الأقباط متحدون | هل "مصر" فرعونية أم عربية؟ (4)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٠٦ | السبت ٢٣ اكتوبر ٢٠١٠ | ١٣ بابة ١٧٢٧ ش | العدد ٢١٨٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل "مصر" فرعونية أم عربية؟ (4)

السبت ٢٣ اكتوبر ٢٠١٠ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: لطيف شاكر
يسأل البعض عن علاقة اللغة المصرية الحديثة باللغة العربية، والذي يجهل هذه العلاقة يرفض الاعتراف باللغة المصرية بل ويهاجمها بضراوة، معتبرًا أن هذا من باب اللغو للغة المصرية. وأود في هذه المقالة أن نوضح العلاقة القوية والرابطة المتينة لتطور اللغة المصرية القديمة إلي اللغة التي نتكلمها الآن, ويعتبرها البعض إنها عربية أو عامية الفصحي, وكما أوضحت في مقالات سابقة أن اللغة تتمثل في: تركيب ونحو وصرف اللغة, وقد أثبتنا بطريقة تخلو من الشك وتبعد عن الجدل ارتباط لغتنا الحالية بالقبطية أو المصرية القديمة من هذه النواحي، بما فيها أيضًا الفونميات أي الصوتيات. وبالرغم من أن الكلمات لا تصنع لغة، لكن في هذا المقال سوف اوضِّح كثير من الكلمات المصرية التي شكَّلت اللغة الحالية, إضافة إلي تركيب وصرف اللغة القبطية في اللغة المصرية الحديثة التي نتكلمها.
 
ويقول الأستاذ الراحل "جمال حمدان"- الباحث في شخصية "مصر": لكن الثابت المحقق أن اللغة المصرية القديمة‏,‏ الحامية تصنيفًا‏,‏ تشترك في أكثر من عشرة آلاف كلمة مصرية مع اللغة العربية‏!‏
 
وفي الحقيقة، وقفت حائرًا أمام الكلمات القبطية التي أردت توضيحها للقارئ، والتي اندمجت في اللغة الدارجة الآن؛ لكثرة عددها. وبين يدي كلمات لا حصر لها، ولا أستطيع ذكرها في مقال واحد أو عشرات المقالات, وسنذكر القليل منها علي سبيل المثال، ومن يريد التوسع في المعرفة, أرجو الرجوع إلي موسوعة من تراث القبط المجلد السادس، ومؤلفات الدكتور "جورجي صبحي" ودكتور "أحمد  كمال"، وقاموس الكلمات العامية المصرية ذات الأصل القبطي، ومؤلفات دكتور "إميل ماهر" بعدة لغات... وغيرهم من الكتب التي تتكلم عن القبطيات ومفرداتها..  وأيضًا يمكن تداركها بسهولة من عدة مواقع بالإنترنت تحت عنوان اللغة القبطية.

واللغة القبطية الآن لها مراكز علمية وأبحاث وأقسام وكراسي في أغلب جامعات العالم المتقدمة باسم كوبتولوجي (علم القبطيات)، ولإخراج ذرات التراب من العيون, اضطرت إلي كتابة بعض الكلمات الشائعة التي نستخدمها الآن طوال اليوم في كل شئون حياتنا, دون أن نعرف مصدرها ومن أين أتت, وبالرغم من ذلك فإنها كلمات تتوارثها الأجيال منذ أن أصبحت "مصر" أول  وأعظم حضارة علي مر العصور.

ودعونا نغوص معًا فى بحور الكلمات القبطية، كلمات لها تاريخ, تاريخ يرجع لخمسه آلاف عام.
فاللغة المصرية القديمة لم تندثر تمامًا- بل إنها باقية إلى يومنا هذا, بل لا أكون مغاليًا إن اللغة القبطية المصرية بدأ يدب فيها الحياة مرة ثانية بعد أن طال غيابها المؤقت تحت نير مستعمر جاهل أحمق. وبدأت  تنتشر بسرعة ملحوظة، ليس في أوساط الأقباط فحسب، بل بين كثير من المسلمين المصريين العقلاء الملتحقين بمعاهد اللغة القبطية, إضافة إلي العدد المهول من الأجانب من جميع الجنسيات. وأصبح للغة القبطية مكانة متميزة في أغلب جامعات العالم ومراكز اللغات القديمة, خاصةً بعد اكتشاف مكتبة "نجع حمادي" والكتب والمخطوطات والبرديات القبطية.
 
