نظرًا إلى المنافسة الشديدة في سوق الدمى، ومواكبة للعصر والتغييرات التي طرأت على مفاهيم الجمال، عملت شركة ماتيل على إعادة هيكلة لباربي عبر إطلاق 3 نماذج من الباربيات، واحدة قصيرة والثانية طويلة، والثالثة ذات أنوثة واضحة، ليكون هذا التغيير الأكبر إطلاقًا في تاريخ اللعبة خلال 57 عامًا.
إعداد ميسون أبوالحب: الكثيرون يعرفون من هي الدمية "باربي" ذات الشهرة العالمية، غير أن القليلين يدركون موقعها في المجتمع الأميركي منذ بدء ظهورها قبل 57 عامًا.
ففي أميركا، 92% من الفتيات الأميركيات بين سن 3 و12 كان لديهن دمية باربي على مدى أكثر من نصف قرن، بفضل سعرها المناسب 10 دولارات. هي ليست مجرد دمية، بل هي الصورة التي أُريد للفتاة أن تكبر عليها، وأن تصبح، وأن تتصرف، وأن ترتدي ملابسها مثلها.
كانت باربي رمزًا لنوع معيّن من الجمال على مدى أجيال، حسب قول م.ج.لورد مؤرّخ باربي: "صنعت باربي لتعلِّم الفتيات ما المطلوب منهن فعله، وما هو الدور الذي ينتظرهن في المجتمع".
ازدهار
سجلت باربي حجم مبيعات تجاوز مليار دولار في أكثر من 150 بلدًا سنويًا خلال فترة ازدهارها. لكن ذلك كان قبل 2012 عندما انخفضت مبيعات الدمية إلى درجة إنها خلقت اأزمة لدى شركة "ماتيل" التي تنتجها.
في الوقت نفسه ظهرت نماذج دمى مختلفة، راحت تجتاح السوق الأميركية، ودفعت أيقونة الدمى إلى الوراء. فكان تراجع المبيعات بنسبة 12% بين 2012 و2014، وهو ما أتاح لدمية إلزا بطلة فلم فروزن أو ملكة الثلوج البروز لتصبح الأكثر شعبية لدى الفتيات، كما سمحت لشركة ليغو بأن تتصدر سوق الدمى واللعب في العالم على حساب ماتيل.
معايير الجمال
تتميز باربي بكونها نحيفة ورشيقة، وهكذا كانت على الدوام، والكل يعلم أن الفتيات لا يكبرن دائمًا، ليصبحن نحيفات مثلها، وهو ما خلق مشكلة ثقة لدى الكثير من النساء، اللواتي كانت تمثل باربي بالنسبة إليهن نموذجًا وحيدًا ممكنًا.
هناك أيضًا تغيير في معايير الجمال في الولايات المتحدة، مع ظهور شهيرات من أمثال كيم كارديشيان ويست وبيونسيه وكريستينا هندركس. ويعني هذا أن الصورة المثالية ما عادت المرأة الشقراء النحيفة الرقيقة، بل أصبحت الصورة أنثوية بشكل أكبر. ولذا استحق الأمر التغيير.
مشروع الفجر
منذ عامين وشركة ماتيل تعمل على إنتاج باربي جديدة بشكل مختلف، وهي تدرك تمامًا بأن في الأمر مجازفة، لأن تغيير الصورة قد يصرف زبائن مخلصين، وقد يفشل تمامًا.
لكن الوضع المالي اضطر العاملين في ماتيل إلى الرضوخ للأمر الواقع، والعمل على صورة أخرى. من هنا جاء إنتاج، ليس باربي واحدة، بل ثلاث باربيات.
عملت الشركة بسرية كاملة على هذا الإنتاج، بحيث لم يعرف عنه غير 20 شخصًا في العالم فقط، وأعطي اسمًا تمويهيًا هو "مشروع الفجر". وجاءت النتيجة ثلاث باربيات، إحداهن "قصيرة"، والأخرى "طويلة"، والثالثة "ذات أنوثة وانحناءات جسدية واضحة"، والهدف هو مماشاة الصورة السائدة حاليًا للنساء الجميلات في الولايات المتحدة، الصورة التي تغيّرت تمامًا خلال السنوات الأخيرة.
وذكرت صحيفة تايم أن هذا التغيير هو الأكبر والأهم على مدى تاريخ دمية باربي منذ 57 عامًا. ولم يشمل التغيير الشكل فقط، بل أيضًا الألوان ونوع الشعر وأمورًا أخرى عديدة، أحدها الملابس والأحذية المرافقة. ويأمل الفريق العامل على إنتاج باربي الجديدة بأشكالها الثلاثة أن تحقق الصورة الجديدة نجاحًا، وهو ما لا يمكن معرفته إلا بعد حين.
تاريخ
أثارت باربي جدالًا منذ ولادتها عندما اعتمد منتجها روث هاندلر في إعطائها ملامحها المعروفة على لعبة ألمانية اسمها "ليلي"، ومنحها اسم باربي، لأن اسم ابنته بربارا.
وعندما عرض هاندلر الدمية في معرض اللعب والدمى في نيويورك في عام 1959 ضحك الجميع، وسخروا منها. وقال البعض أيضًا إنها تؤثر على الفتيات، وتقصر اهتمامهن على قضايا بيتية فقط، بدلًا من تمكينهن وتطوير عقولهن.
وفي عام 1963 أدخلت تغييرات على باربي، التي أصبحت امرأة اعمال، وفي 1965 أصبحت رائدة فضاء، ثم جراحة في عام 1973، في وقت كانت 9 % من النساء الأميركيات فقط طبيبات.
نجحت باربي نجاحًا منقطع النظير، وسيطرت على 90 بالمائة من سوق الدمى الخاصة بالفتيات حتى منتصف 2000، عندما بدأت تواجه منافسة من دمى براتز Bratzh الحديثة بهاتفها الجوال وحداثتها وشكلها العصري جدًا.
لمواجهة المنافسة، قامت شركة ماتيل، التي أصبحت تعتمد في أعمالها على إنتاج دمى بشكل أميرات أفلام دزني، قامت بإنتاج دمى أخرى منحتها اسم مونستر هاي Monster High. ولم تهتم ماتيل في ذلك الوقت بتناقص مبيعات باربي، لكونها مهتمة بإنتاج هذه الدمى الأخر، حتى جاء القرار بتغيير باربي وشخصيتها تمامًا. تباع الدمية الجديدة اعتبارًا من 28 كانون ثاني (يناير) على الانترنت فقط، وتأمل الشركة أن تحقق نجاحًا مثل جدتها الأصلية باربي.