بقلم : محمد فتحى | الأحد ٣١ يناير ٢٠١٦ -
٤٨:
١١ ص +02:00 EET
محمد فتحى
(1) تلقيت اتصالاً من العميد علاء محمود، المدير الأسبق لقطاع الإنتاج الإعلامى بوزارة الداخلية، رداً على ما كتبته أمس عن طنط دولة ورد العديد من المتهمين من قبل جهاز الكسب غير المشروع لملايين تحصلوا عليها دون وجه حق، وشملت القائمة اسم العميد علاء محمود ورده لمبلغ 11 مليون جنيه للتصالح، وفاجأنى الرجل بالتالى:
أولا: هو لم يرد جنيهاً واحداً والخبر عارٍ تماماً من الصحة.
وثانياً: الأموال صُرفت فعلاً، لكن دوره - والكلام على لسانه - مجرد الصرف باسمه، وقد تم استخدام الأموال فى صناعة أفلام وأغانٍ ومواد دعائية.
وثالثاً: الرجل أكد على أن قاضى التحقيقات حفظ البلاغ لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى.
الغريب فى الأمر أن الكاتب وردته اتصالات أخرى تؤكد أن عدداً من المذكورة أسماؤهم لم يردوا شيئاً، وأن الخبر الذى حرك كثيرين وأثار غضباً مكتوماً فى الصدور غير دقيق، وأن بياناً وشيكاً سيصدر عن النائب العام أو قاضى التحقيقات لشرح اللبس الذى حدث.
(٢) فى العدد السابع للسنة السابعة من مجلة «تان تان» الشهيرة التى كانت تصدر مترجمة أسبوعياً فى مصر فى السبعينات، وتنشر قصص الكومكس لأساطير الكومكس فى العالم، نشر باب بريد القراء قصة رسمها وألفها شاب صغير اسمه نبيل فاروق رمضان، وفى نفس الصفحة قصيدة شعرية لشاب اسمه أحمد خالد توفيق. فيما بعد سيعتزل نبيل فاروق الرسم والطب، ليتفرغ لصناعة بطل يلتف حوله الشباب العربى من المحيط إلى الخليج، وسيكف أحمد خالد توفيق عن كتابة الشعر بعد أن يكتشف أن أمل دنقل يكتب ما يريد أن يكتبه، قبل أن يركز فى أدب الرعب، وما وراء الطبيعة ليصبح رائده فى مصر والعالم العربى، ومن هنا تبدأ الحدوتة التى تعرفها أجيال تربت على بطولات أدهم صبرى، ضابط المخابرات المصرى، (ن-1)، الذى سيلقب برجل المستحيل، ونور الدين محمود، وفريقه الذين يقرأون ملف المستقبل ويحلون ألغازه، وكلتا الشخصيتين من إبداع طبيب الأطفال، الذى هجر الطب، نبيل فاروق، الذى سيحبس أنفاس قرائه، ويغيظهم بعبارة شهيرة هى (البقية العدد المقبل)، وهى نفس الأجيال تقريباً التى تربت فيما بعد على حكايات وأساطير أستاذ أمراض الدم العجوز رفعت إسماعيل، الذى يهدم الأساطير، ويغوص فى عالم ما وراء الطبيعة، و«عبير» التى تعيد حكى أجمل قصص العالم بعد أن يلقى بها المرشد فيها كأحد أبطالها فى فانتازيا راقية لم تقدم فى مصر من قبل، ود.علاء عبدالعظيم، الذى يجاهد لكى يكون طبيباً فى أحراش أفريقيا، فى سلسلة روايات جيب طبية لدرجة مرعبة، ومع ذلك قادرة على الاحتفاظ بقارئها. نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق كاتبان من طراز مختلف، لو أن أحدهما أو كليهما فى بلد آخر لنال تكريماً على مسيرته التى ربت أجيالاً، وكانت «السلمة» الأولى فى طريق عشقهم للقراءة بلغته الراقية والسهلة الممتنعة، كنت أحد من تربوا على أعمال الكاتبين الكبيرين، وقابلتهما وأنا (عيل) يعمل مراسلاً صحفياً ناشئاً فى مجلة «سمير» (رحم الله أيامها، وسامح من دفنها بالحياة) لتنشأ علاقة صداقة ومودة وتلمذة بينى وبينهما مستمرة حتى الآن، اكتشفت من خلالها كيف أن الإنسان أحياناً له نصيب من اسمه، فنبيل نبيل، وأحمد سيظل خالداً عند قرائه بما كتب، ودشن من أدب مختلف. وبغض النظر عن اختلاف البعض مع أى من آراء الكاتبين الكبيرين بعد الثورة، لا سيما د. نبيل فاروق، الذى سبح ضد التيار، ودافع عن جهاز وطنى ارتبط به كثيرون عاطفياً، وهو جهاز المخابرات العامة، فإن هذا المقال الذى هو دون أى مناسبة (أو ربما بمناسبة معرض الكتاب الذى كنا نذهب إليه فى طفولتنا من أجلهما فقط) فرصة لتحية اثنين أثرا على أجيال وأجيال من المصريين والعرب، وفرصة لتذكر الرجل الذى أعطاهما هذه الفرصة الراحل حمدى مصطفى، وفرصة لكى تستعيد أحلى ذكرياتك معهما، ومع زملائهما الذين نفتقدهم ونفتقد معهم براءتنا حين بدأنا القراءة، فتحية لنبيل فاروق، وأحمد خالد توفيق وشريف شوقى وخالد الصفتى، وغيرهم من هؤلاء الذين كلما تذكرناهم ابتسمنا فى شجن، وتذكرنا براءتنا الأولى.
(٣) حدث هذا معى شخصياً قبل عامين تقريباً. رددت على هاتفى فإذا ببنوتة لطيفة مسئولة عن اللجنة الثقافية فى أسرة بإحدى كليات جامعة إسكندرية، وبعد سلامات وكلام جميل، قالت لى: «إحنا محتاجينك فى ندوة، ومحتاجين مساعدتك تتواصل مع ناس عايزين نجيبها الندوات». قلت لها: تحت أمرك طبعاً. اكتبى لى أسماءهم وابعتيهم لى فى إيميل وهبعتلك أرقامهم واللى أعرف أكلمه منهم هكلمه»، وفعلاً البنت أرسلت الرسالة وفيها الأسماء. الأديب الكبير بهاء طاهر.. ماشى.. ولو أنه قد يكون فى جنيف، أو أن صحته لن تساعده على الذهاب لندوة فى إسكندرية.
إبراهيم عبدالمجيد.. ده راجل إسكندرانى ومحترم ومبدع كبير، ولا أعتقد أنه سيرفض. عمر طاهر.. يا سلام.. عمر بيحب التواصل مع الناس وكاتب كبير، وله جمهوره من الشباب. إبراهيم عيسى.. ماشى.. ممكن أبلغه ولو إنى عارف أنه مشغول وهيعتذر. يوسف إدريس.. هه؟؟ عبدالوهاب مطاوع.. نعم؟؟ أستاذ توفيق الحكيم!!!!!!!!!!!!!!!!!! وكتبت البنت: «ويا ريت يا ريت لو حضرتك توصلنا بالأستاذ إحسان عبدالقدوس لأن كان معانا رقم ابنه محمد وضاع!!» أرسلت لها معتذراً عن الندوة الخاصة، ومعتذراً عن أى شىء، ودعوتها لأن تكون أهلاً للجنة الثقافية. غضبت ولم تفهم، وحين واجهتها بجهلها غضبت أكثر، وقالت لى بثقة: سأراجع معلوماتى، لأن يبدو أن حضرتك بتتريق عليّا!! فى اليوم التالى أرسلت لى رسالة اعتذار شديدة الدماثة، وأكدت لى أن فى الأمر خلطاً وخطأ غير مقصود، ودعتنى لنسيان الماضى، وطلبت منى رقم د. نبيل فاروق، أديب الشباب المعروف، ود. أحمد خالد توفيق، رائد أدب الرعب فى مصر، ثم ختمت رسالتها: «ولو ما فيهاش رخامة، وما فيهاش تعب لحضرتك.. نمرة الأستاذ نجيب محفوظ الأرضى، لأنهم قالولنا ماعندهوش موبايل!!».
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع