أسيوط : محمد محمود
يعيش اﻵﻻف من مواطنى أسيوط حالة من القهر تحت براثن الجهل والفقر ، ورغم دخولنا عام 2016 إلا أن العادات والتقاليد البالية، مازالت تسيطر علي قري أسيوطية، مما نتج عنها ظواهر اجتماعية متراكمة تسببت في حرمان آﻻف الفتيات من تعليمهن بحجة أن "تعليم البنت عيب" ، و"البنت ملهاش غير بيت أبوها".
وانتشر الجهل بقري المحافظة حتى وصل إلي 982 ألف أمي ، حسب تقرير الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار ، ووصلت نسبة الفقر إلي 62 بالمائة من الشريحة السكانية والتى بلغت 4 مليون و200 ألف مواطن، حسب تقرير حديث لوزارة التضامن الاجتماعي ، مما استلزم تضافر الجهود الحكومية بالتنسيق مع الهيئات ومنظمات المجتمع المدنى لمواجهة الجهل والفقر.
يقول حاتم قطب، مدير هيئة تير ديزوم بصعيد مصر، وعضو اللجنة العامة لحماية الطفل بمحافظة أسيوط، إنه تم تنفيذ العديد من التدخلات والمشروعات المساندة للطفل والأسرة وإلحاق الأطفال المتسربين من التعليم والفتيات ممن تخطوا 15 عاما ، وكانت المرأة حجر الزاوية ، في التدخلات وتم تنفيذ أنشطة من ضمنها مشروع "خطوة" ، والذي يتضمن أنشطة لمحو الأمية بالتعاون مع الهيئة ، وأنشطة تمكين اقتصادي وتعليم مهارات حياتية وتوعية صحية ورحلات ترفيهية.
وأوضح أن المشروع استهدف 55 فتاة في 2015 ، وخلال 2014 تم تنفيذ 1200 مشروع ﻷمهات الأطفال العاملين بقطاع الزراعة ، إضافة للفتيات المشاركات في مشروع خطوة، وأصبح شعارنا "تعليم البنت والولد للأرض أفضل سند"، وتم فتح فصلين لمحو الأمية للفتيات كتجربة بقرية السوالم البحرية بمركز أبنوب ، واستلمن شهاداتهن بعد اجتياز اختبارات الهيئة، والمشروع مستمر ويجري دراسة التوسع في المشروع.
وأوضحت عبير زيدان ، منسق المشروع ، أن 53 فتاة خضعن لامتحان محو الأمية، منهم 30 قمن بالاستكتاب، و 17 استلمن الشهادات، وتم اختيار القرية لعدم وجود مدارس بالقرية ، وأقرب مدرسة تبعد نحو 3 كيلو مترات عن التجمع السكنى للفتيات المستهدفات ، إضافة إلي حالة الفقر الشديد التى يعانى منها أهالي القرية ، وعادات وتقاليد سيئة تسببت في حرمان الفتيات من التعليم .
وتقول "علا علي حسنى" من قرية السوالم البحرية البالغة من العمر 17 سنة ، إن لديها 6 أخوة "3 بنات و3اولاد" ، وأضافت أن بعد المدرسة عن منزلها بمسافة 3 كيلو متر تقريبا كان سببا رئيسيا في منعها من التعليم ، كما أن من العيب في قريتنا أن تتعلم الفتاة ، وقالت كل أخوتى غير متعلمين إلا واحدا وحصل علي دبلوم ، واختى انضمت لمشروع محو الأمية مؤخرا بعد نجاحي فيه ، وقالت "انا كان نفسي اكون طبيبة لما اكبر بس عاداتنا وتقاليدنا منعتني، ونفسي اكون لدي تجارة خاصة بي ، ونفذت مشروع تربية دواجن وهطوره، وانصح كل فتاة تمر بظروفي ألا تخضع للعادات والتقاليد الخاطئة ، ودعك من كلام الناس فبعد نجاحك سيكونون خلفك ومعك ، واطالب بزيادة عدد المدارس وفصول محو الأمية ، وقبل اشتراكي في فصول "محو الأمية"، كنت اري الدنيا بنصف عين والآن أري الدنيا بألف عين ، واشكر والدي الذي يشجعنى اﻵن".
أما أسماء مصطفي، البالغة من العمر 17 سنة تقول :" لدينا في القرية عادة سيئة وغريبة تتلخص في "أن أكبر بنت لا تتعلم حتى تساعد امها في البيت" ، وهناك الكثير من البنات محرومات من التعليم ، واستبعدت أي حلم بداخلي منذ صغري فلم أجد من يشجعنى ، ولدي أربعة أخوة " 3 اولاد وبنت" في سنة 5 ابتدائي ولكن العادات والتقاليد تحرم البنت من اكمال الدراسة، وأرغب في إكمال تعليمي ولكن ظروف العائلة المادية سوف تكون عائقا لا محالة ، وأطالب في الاستمرار في تعليم الفتيات".
وتشاركها الرأي "رضا محمد عبدالرحمن" ، 22 سنة، لدي 4 إخوة "3 أولاد وبنت: وجميعهم غير متعلمين ، وتتسبب العادات والتقاليد والظروف المادية والمصروفات الدراسية الكبيرة ، وبعد المدرسة عن المنزل ، في انعدام فرصة تعليم الفتيات.
وأضافت قائلة "كان نفسي التحق بالشرطة منذ ولكن حلمي تبدد مع حرمانى من التعليم، والحمد لله انا مبسوطة انى عرفت اقرأ واكتب ، واخذت عهدي علي نفسي أن اعلم ابنتي حتى لا تتعرض لما أعيش فيه الآن ، نفسي أن تنتشر فصول محو الأمية لأن التعليم نور فعلا".
وأشارت إلي أن عائلات القرية لا تتحمل دفع مصروفات المدارس الحكومية فالمشكلة قائمة والفتيات سيظلوا بلا تعليم إذا لم بتدخل المسئولون، ولدي مشروع لتربية الدواجن وأسعي إلي تطويره وأطالب المسئولين بالاهتمام بالجانب الصحي والبيئي، واتمني الحصول علي مبلغ مالي حتى اتوسع في المشروع الخاص، ولم اخرج من قريتى منذ ولادتى وحتى الآن.
وتقول فريال رمضان ، 18 سنة ، لدي 10 إخوة "7 بنات و3 أولاد"، وحينما تم فتح فصل محو الأمية، وكنت أتمني في صغري الالتحاق بالشرطة ، إلا أن حرمانى من التعليم منعنى من ذلك ، وأنا "فرحانة وحاسة إنى كنت مبشفش ، وخايفة من تقاليد وعادات القرية تقف أمام طموحي" ، وتوجهت بالشكر لأخيها الأكبر الذي يدعمها ويساعدها. وطالبت بالتدخل لتغيير العادات والتقاليد ، فالجيل الحالي يعانى من موروثات صعبة.