إن مئات الجمل والألفاظ لاتزال مستعملة كل يوم فى اللغة العامية للمصريين. فما يكاد المولود يرى النور حتى يسمع أمه تخاطبه بلغة غريبة عنه، ولكنها فى الوقت نفسه أقرب ما تكون إلى حسه وفهمه ..
فهو إذا جاع- تقوم أمه باحضار الطعام له وتقول له: (مم)، بمعنى أن يأكل.
وإذا عطش- أحضرت له الماء وقالت له: (امبو) بمعنى (اشرب)  .
 
إن أصل كلمة (مم) مأخوذ من اللغة القبطيه القديمة  (موط) والهيروغليفية (اونم) بمعنى كل، و"امبو"  ماخوذة من كلمة (امنموا) القبطية بمعنى اشرب ..
 
أما إذا أرادت الأم أن تنهر طفلها، تقول له: "كخة"، وهذه الكلمة قديمة ومعناها القذارة ..وإذا أرادت أن تعلمه المشى، قالت له: "تاتا خطى العتبة"، و"تاتا" فى الهيروغليفية معناها امشى. أما إذا أرادت الأم تخويف ابنها، فإنها تقول له: "هجيبلك البعبع"، والمأخوذ من القبطية "بوبو" وهو اسم عفريت مصرى مستخدم فى تخويف الأطفال.
 
وفى موسم الشتاء يهلل الأطفال لنزول المطر بقولهم: "يامطرة رخى – رخى"، وأصل كلمة "رخى" فى العامية المصرية هو "رخ" فى الهيروغليفية معناها "نزل".
 
وسيُدهش المصريون هنا- إذا ماعلموا أن أصل كلمة "مدمس"، ومعناها الفول المستوى فى الفرن بواسطة دفنه أو طمره فى التراب، والتى تشير إلى أكثر الوجبات الشعبية لدى المصريين وهو كلمة "متمس" الهيروغليفية – أى انضاج الفول بواسطة دفنه فى التراب. ومن الأكلات الشعبية أيضًا التى اكتسبت اسمها من المصرية القديمة أكلة "البيصارة"، واسمها القديم "بيصورو" ومعناها الفول المطبوخ .ثم هناك المصطلحات الشعبية الدارجة مثل كلمة "شبشب" (الخف)، والتى أصلها قبطية (سب سويب) ومعناها مقياس القدم .
وفى الحر يقول المصريون: "الدنيا بقت صهد"، وصهد كلمة قبطية تعنى "نار" .
وكلمة "واح" والتى صارت واحة بالعربية, معناها "جزيرة العرب"،
وكلمة "نونو" وهي "الوليد الصغير", وكلمة "كحكح" وتعنى "العجوز"،
وكلمة" طنش" معناها لم يستجب، و"بطط" أى "دهس" وغيرها الكثير..
 
هذا بخلاف كلمات كثيرة جدًا وعبارات عديدة من اللغة العامية والدارجة تتبع النطق، وما ذكرناه هو أن القبطية لا مثيل لها فى اللغة العربية فى شبه الجزيرة العربية ومنطقة الخليج والدول العربية الأخرى، وما ذكرناه هو علي سبيل المثال فقط وليس الحصر. 
 
ويقول عالم القبطيات د."إميل ماهر" (القس شنودة ماهر حاليًا): إنه بعدما توقف استخدام اللغة القبطية كلغة تخاطب فى الحياة اليومية في القرون المتوسطة، بقيت مفردات وتراكيب قبطية كثيرة مستعملة فى لهجة "مصر" العربية العامية. وقد أُجريت دراسات علمية حولها، ذكرنا أهمها فى كثير من المراجع، ومنها رسالة الدكتوراة التى تقدم بها كاتب هذا المقال (د.اميل ماهر) إلى جامعة "أكسفورد" سنة 1975م.
 
وفى حدود المساحة المحددة لهذا المقال، نقدِّم هنا أمثلة مختارة لبعض المفردات الواضحة، وننبه إلى أن  معظم المفردات القبطية التى نوردها، أرجعناها إلي أصولها الهيروغليفية والديموطيقية التى لم نستطع ذكرها هنا لضيق المساحة, مع ملاحظة أننا نكتب الفعل العربى فى صورته فى الزمن الماضى كما فى القواميس، ولكننا فى أحيان كثيرة نفضل كتابته بصورته فى الزمن الحاضر تمييزًا له عن الاسم. كما أن أداة التعريف فى القبطية تختلف من المذكر المفرد عن المؤنث المفرد. وعالجنا المفردات تحت الأقسام التالية:
مفردات زراعية: وتتضمن..الفيضان والسدود والقنوات والأراضى والشون.
- تجهيز الأرض للزرع والحصاد: أغانى العمل، والأدوات، والمحراث، وآلات الري.
- النباتات والطيور والحيوانات، والأسماك والحشرات.
- الجسم ويتضمن: أجزاء الجسم، وإفرازات الجسم، والأمراض، والأورام.
- الأبنية وما يتعلق بها.
-الأطفال، ويتضمن: كلمات اللعب، وكلمات أخرى تتعلق بالأطفال، والملابس.
- مصطلحات كنائسية وروحية.
- النار والمصابيح والأفران، والأوانى والأوعية.  
- الطعام والشراب، وأصوات التعجب وصرخات النداء.
- المكاييل والأكياس والسلال: مصطلحات بحرية.
- جماعات الناس ونوعياتهم.
- الكلام والمخادعة والضوضاء، والعصى والأدوات.
- مصطلحات أخرى(انظر المراجع المذكورة بالمقال والإنترنت).
 
وتحت كل قسم من هذه الأقسام، عدد لا يُحصي من الكلمات القبطية التى نستخدمها. وتفصيلها يحتاج إلى مجلدات لا يمكن حصرها، واكتفينا برؤوس المواضيع فقط، وللمزيد يمكن الرجوع إلى موسوعة من تراث القبط المجلد السادس تأليف د. "سمير فوزي جرجس"، وبها ايضاح كامل عن كثير جدًا من الكلمات المستخدمة فى لغتنا وأصلها يرجع إلى اللغة القبطية، ونحن نتكلمها ونظنها عربية..
 
يقول الراحل الأستاذ "بيومي قنديل": لماذا يميل المصريون في لغتهم المصرية الحديثة إلي وضع أداة الاستفهام في آخر السؤال؟ وذلك عكس اللغة العربية الفصحي: رايح فين؟ جاي من اين؟ عامل إيه؟ اسمك ايه؟ في مقابل إلي أين ذاهب؟ من أين قادم؟ ماذا تفعل؟ ما اسمك؟ علي التوالي.
ويسأل: لماذا يضع المصريون في لغتهم اسم الإشارة بعد الاسم المشار إليه علي نحو الولد دا..البنت دي...البنات دول، بدلا من هذا الولد.. هذه البنت.. هؤلاء البنات علي التوالي. وغني عن القول أن عبارة: دا ولد لا تضم اسم اشارة بل ضمير إشارة. وهل يمكن إرجاع الكلمات دا.. دي.. دول.. إلي أصل عربي؟ طبعًا لا يمكن، وهنا نؤكد ما سبق ذكره أن الفيصل في اللغة هي البنية Structure وليس الطوب الذي يعلو عليه.
 
وأخيرًا، يقول: لماذا تشكل الأصوات البين أسنانية الثلاث "ث, ذ, ظ" مناطق صعبة النطق بالنسبة للتلميذ المصري، في حين أن اللغة لابد أن تكون لينة حتي يمكن نطقها بسهولة بالنسبة للصغار هل تعتبر لغته القومية. 
 
وللموضوع بقية، أرجو الانتظار.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :