الأقباط متحدون | آثار إعصار "فتنة"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٤٧ | الأحد ٢٤ اكتوبر ٢٠١٠ | ١٤ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٨٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

آثار إعصار "فتنة"

الأحد ٢٤ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاى
الأعاصير((Hurricanes هى عواصف طبيعية عنيفة تهب على مناطق معينة من العالم مثل جنوب شرق الولايات المتحدة خلال مواسم خاصة. ويطلق متخصصو الأرصاد الجوية على كل إعصار اسمًا، ويتتبعون مساره من منبعه خلال مروره من بلد إلى بلد. وبعد أن يمر على منطقة يتم حصر الدمار الذى خلَّفه ورائه لإصلاحه مثل اقتلاع الأشجار من جذورها، وتحطيم سقوف المباني ونوافذها، وإتلاف الإتصالات الكهربائية والتليفونية وقتل الناس.

ومن حسن الحظ أن "مصر" ليست من البلاد التى تتعرض للأعاصير الطبيعية، ولكنها تتعرض لأعاصير من نوع آخر. وقد تعرَّضت "مصر" مؤخرًا لإعصار معنوي قوي اصطلح معظم الناس على تسميته "فتنة". ومثل الأعاصير الطبيعية تركت "فتنة" بصماتها التخريبية على المجتمع المصري، وبصفة خاصةً على العلاقات بين مسيحي "مصر" ومسلميها.

ولعل أخطر ما تركته "فتنة" من آثار إنها حاولت أن تغيّر من بعض المفاهيم المتعارف عليها. فبين يوم وليلة لاحظنا أن المفاهيم قد انقلبت.

كنا قبل "فتنة" نحس كأقباط  أننا أقلية مسلوبة الحقوق، وجاءت "فتنة" تتهمنا بعكس ذلك تمامًا. إننا نستقوي بالخارج ونظلم الغالبية المسلمة. فتحولنا فجأة من الشكوى إلى الدفاع عن النفس، ومن المطالبة بالحقوق إلى مجرد محاولة إقناع الناس أننا لا نسلب حقوق أحد.

قبل "فتنة" كنا نصرخ مطالبين برفع الظلم، ثم جاءت "فتنة" تتهمنا بأننا نفتري على المسلمين، فأصبح همنا هو مجرد أن نقنعهم أننا لم نظلمهم.

كنا قبل "فتنة" نُعرف أننا ضعفاء مستهدَفين، فاتهمتنا "فتنة" أننا نكدِّس السلاح. فتحولنا لمحاولة إقناع الآخرين، إننا شعب مسالم لا يعتدى ولا يهدِّد ولا يستهدف الآخرين.

كنا نعانى الفقر والحاجة، فجاءت "فتنة" تتهمنا أننا نملك معظم ثروة "مصر"؛ فتحوَّلنا إلى محاولة إقناع الناس أننا لسنا مستغلين ولا نحاول إمتصاص ثروة الوطن.

كيف تحوَّلنا فجأة من مظلومين إلى ظالمين؟ من ضعفاء إلى أقوياء مستبدين؟ من معتدَى عليهم إلى معتدين مفترين؟ ومن فقراء إلى أثرياء مستغلين؟ وكيف حدث هذا عن طريق ترويج الأكاذيب دون أن نتقدم قيد أنملة أو تتحسن أحوالنا مجرد ذرة واحدة؟

هل استطاعت "فتنة" فى الأيام القليلة الماضية أن تصيبنا بنكسة فننسى أننا مظلومين ونكتفى بمجرد محاولة الحفاظ على ما نحن عليه؛ لأن هناك من يظن أننا نحصل على أكثر مما نستحق ويجب علينا أن نفقد بعض ما عندنا؟
هل هذا معناه إنه سيكون من آثار "فتنة" استمرار الإعتداءات الطائفية ضد الأقباط مثل عمليات القتل والسرقة وتدمير متاجر ومساكن وكنائس الأقباط؟ وهل هذا نتيجة اقتناع المتطرفين أنهم مجرد يدافعون عن أنفسهم ضد الأقباط المتجبرين الذين يمثلون دور الضعيف بينما هم يمتلكون ترسانة من الأسلحة ينوون استعمالها ضد المسلمين؟

