملون همومكم ، او دعهم يرفعون تظلّمكم الى فوق ؟.
وهنا بيت القصيد أو بيت اللا قصيد إن صحّ التعبير .
فليس كلّ من حمل اسم الياس او حنّا أو سيلفيا في القائمة المشتركة او المنفرطة ، أو التجمّعية او غير التجمّعيّة يُمثّلنا ، ويُمثّل طموحاتنا ويحمل همومنا ، فأكاد أراهن أنّ معظم اعضائنا المسيحيين لا يعرفون " الصّلاة الربّانيّة " ولا " دستور الإيمان" وإن عرفوهما فهم " يخجلون" ان يتلّفظوا بهما علانية لئلا يقال عنهم طائفيون !
الله يعلم أنّني لا أكيل الكلام جُزافًا ، فقد تابعتُ منذ سنوات طويلة وكثيرة وما زلْتُ أتابع أعضاءنا في الكنيست فما سمعتُ مرّةً أو شاهدتُ نائبًا مسيحيًا يتكلّم بغيْرةٍ على اهله وعلى مَن صوّتَ له ، وما سمعتُ أحدًا منهم استشهد بأيةٍ من آيات المحبّة الانجيليّة التي ترفع الانسان الى فوق – وكلّها كذلك-.
آه نسيت فقد سمعت الطيبي وعودة يفعلانها ، فارتفعوا في عيوننا.
وشوشني احدهم مرّةً قائلًا : من قال لك ان الاعضاء المسيحيين في القوائم العربيّة رُشّحوا على اساس طائفيّ؟
فقلت له : لا يا سيّدي أنت على خطأ ، فهم رُشّحوا على هذا الأساس حتّى وإن لم يعترفوا بذلك ، فالتكتيك واضح في كلّ قائمة عربية هناك اسم كهذا حتى لا تذهب الاصوات للأحزاب الصهيونيّة .
والسؤال بل الأسئلة التي تطرح نفسها هي :
هل من العيب والعار أن يدافع عضو الكنيست المسيحيّ عن طائفته وكنيسته ويحمل همومها وطموحاتنا ؟ وهل يكفي ان يكون مندوبنا اسمه حنّا حتى نهرعَ الى الصناديق ونغمرها بالأصوات المؤيِّدة ؟
وهل نفعل النقيصة ان طالبنا بأعضاء مسيحيين حقيقيين لا اسميين ، يعرفون المحبّة ويعيشونها ويؤمنون بالإخوّة مع اهلنا المسلمين والدروز واليهود ؟
وهنا سأبقّ الحصوة :
هل سأعتبَرُ مارقًا ان قلتُ هيّا نبني القائمة المسيحيّة كما فعلها اخوة لنا مسلمون ؟ مع أنّني أعي وأعرف انّنا لسنا بوضع يسمح لنا بذلك خاصّةً ونحن نعرف عددنا ونعرف نسبة الحسم ، ولكن الأمر مبدئيًا ليس الّا ...
نعم من حقّنا ان نطالب بأعضاء مسيحيين حقيقيين يشاطروننا احتفالاتنا وصلواتنا وهمومنا وأحلامنا ، ويحالون جاهدين رفع الضيم ، وإعلاء صوتنا ؛ صوت الحقّ الذي غاب أو كاد.