كتب – محرر الأقباط متحدون
ولد د. عبد الرحمن بدوي (4 فبراير 1917 - 25 يوليو 2002 القاهرة)، وهو أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجًا، إذ شملت أعماله أكثر من 150 كتابًا تتوزع ما بين تحقيق وترجمة وتأليف، ويعتبره بعض المهتمين بالفلسفة من العرب أول فيلسوف وجودي مصري، وذلك لشده تأثره ببعض الوجوديين الأوروبيين وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر.
والدهُ بدوي بن بدوي بن محمود الشرباصي ، عمدة القرية، تعرض لمحاولة اغتيال قبل ولادة عبد الرحمن بأربعة سنين، وهو من أثرياء منطقته.
ولد عبد الرحمن بقرية شرباص - دمياط، وكان تسلسله الخامس عشر من بين 21 شقيقًا وشقيقة.
أنهى شهادته الابتدائية في 1929 من مدرسة فارسكور ثم شهادته في الكفاءة عام 1932 من المدرسة السعيدية في الجيزة، وفي عام 1934 أنهى دراسة البكالوريا (صورة شهادة البكالوريا)، حيث حصل على الترتيب الثاني على مستوى مصر، من مدرسة السعيدية، وهي مدرسة اشتهر بأنها لأبناء الأثرياء والوجهاء.
ثم التحق بعدها بجامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم الفلسفة، سنة 1934، وتم ابتعاثه سنة 1937 لمدة أربعة أشهر إلى ألمانيا و إيطاليا أثناء دراسته لإتقان اللغتين الألمانية والإيطالية وذلك بناءً على تعليمات من الدكتور طه حسين، وعاد عام 1937 إلى القاهرة، ليحصل في مايو 1938 على الليسانس الممتازة من قسم الفلسفة.
بعد إنهائه الدراسة تم تعينه في الجامعة كمعيد ولينهي بعد ذلك دراسة الماجستير ثم الدكتوراه عام 1944 من جامعة القاهرة، والتي كانت تسمى جامعة الملك فؤاد في ذلك الوقت، وكان عنوان رسالة الدكتوراه الخاصة به كان: "الزمان الوجودي" التي علق عليها طه حسين أثناء مناقشته لها في 29 مايو 1944 قائلا: "لأول مرة نشاهد فيلسوفاً مصرياً". وناقش بها بدوي مشكلة الموت في الفلسفة الوجودية والزمان الوجودي.
يجيد بدوي اللغات: الفرنسية والألمانية والإيطالية والأسبانية واليونانية واللاتينية والإنجليزية والفارسية بالإضافة إلى اللغة العربية.
نشاطه السياسي:
كان عضوا في حزب مصر الفتاة (1938-1940) ثم عضوًا في اللجنة العليا للحزب الوطني الجديد (1944-1952)، وتم اختياره مع 50 شخصية، كعضو في لجنة الدستور التي كلفت في يناير 1953 لكتابة دستور جديد، والذي تم الانتهاء منه في أغسطس 1954 لكن الدستور أهمل واستبدل بدستور سنة 1956.
ناصر يجرد عائلته من أملاكها
غادر إلى فرنسا 1962 بعد أن جردت ثورة 23 يوليو عائلته من أملاكها. وكان قد عمل كأستاذ زائر في العديد من الجامعات، (1947-1949) في الجامعات اللبنانية، (فبراير 1967 - مايو 1967) في معهد الدراسات الإسلامية في كلية الآداب، السوربون، بجامعة باريس، (1967 - 1973) في بالجامعة الليبية في بنغازي، ليبيا، (1973-1974) في كلية "الالهيات والعلوم الإسلامية" بجامعة طهران، طهران و(سبتمبر سنة 1974-1982) أستاذا للفلسفة المعاصرة والمنطق والأخلاق والتصوف في كلية الآداب، جامعة الكويت، وأستقر في نهاية الأمر في باريس.
وفاته:
مات "فيلسوف مصر" عن عمر يناهز 85 عامًا قبل أن يحصل على جائزة نوبل التي رشحه لها كثيرون، انتهت في الوطن رحلة الطائر الذي اختار العاصمة الفرنسية لتكون «منفى اختيارياً» له، بعد أن قدم لمكتبته الفلسفة والفكر العربي 200 كتابًا بين مؤلف ومترجم وفي نفس عاصمة النور ـ باريس ـ كانت المحطة قبل الأخيرة، محطة درامية مثيرة في حياة الفيلسوف التي شهدت أحداثاً أكثر إثارة.
كان العمر قد تقدم به وهو يعيش وحيداً في باريس وتكالب عليه الزمن والمرض والشيخوخة ليعيش حادثاً غريباً ربما كان هو الجرس الأحمر، الذي عرف منه الشيخ الفيلسوف أن رحلة طائرة الغربة آن لها أن تنتهي. وأن على الطائر المهاجر أن يعود في النهاية إلى وطنه ومسقط رأسه، ليسدل الستار على رحلة العمر الطويلة المرهقة.
حيث سقط في الشارع مغشيًا عليه ونقلوه إلى المستشفى، ثم خاطبت إدارة المستشفى السفارة المصرية قائلة: لدينا فيلسوف مصري هنا فتعالوا خذوه.