اسمها ألكسندرا مزهر، لكن الجميع ينادونها «سندريلا العائلة». هي فتاة محبوبة، مسالمة، مندفعة في عملها وتحب الحياة، التي فارقتها عن 22 عاماً طعناً في قلبها على يد لاجئ في مقرّ عملها الذي انضمت إليه منذ 8 أشهر معالِجةً في علم النّفس، وهو مركز لإيواء ورعاية اللاجئين القُصَّر القادمين من دون ذويهم في مدينة مولندال (Mölndal) غرب الساحل السويدي.
هي البِكر لعائلة لبنانية من بلدة القليعة (قضاء مرجعيون، جنوب لبنان). هاجر والدها قبل 25 سنة إلى أرض السلام، السويد، حيث لا طعنات في القلب أو الظهر، ولا ثأر، ليعود بعد سنتين إلى بلدته ويتزوّج سنان نقولا ويصطحبها إلى السويد وينجبا ألكسندرا وشربل وإيلي ودانيال في منطقة بوراس.
عُرف عن ألكسندرا التزامها وإيمانها العميق وتعلّقها بضيعتها الجنوبية، إلا أن هجرة والدها الذي يملك مطعماً في السويد دفعتها إلى التعلّم والعمل في تلك البلاد. زارت ألكسندرا لبنان، البلد الأقرب إلى قلبها والأشد أماناً أكثر من مرة، كما ينقل أقرباؤها عنها قولها: «أحلى بلاد بلادنا». المرة الأخيرة كانت في حزيران (يونيو) الماضي، حين تلقّت موافَقة على العمل في مركز اللجوء، وكانت تخطط لزيارته مجدداً في 15 شباط (فبراير) المقبل.
وإذا كانت الجريمة سبّبت انهيارات بين أقارب ألكسندرا في بلدة القليعة، فإن وقعها شكّل صدمة لوالدها بيار، الذي تبلّغ الخبر وهو في جولة عمل في أميركا فأُدخل المستشفى، كما روى عمّها الياس مزهر المتواجد في القليعة لـ «الحياة»، وأُصيبت والدتها في السويد بانهيار.
وفي تفاصيل الجريمة، كما روى عمها الياس لـ «الحياة»، أنه بينما كانت ألكسندرا، المسؤولة عن مركز رعاية أولاد اللاجئين، تتابع عملها اليومي بإجراء مقابلات مع اللاجئين لمعرفة حاجاتهم ومشاكلهم، تبين لها أن أحدهم مراهق يتجاوز الـ18 سنة، خلافاً للشروط المسموح بها لتواجده بين هؤلاء (القصّر)، ولدى استفسارها منه عن سبب وجوده في المبنى منذ أكثر من 3 أشهر، ارتبك وعاجلها بسكين كان في حوزته. وبقيت الضحيّة، كما قال عمها الياس، مرمية على الأرض نحو ساعتين، لتفارق الحياة قبل أن تصل الشرطة المحليّة. وتبين أن 6 من القُصّر نزلاء المركز كانوا أقنعوا الجاني بالالتحاق بهم في هذا المبنى، لما يتمتّع به من مساعدات مميّزة. ولفت إلى أنها كادت تنهي دوام عملها عند الثامنة صباح أول من أمس لولا تأخّر زميلة لها عن الدوام. وأكد مزهر أن الجاني سوري الجنسية، وهو موقوف مع الأولاد الستة، الذين أخلي سبيل ثلاثة منهم لاحقاً، فيما رفض توماس فوكسبورغ الناطق باسم الشرطة السويدية إعطاء معلومات حول جنسيته. وقال فوكسبورغ: «لم تتضح بعد الدوافع التي دفعت المشتبه به إلى قتل الموظفة».
وتختلف إفادة الياس مزهر عما تناقلته المواقع الإخبارية الإلكترونية السويدية واللبنانية، من أن مزهر قُتلت على يد مراهق أفغاني يبلغ من العمر 15 سنة طعناً، بعدما تدخّلت لفض إشكال بين الفتيان.
وقال هانز ليبنز، الناطق باسم الشرطة في مولندال، إن ألكسندرا كانت متواجدة مع 8 لاجئين، جميعهم ذكور، «وما حدث نتج من شجار كما يبدو». ووعد بـ «الإفراج عن مزيد من المعلومات، لأن اللاجئين في المركز لا يعرفون اللغة السويدية، ولأنهم من دول مختلفة، لذلك نحن في حاجة إلى عدد من المترجمين ليزوِّدونا بأقوال الشهود».
أما على مواقع التواصل الاجتماعي التي تناقلت الخبر التراجيدي، فتعددت آراء السويديين الذين قال بعضهم إنه «طفح كيل السويديين»، وثمة من رأى «ضرورةً لتغيير الحكومة الحالية، نتيجة سياستها المتساهلة حيال اللاجئين».
دفْن ألكسندرا ينتظر انتهاء التحقيقات، ووالدتها تريد أن تدفن بقربها في السويد. وسيقام قداس لراحة نفسها الأحد في القليعة...!!!