عساسي عبدالحميد- المغرب
قد تبدو الأمور شبه عادية فيما يتعلق بالمشهد السياسي في مصر، أي أن الجنرال عبد الفتاح السيسي و بعد خروج المليونيات الضاغطة للشارع في 30 يونيو 2013 احتجاجا على فشل الاخوان في تدبير الملفات الاجتماعية، وتفعيل الأوراش التنموية؛ والتي كانت المراهنة عليها قوية للرفع من معدلات التنمية وتضييق هوة البطالة وتحسين الخدمات لتهدءة الشارع المصري .....
اضطر السيسي وهو على رأس الجيش كقوة فاعلة ومؤثرة من التدخل وسحب البساط من تحت أرجل تنظيم الاخوان الدولي، وتم القبض على قياديي التنظيم ووضعهم في سجن خمس نجوم بمكيفات هواء و أسرة ناعمة وموائد فاخرة تضم أشهى أنواع الأطعمة والعصائر ، وتم اصدار أحكام في حقهم تراوحت ما بين السجن المحدد والمؤبد والاعدام (....).
============
هذا ما يظهر بعيدا عن الكولسة اذا لم ننزع الآحجبة والستائر لنرى ما يحدث فعلا وراء غابة كثيفة يصعب اجتياز أحراشها وصخورها المسننة ؛الواقع يقول أنه لو لم يكن السيسي اخوانيا لما تم تعيينه على رأس وزارة الدفاع في عهد محمد مرسي؛ ومجيئه للحكم كان خصيصا لتأديب المواطن المصري، وها هي اليوم محكمة النقض المصرية تلغي حكم الإعدام في حق 149 شخصا محسوبا على الاسلاميين، فهل هذا يدخل ضمن صفقة بين قادة العسكر و تنظيم الاخوان الدولي وفلول مافيات الدولة العميقة التي تجدرت في عهد السادات و تغولت في عهد مبارك ؟؟، الصفقة تهدف الى ايجاد صيغة توافقية ترضي الحيتان الثلاثة العسكر و الاخوان وفلول الدولة العميقة .(...)
=============
حتى المؤسسة العسكرية في عهد مرسي والتي شكلت دوما فاعلا اقتصاديا يحظى بحصة الأسد في الصفقات والاستثمارات تذر على قادته المليارات، كان هذا الجيش ينظر بعين الريبة لسياسات مرسي والتي كانت تتعارض مع مصالحه، وكانت دولة قطر تشجع مرسي على المضي في هذا النهج في أفق خلع أسنان المؤسسة العسكرية وتقليم أظافرها، وما رغبة القطريين في شراء مركب الصلب والحديد بحلوان وتهافتهم على الاستفراد بمشروع شرق التفريعة لانتاج الطاقة الكهربائية بضواحي بورسعيد؛ ولعب دور الوسيط الرهيب لترحيل سكان غزة نحو سيناء ،كل هذا يدخل في اطار التخطيط لازاحة المؤسسة العسكرية المصرية من التربح عبر مشروعات عملاقة وبالتالي سيطرة دويلة قطر على عصب الاقتصاد المصري.(....).
=============
عودة الاخوان لحلبة السياسة جد واردة وفق صفقة ترضي الحيتان الثلاثة، العسكر والاخوان ولوبيات الدولة العميقة بفروعها الأمنية والاقتصادية والقضائية والدينية، لكن عودتهم ستكون تحت اسم جديد مع الابقاء على روح التنظيم، وقيادات شابة جديدة على أن يعتزل مرسي ورفاقه العمل السياسي ، وطبعا مع تغييب لقادة عسكريين وأمنيين وعلى رأسهم ابن سعاد .(....)
============
تنظيم الاخوان واقع معاش وتماسيح تم تسمينها في محميات خاصة ؛نجحت عبر الطفرة النفطية لبلدان الخليج من التمدد وانشاء دولة ضمن الدولة لها ميزانيتها و أذرعها المافيوزية الضاربة واستطاعت التموقع بين مفاصل كل أجهزة الدولة السيادية وفي مقدمتها الجيش والأمن والمخابرات ، عصابة عابرة للقارات كهذه في حوزتها المال والسلاح ودعم أجنبي وقواعد متعاطفة خارج وداخل مصر لن يصعب عليها في حالة عدم عودتها للمشهد السياسي على تغييب الفريق السيسي بالطريقة التي تمت بها تصفية الوكيل العام "هشام بركات" والذي تم الاجهاز عليه بالمستشفى بعد نقله وهو ينزف دما بعد استهداف سيارته بتفجير تم التحكم فيه عن بعد، هم كانوا قادرون على زهق روح هشام بركات في موقع الانفجار ، لكنها آثروا ألا يفعلوها الا بالمستشفى كرسالة جلية أن بمستطاعهم أن يخبطوا في أي مكان بما فيها المستشفيات (....).
===============
كل الحيتان الثلاثة ستعود للاستنزاف مصر واستعباد شعبها لكن بمسميات أخرى وقيادات جديدة ، فالاخوان سيدفعون بشباب تم تأطيره و نال شهادات عليا بأمريكا وبريطانيا ليحمل لواء التنظيم ،و الجيش سيختار ضباطا جددا على رأس قياداته، وفلول الدولة العميقة سينصبون في البرلمان والوزارات والتنظيمات السياسية والنقابية والسلك الدبلوماسي أمناء على أموالهم ومصالحهم ، (.....)
==============
كل متمنياتي أن تنزل ألطاف الله على مصر وشعبها ، أتمنى وفي ظل غياب أي حل أن تجد الحيتان الثلاثة توليفة تضع مصالح الشعب المصري في الحسبان على أمل تهذيب هذه الحيتان وأنسنتها؛ وهذا لن يتم الا في اطار حكم ديمقراطي رشيد قد تكون عودة النظام الملكي في اطار ملكية برلمانية حيث صلاحيات الملك محددة دستوريا احدى الحلول المساهمة في بلورة مشروع مجتمعي حداثي ديمقراطي، واسترجاع شعب مصر الأمن الذي هو السماد والأرض الخصبة للتنمية المستدامة .(.....)
assassi_64@hotmail.com