بقلم : عمرو الليثي | الأحد ٧ فبراير ٢٠١٦ -
٥٧:
٠٨ ص +02:00 EET
عمرو الليثي
هناك أناس يعملون فى صمت ويبتغون التجارة مع الله، وهناك آخرون يعشقون الصخب والضجيج، مُدَّعين أنهم ينفعون الناس وهم أبعد من ذلك.. فهناك شخصيات وتجارب تعطينا الأمل وتمثل علامات مضيئة وقدوة ومثلاً، وسأكتب عن شخصية رحل صاحبها وترك ذكرى ناصعة.. وهو نفسه مؤسسة خيرية متكاملة، الإعلام لم يعرفه، إنه المهندس الراحل صلاح عطية- رحمه الله- فهو مهندس زراعى عصامى بدأ حياته من الصفر فى قرية تفهنا الأشراف- ميت غمر بالدقهلية، تخرَّج، وعمل مشروع دواجن مع زملائه، واتفق مع شركائه على تخصيص 10% من الأرباح للأعمال الخيرية، وضاعفها كل سنة.. شركاؤه يحكون كيف أنهم بدأوا عملهم تسعة شركاء، وأنه قال لهم: الشريك العاشر هو الله «سنتاجر مع الله».
توسعت مشروعاته، ومع كل توسع يضاعف الأموال المخصصة لأعمال الخير، فأقام معهداً دينياً ابتدائياً للبنين، ومعهداً للبنات، ومعهداً إعدادياً، وثانوياً للبنين، ومثلهما للبنات، وقرر إنشاء كليات بقريته تفهنا الأشراف- ميت غمر بالدقهلية، وواجه مشكلة عدم وجود محطة قطار، فبدأ فى إقامة محطة قطار بقريته، ليُنشئ أول كلية بقرية صغيرة حتى أصبحت كليتين وثلاثاً وأربعاً، وبنى بيتاً للطالبات المغتربات، وآخر للطلاب المغتربين، وعمل تذاكر مجانية للطلاب والطالبات، حتى لم يتبق فقير فى قريته، ونقل أعماله الخيرية إلى القرى المجاورة، فدعَّم الشباب بمشروعات صغيرة، ورعى الأسر الفقيرة والأيتام. المهندس صلاح عطية رحل وعمره سبعون عاماً، وأطلق عليه الناس «ملياردير الغلابة»، وخرج فى جنازته أكثر من نصف مليون مواطن، وهناك ملايين تعرف فضله، وتتناقل أسطورته كدرس للأجيال. سكن قلوب محبيه من كل الفئات والأجيال، تحدثت عنه أعماله وعاشت فى قلوب الناس.. وكشف محبوه عن أسطورة فى العمل الأهلى الخيرى والتنمية ومساندة الفقراء، فلقد أنفق أكثر من 50 مليون جنيه لبناء مدارس وكليات ومصانع ومشروعات خيرية وأوقاف، للإنفاق على كل هذه الأعمال لضمان استمراريتها. 40 سنة مؤسسة كاملة، بعيداً عن الكاميرات والإعلام، فبقيت سيرته تنير لمَن حوله الطريق.
وهناك نماذج كثيرة لأشخاص يعملون الخير فى صمت دون إعلان.. وفى تاريخ مصر القريب والبعيد نماذج لرجال أعمال وأثرياء قدموا ورعوا مشروعات خيرية ويتذكرهم الناس بأعمالهم مثل سيد جلال، هذا الرجل العصامى الذى وظَّف أمواله لخدمة الفقراء، وأنشأ المستشفى الشهير باسمه، وحتى فكرة الأوقاف نفسها كانت تتضمن ملايين الأفدنة والمصانع والمشروعات، أوقف أصحابها ريعها على الفقراء أو الخدمات الخيرية. وعندنا نماذج جامعة القاهرة و«المبرَّات العلاجية» والمستشفيات الخيرية، ومنها مستشفى العجوزة، وكلها مشروعات قامت بجهود أهلية وأوقاف، ومثلما كان الراحل صلاح عطية نموذجاً للنجاح والإيمان وأن «الدين المعاملة»، هناك كثيرون يثبتون أن العمل الطيب يبقى دائماً مثل شجرة مثمرة.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع