الأحد ٧ فبراير ٢٠١٦ -
٤١:
٠٢ م +02:00 EET
بقلم : د.ماجد عزت إسرائيل
ولد إبراهيم يوسف الجوهرى من أبويين فقيرين متواضعين فى القرن الثامن عشر،ببلدة قليوب،وكان أبوه يتعيش من مهنة الحياكة (الخياطة) وخاصة صناعة الجلاليب،وكان من المعتاد فى ذلك أن تـورث العائلة المهنة إلى بنيها، ولكن أبواه ربياه تربية مسيحية فى كتاب البلدة؛ فتعلم الكتابة والحساب واتقنهما وتفوق فيهما على أقرانه لذكائة الخارق.واشتهر بحبه لمهنة النسخ -كتابة الكتب ونسخها عدة نسخ ،فكان ينسخ العديد من الكتب الدينية التى يتم استخدامها أثناء القداس الإلهى على نفـقته الخاصة، ويقدمها للبابا" يؤنس الثامن عشر" البطريرك رقـم(107)(1769-1796م،وهنا بدأت علاقته مع بابا الكنيسة الذى قربه إليه ، وبدأ الجوهرى حياته العملية فى وظيفة كاتب عند أحد أمراء المماليك، ثم توسط له البطريرك لدى المعلم" رزق" رئيس الكتاب فإتخذه كاتباً خاصاً له، وأستمر يعمل معه حتى أصبح رئيس الكتبه،وتميز بالدقة والأمانة والتواضع وإنكار الذات فى العمل ،وعكف على صنع الخير لجميع الناس بدون تمييز بين المصريين من المسلمين والأقباط، فذاع صيته وكسب محبة الجميع وسمع به "على بك الكبير" فألحقه بخدمته،ولما حكم "محمد بك أبو الدهب" مشيخة البلاد (حاكم البلاد) بعد مقتل "على بك الكبير" وعندما مات المعلم" رزق" رئيس المباشرين أخذ مكانه وأصبح رئيساً للمباشرين ـ حاليا رئيس وزراء ـ ، ثم مات أبو الدهب وخلفه فى حكم البلاد "إبراهيم بك" و" ومراد بك"و ظل المعلم "إبراهيم الجوهرى" فى منصبه رئيساً لكتاب مصر،وهى تعد من أكبرالمناصب السيادية وصل إليها قبطى فى ذلك العصر"وعرف عنه حبه للفقراء والمحتاجين وأوقف الكثير من ممتلكاته للكنائس والأديرة، ويرجع الفضل إليه فى الحصول على موافقة بناء الكنيسة المرقسية بشارع كلوت بك، ولقب بالمعلم وكبير المباشرين وسلطان القبط، أما حياته العائلية فقد تزوج من إحدى قريباته، ورزق منها بأبناً أسماه "يوسف" وأبنة أسماها "دميانة"،و مات فى حياته قبل زواجه بأيام،وحزن حزناً شديداً عليه، وتنيح فى 31 مايو 1795م ودفن بمقابر آل الجوهرى بمصر القديمة،ولمكانته فى الدولة حزن عليه حاكم مصر"إبراهيم بك" لأنه كان يحبه لإخلاصه وأمانته فسار فى جنازته تقديراً لصداقته له ،كما رثاه المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتى قائلاً: "مات الذمي المعلم إبراهيم الجوهري رئيس الكتبة الأقباط بمصر وأدرك في هذه الدولة بمصر من العظمة ونفاذ الكلمة وعظم الصيت والشهرة مع طول المدة بمصر ما لم يسبق لمثله من أبناء جنسه (من الأقباط) فيما نعلم.... وكان عند دخول رمضان يرسل إلى غالب أرباب المظاهر ومن دونهم الشموع والهدايا والأرز والسكر والكساوي وعمرت في أيامه الكنائس وديور(الأديرة) النصارى وأوقـف عليها الأوقاف الجليلة والأطـيان ورتب لها المرتبات العظيمة والأرزاق الدارة والغلال وحزن ابراهيم بك لموته وخـرج في ذلك اليوم الى قصر العيني حتى شاهد جنازته وهـم ذاهبون به الى المـقبرة وتأسف على فقده تأسفًا".