الأقباط متحدون - طرد المُجرمين الأجانب: المُبادرة التي قد تـلجمُ قُضاة سويسرا
أخر تحديث ١٠:٥٣ | الاثنين ١ فبراير ٢٠١٦ | ٢٣طوبة ١٧٣٢ ش | العدد ٣٨٢٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

"طرد المُجرمين الأجانب": المُبادرة التي قد تـلجمُ قُضاة سويسرا

زنزانات مطار زيورخ، حيث يقضي عادة الأجانب الذين صدر بحقهم حكم بالطرد أيامهم الأخيرة قبل مغادرة التراب السويسري. وإذا ما تمت المصادقة على مبادرة حزب الشعب، فقد يتم ط
زنزانات مطار زيورخ، حيث يقضي عادة الأجانب الذين صدر بحقهم حكم بالطرد أيامهم الأخيرة قبل مغادرة التراب السويسري. وإذا ما تمت المصادقة على مبادرة حزب الشعب، فقد يتم ط

 تريد مبادرة حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي) التي تحمل عنوان "من أجل الترحيل الفعلي للمجرمين الأجانب" إجبار القضاة على طرد المجرمين الأجانب تلقائيا، من دون فحص كلّ حالة على حدة. وهو مقترح غير مقبول في نظر العديد من القانونيين الذين عبّروا علنا عن موقفهم. 

ثلاث صفحات ونصف هو طول المادة الجديدة التي يعتزم حزب الشعب تدوينها في الدستور الفدرالي، أي أنها أطول عشر مرات من متوسط ما يُقترح عادة. والسبب هو أنها - وعلى خلاف ما يوضع في أي ميثاق أساسي - لا تعلن عن مبدإ عام، بل تحتوي على قائمة الجرائم التي ستتسبب لمُرتكبها في الطرد إذا لم يكن بحوزته جواز السفر السويسري، حتى وإن كان قد وُلد فوق تراب الكنفدرالية.
 
هذا الأسلوب يُشكل سابقة حيث سيُضاف القانون الجنائي مباشرة إلى الدستور من دون أن يتمكّن البرلمان الفدرالي من قول أو فعل أيّ شيء. وقد أبدى مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان) امتعاضا شديدا من النهج المُقترح، بحيث وقّع جميع المُنتخبين في شهر ديسمبر 2015 (باستثناء ممثلي حزب الشعب والنائب المستقل توماس ميندر) بيانا ضد هذه المبادرة.
 
"دليل الطرد"
لقد جاء هذا التحرك غير المعتاد تماما لنواب مجلس الشيوخ قبل بادرة غير معتادة أيضا صدرت عن الأوساط الأكاديمية، إذ وقع 160 من أساتذة القانون في منتصف يناير 2016 على نداء يدعو للتصويت بـ "لا" يوم 28 فبراير. وتحت عنوان: "سويسرا دولة دستورية"، ندّد الموقعون بالمبادرة التي تهدف في نظرهم إلى "الإلغاء التام لسلطة القضاة على تقدير [الحالات]". وأعربوا عن قناعتهم بأن الدستور الفدرالي لا ينبغي أن يتعرّض "للتشويه ليتحول إلى ما يُشبه دليلا للطرد".
 
توبياس جاغ، الذي شارك في تأليف النص مع زميله أندرياس آور، أكد قائلا: "يقف وراء ندائنا العديدُ من أساتذة القانون العام، والإداري، والدولي في سويسرا".
 
من جهة أخرى، يرى آور، وهو أيضا مؤسس ومدير مركز الدراسات والتوثيق في مجال الديمقراطية المباشرة (c2d) بأن هذه المبادرة "تهدف في الواقع إلى استبعاد أيّ تقدير للقاضي. فحزب الشعب يريد عمليات طرد تلقائية، وعمياء، يتمّ تطبيقها بغض النظر عن حجم العقوبة والحالة الخاصة للشخص المعني. وفور ارتكابك مرة واحدة لجريمة خطيرة نسبيا، أو جريمة أو اثنتين أقل خطورة في ظرف عشرة أعوام، فسيكون مصيرك الطرد!".
 
فمثلا، إن أدين شاب بتهمة زرع نبات القنب في شرفة منزله، ثم قام بعد تسع سنوات بشتم رجل شرطة خلال مشاجرة بعد خروجه من حانة، فإنه سيُعتبر خطيرا بما فيه الكفاية ليُقرر القاضي تلقائيا طرده من البلاد.
 
وفي وقت سابق، أدان مارتان شوبارت، القاضي الفدرالي السابق، والمحامي وأستاذ القانون، مبادرة طرد المجرمين الأجانب (التي وافق عليها الناخبون عام 2010)، بحيث وصفها بالـ "فضيحة". وهو يعتبر أن "حزب الشعب يُخادع [الناخبين]" بتقديمه للمبادرة الثانية (التي طرحها لتطبيق المبادرة الأولى) على أنها "إرادة الشعب". ويضيف قائلا: "بطبيعة الحال، إذا قلتم: "فلنطرد المجرمين الأجانب"، سيجيب الشعب بـ"نعم"، ولكن إذا اقترحتم عليه نفس الفكرة، لكن مع فحص كلّ حالة على حدة، فأنا متأكد أن أغلبية كبيرة سترفض طرد هذا الشخص أو ذاك ببساطة لأنه لا يمتلك الجواز السويسري".
 
البروفيسور أندرياس آور يدافع أيضا عن إمكانية النظر في كلّ حالة على حدة، ويرى أن ذلك هو دور القاضي. ويقول ضمن هذا السياق: "لا يُمكن للشعب أن يكون القاضي. إن الشعب يضع القواعد، ولكن لا يُمكن أن يطبق هذه القواعد سوى القضاة". ومعلوم أن القضاة مكلفون على وجه التحديد بمراعاة مبدإ مُدوّن مرتين في الدستور الفدرالي (المادتان 5 و36)، والقاضي بأن تحرك الدولة ينبغي أن يكون "متناسبا مع الهدف المنشود".
 
مبدأ التناسب
في صفوف حزب الشعب، يبدو واضحا أن هانس-أولي فوغت، أستاذ القانون والنائب المُنتخب حديثا، لا يرى الأمور من نفس المنظور، إذ يقول: "ينبغي أن يعمل النظام وفقا لمعايير تجسّد مبدأ التناسب بشكل عام. وهذا المبدأ لا يدخل في كلّ قرار على حدة، وفي كل محكمة على حدة، وكل حالة على حدة". ويستشهد كمثال على ذلك بحالة ارتكاب جريمة القتل، بحيث يحظر القانون الجنائي على القاضي من حيث المبدأ إصدار عقوبة سجن تقل عن عشر سنوات. ويتابع قائلا: "هناك أيضا حالة السائق الذي يلتقطه رادار السرعة وهو يتجاوز 140 كلم في الساعة على الطريق السيار. فحتى إن كان بمفرده، ولم يعرض حياة أحد للخطر، وأنه يعتبر الغرامة غير متناسبة، فيتعين عليه دفعها. لذلك فنحن لدينا بالفعل معايير إلزامية تحُدُّ من هامش مناورة المحاكم. وهذا أمر جيد، لأنه لا يجب ترك الحكم لذاتية القاضي".
 
يبقى أن سويسرا، مثل أي دولة قانون، تعتمد مبدأ الفصل بين السلطات. وبالتالي فإن الأجهزة القضائية تُعرف باستقلاليتها في الكنفدرالية. فكيف سيُوفّـق القضاة بين الطرد التلقائي ومبدإ التناسب؟ يجيب مارتان شوبارت: "سيُواجهون صراعات ضميرية لا تُطاق".
 
 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.