وهل ستؤدي "فتنة" إلى زيادة حوادث خطف البنات القبطيات لأن الأقباط - حسب إعتقادهم - يأخذون النساء المسلمات ويعذبوهن ويجبروهن على ترك دينهن الإسلامى ويسجنونهن فى سجون ملحقة بالأديرة؟  فالأقباط- فى رأيهم- هم الذين بدأوا والبادى أظلم.

وهل ستزيد "فتنة" من الحظر المفروض على بناء الكنائس؛ لأنهم يعتقدون أن الأقباط لديهم من الكنائس ما يفوق احتياجاتهم؟ ثم اعتقادهم أن الكنائس تُستخدم لتخزين الأسلحة وسجن القبطيات اللوانى يردن اعتناق دين الله؟

وهل ستؤدى "فتنة" إلى ازدياد التمييز فى التعينات والترقيات إلى الوظائف العليا؟ لأن الأقباط فى رأيهم لا يجب أن ينافسوا المسلمين فى المجال الوحيد المتبقى لهم وهو العمل الحكومي؛ لأن الأقباط  يسيطرون على العمل الخاص فى "مصر"- حسب زعمهم- وهذا أكثر مما يستحقون.

وهل من نتائج "فتنة" استمرار الغبن فى التمثيل النيابي؟ لأن الأقباط فى رأيهم نسبة صغيرة مهملة من السكان ويجب أن يخضعوا لإرادة الغالبية المسلمة التى هى صاحبة القرار فى "مصر" كدولة إسلامية تحكم بمرجعية دينية.

ولكن ما هو رد الفعل عند الأقباط إزاء هذا كله؟

إن هذا الإعصار ليس الأول ولن يكون الأخير. لقد مر الأقباط بأعاصير كثيرة وصمدوا، وهذا الإعصار لن يصيب الأقباط بالخوف والهلع فيتركوا حقوقهم المشروعة ويرضوا بالظلم.

* لن نقبل أن تتحول "مصر" إلى دولة دينية تحكم بمرجعية إسلامية، ولن يرضينا سوى أن تكون "مصر" دولة مدنية يتساوى فيها المصريون جميعًا فى الحقوق والواجبات.
* سوف نستمر فى مطالبة الدولة بالاضطلاع بواجبها لحماية الأقباط من الإعتداءات، وسنرفض أن تستعملنا الدولة لأغراضها الخاصة، وتتركنا لقمة سائغة للمتطرقين.
* سنعارض مسلسل خطف البنات القبطيات، وخاصة القاصرات. وسنطالب بإقرار مبدأ حرية العقيدة للجمبع، وحق الإنسان فى اختيار، وتغيير دينه دون ضغوط أو ملاحقة أمنية أو اصطدام مع الغوفاء.
* لن نقبل بأقل من قانون موحّد يعامل بناء المساجد والكنائس بالمثل.
* سوف نستمر فى المطالبة بالمساواة الكاملة فى التعينات والترقيات، وسنرفض مبدأ استبعاد الأقباط من وظائف معينة بسبب الدين.
* وسوف نستمر فى المطالبة بالتمثيل النيابي العادل للأقباط وضرورة إيجاد آلية تضمن وصول جميع المصريين بكافة أطيافهم لمجلس الشعب.

ولن يسمح الأقباط بالكذبة والمتعصبين والمفترين أن يوقفوا مسيرتهم نحو تحقيق المساواة الكاملة فى أرض أبائهم وأجدادهم. فالحق لابد أن ينتصر على الكذب، والعدل أن يتغلب على الظلم، والنور أن يقشع الظلام.

والأعاصير التى لا تقدر أن تقتلعنا، ستتركنا أكثر صلابة ورسوخًا وتصميمًا.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :