الأقباط متحدون | (19) الأب "متى المسكين" والسلطة السياسية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٢١ | السبت ٢٣ اكتوبر ٢٠١٠ | ١٣ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٨٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

(19) الأب "متى المسكين" والسلطة السياسية

السبت ٢٣ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ماجد إسرائيل
لعب الأب "متى المسكين" دورًا إجتماعيًا وسياسيًا لا يُستهان به فى تاريخ الكنيسة القبطية، والواقع أن هذا الدور لا يمكن إنكاره؛ وخاصة بعد سؤء العلاقات بين الكنيسة والدولة فى أواخر أيام حكم الرئيس الراحل السادات (1970-1981م). ومن بعدها، وانحصر دور الكنيسة فى الشئون الدينة فقط، وربما زاد حجم هذا الدور بعد احساس الأقباط إنهم أقلية دينية، واستشعرت الكنيسة أهمية دورها كمؤسسة دينية مسئولة عن تقديم ألوان الرعاية الإجتماعية لرعاياها.

ويصف لنا الأب "متى المسكين" علاقته بالسلطة فى كتابه "المسيحي فى المجتمع"، قائلاً: "يلزمنا جدًا منذ بداية حياتنا، أن نضع أمام أعيننا أن المسيحى حتمًا سيواجه فى العالم نفس الظروف التى عبرها السيد المسيح والتلاميذ وكافة الذين جاهدوا بالروح وكملوا فى الإيمان، طبقًا لما حدّده الرب "فى العالم سيكون لكم ضيق" (يو 16:33)، و"إن كانوا قد اضطهدونى فسيضطهدونكم"( يو 15:0)، و"لا تخافوا.." (مت 14:27)، و"لا تهتموا.."(مت 6-25)، و"أنا قد غلبت العالم"(16- 33).

ولكن الحقيقة أن أحرج ساعات الإيمان هى التى يقف فيها الإنسان أمام الرؤساء الظالمين الحاقدين غير المستنيرين، سواء كانوا من طبقة الفريسيين الذين يصطادون بالكلمة، أو طبقة "حنان" و"قيافا" الملفقين للتهم وشهود الزور، أو طبقة "هيرودس" و"بيلاطس" القساة الخائفين على مراكزاهم، أو طبقة "نيرون" و"دقلديانوس" المستبدين بحكم سلطانهم، أو طبقة "الحاكم بأمر الله" المجانين الذين ألقتهم مجريات الأمور على كراسى الحكم.

على أية حال، لا يمكن لنا أن ننكر الدور الذى لعبه الأب "متى المسكين" من أجل المصالحة بين الكنيسة والدولة، وتمثَّل ذلك من خلال اللقاء الأول الذى جمع ما بين الرئيس الراحل "السادات" والأب "متى المسكين" فى 15 مايو 1979م، بعد تلقيه دعوة  لمشاركة دير أنبا "مقار" بمنتجاته الزراعية فى قرية "نكلا العنب"  التابعة لمحافظة "المنوفية"، وحضره سيادة الرئيس "السادات".
 
وفى أثناء معرض منتجات "نكلا العنب"، تقابل الرئيس "السادات" مع الأب "متى المسكين"، ودار حديث بينهم بدأه "السادات" بالحديث حول منتجات دير أنبا "مقار" وخاصة "بنجر العلف"، وعن تسهيل انتهاء اجراءات انتقال المائة فدان للدير.. وأنهى الرئيس كلامه مع الأب "متى"، قائلاً له: "أنا عايزك ضروري عايز أشوفك، وحابعت لك".
 
وجاء اللقاء الثاني ما بين الرئيس "السادات" والأب "متى المسكين" فى 5 إبريل 1980م، بعدما أصدر المجمع المقدس قرارًا بإلغاء الاحتفالات بعيد القيامة، واعتبرها "السادات" تحديًا من جانب الكنيسة لسياسته. وخاصةً أن توقيته جاء متزامنًا مع استعداده للسفر إلى "الولايات المتحدة الأمريكية" للتفاوض بشأن المشكلة الفلسطنية.

وعقب انتهاء اجتماع البابا "شنودة الثالث" البطريرك الـ(117)  وبعض لفيف من الأساقفة والأراخنة فى أوائل إبريل 1980م بدير الأنبا "بيشوي"، انتهى الأمر بتكليف الأب "متى المسكين" – كان ذلك فى 5 إبريل 1980م ـ بمقابلة الرئيس "السادات" كمحاولة لحل الأزمة، ولكن المحاولة باءت بالفشل، وهو ما استنتجه الأب "متى" من قوله له: "أنا مستاء من تصرفات الكنيسة".

على أية حال، بعد عودة الرئيس "السادات" من "الولايات المتحدة الأمريكية"، عرض بعض الأساقفة بعد أخذ رأى قداسة البابا "شنودة الثالث" على اختيار الأب "متى المسكين" لمقابلة الرئيس "السادات"، لتقديم مذكرة توضحية لمتابعة شئون الأقباط، تكون بمثابة قناة شرعية لضبط العلاقة ما بين الدولة والكنيسة. وبعد تسليمها، وعد "السادات" بدراستها. وربما لم يتم النظر فيها؛ ردًا على مظاهرات الأقباط بـ"الولايات المتحدة الأمريكية" أمام فندق "بلير هاوس".
 
وردًا على تلك الأحداث، لجاء الرئيس "السادات" إلى استخدام العنف ضد أراخنة وأساقفة الكنيسة، لدرجة وصلت إلى التفكير فى  عزل واعتقال البطريرك، حسبما ذكره فى خطابه العام فى 14 مايو 1980م.

وفى أوائل سبتمبر 1981م، طلب الرئيس "السادات" مقابلة الأب "متى المسكين" لإبداء الرأي فى العلاقة ما بين الدولة والكنيسة، واقترح الأب "متى" ثلاثة حلول للأزمة كان منها مصالحة البطريرك، وتعين لجنة مع بقاء البطريرك، وتعيين هيئة علمانية.
 
وباءت تلك المحاولات بالفشل، فأدرك الأب "متى المسكين" بحكمته أن النية تتجه إلى العزل، فأوضح بأسلوب من اللين أن هذا العمل ليس من اختاص الدولة، وانتهى الأمر على تشكيل هيئة من مجموعة من الأساقفة لمتابعة شئون الكنيسة أمام الدولة.
 
وعلى أثر ذلك، قام الرئيس "السادات" بإلغاء القرار الجمهوري بسلطة البابا أمام الدولة، فإذا جاز التعبير عزل إداري وليس كنسي، وعاد قداسة البابا "شنودة" إلى مقر اقامته بدير الأنبا "بيشوي"، حتى أصدر الرئيس الحالي لـ"مصر" "محمد حسنى مبارك" فى عام 1984م، قرارًا جمهوريًا بعودة البابا "شنودة الثالث"ـ أطال الله عمره ـ إلى مهام منصبه.

خلاصة القول: إن الأب "متى المسكين" لعب دورًا رائدًا فى عودة العلاقات ما بين الدولة والكنيسة، وهذا ما نتمناه دائمًا.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :