د . ماجد عزت إسرائيل
مازالت أسرة الشاعر الكبير خالد الجرنوسى تحتفل كل عام بذكرى حياته التى امتدت بعد رحليه منذ 23 من ينــــــاير 1961م وحتى اليوم لتتواكب أحتفالاتها مع الذكر الخامسة لثورة 25 يناير 2016م،وعيد الشرطة،وإذا جاز لنا التعبير مصر كلها تحتفل مع أسرة الراحل "الجرنوسى" ـ هذه الأسرة معروفة عبر تاريخها بمواقفها الوطنية ومحبته للآخر،والتى كان من نتائجة تأسيس جمعية الشباب المسيحية لشعراء العروبة ــ واليوم 23 يناير 2016 تحتفل أسر الراحل بحضور لفيف من الأدباء و الشعراء والزجالين والقصاصين والفنانين والصحفيين، ويتولى الإعداد لهذه الاحتفالية السيد العميد محمد عبد الفتاح الشهير بالجرنوسى الصغير.
على أية حال،ولد خالد أحمد الجرنوسي في قرية الجرنوس بنى مزارعام 1898م (محافظة المنيا)، أتم تعليمه الأولي بالقرية، وفيها حفظ القرآن الكريم ولم يبلغ العاشرة من عمره، ثم التحق بالأزهر أثناء الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م)، كما درس في كلية الآداب – جامعــة القاهرة وتخرج فيها، واستقر بمدينة القاهرة( المعصرة) حلوان، التى كتب لها قصيدته بعنوان:
حلوان
تعـالي إن حلوانا ............. صفت رَوحــاً وريحـانا
وعـادت وحدها الدنيا ............ وكانت بعض دنيانا
وقــد كنا نلبيها... ............. إذا ما الشـــــوق نادانا
وقد كنا إذا اخضرَّت...... ... زروعُ الارض رُعيانا
وقد كنا إذا دقت ................ طبول النسكِ رهـبانـا
تعــالي إن في الوادي........... .. أزاهـــيراً وأفــنانا
تعالي نعتلي غصنا........... ... نسبــح فيه مـــولانا
تعالي نبتني عــشاً................. نردد فيه نجــــوانا
فما كنا سوى نحلٍ.............. .. طردنا من خلايانا
أبيت الظل حرانا ................ وعفتُ المـاء ظمآنا
على سمراء لم لأعدِلْ............ بها إنسا ولا جــانا
فما شئناه هجرانا............... .. ولا شئــناه سلوانا
كلانا عضَّ كفيه................ على ما فات ندمــان
وأيضًا اشتغل بالتدريس بمدرسة ثمرة التوفيق القبطية، ثم تفرغ للصحافة، حيث عمل بجريدة «المصري» ونشر بها بعضًا من ملاحمه الشعرية، وعمل محدثاً بالإذاعة المصرية منذ أنشأئها عام 1934م.
كما كان عضوًا بجماعة أدباء العروبة التي أسسها الوزير الشاعر إبراهيم الدسوقي أباظة باشا، وكان المترجم له صاحب فكرتها وراعي ندواتها.وشارك شعره في ثورة 1919، فقد أهدى ديوانه الأول بعنوان(خالد) لزعيم الأمة سعد زغلول، وقاد التظاهرات مع شباب تلك المرحلة.وارتبط بعلاقات محبة قوية بالاقباط، فاتخذ من جمعية الشبان المسيحية عام 1949م مركزاً لشعراء العروبة، ومازالت تعقد جلساتها فى الجمعة الأولى من أول كل شهر، فأستطاع من خلال ذلك تنمية روح الوحدة الوطنية ما بين الأقباط والمسلمين،كما كانت فلاته بالمعصرة حلوان ملتقى لعنصرى الأمة من خلال العلاقات الاجتماعية التى ربطتته بجيرانه الأقباط، وأنعكس كل ذلك على شعره فنرها يذكر كلمات بشعره تدل على مدى علاقاته بالأقباط مثل( النسك- الرهبان- القديسين) وغيرها كثيراً.
وذاعت شهرته منذ عام 1952م عندما نال ديوانه: «اليواقيت» جائزة المجمع اللغوي بالقاهرة عام 1952م، أما أنتاجه الشعرى فله العديد من الأعمال نذكر منها:صدر له من الدواوين: «ديوان خالد» - مطبعة مطر - مصر 1923 (أهداه للزعيم سعد زغلول)، و«قلوب تغني» - 1934، و«اليواقيت» - دار الفكر الحديث - القاهرة 1954، و«ديوان قصص إسلامية» - مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة 1963 - صدر بعد وفاته، و«على طريق النور» - المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - القاهرة 1973 (تقديم الشاعر الربيع الغزالي)، و«خالد الجرنوسي، مختارات شعرية» - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة 1998 (تقديم مصطفى السحرتي) و«ملحمة خالد بن الوليد» - نشر الفصلان الأول والثاني بصحيفة المصري: 28/5/1952 - 17/6/1952 - ولم تنشر بقية الفصول بالصحيفة، و «نُعمى» مسرحية شعرية (لم تنشر).
ينتمي شعره إلى ثقافته وتجربته وطبيعة مرحلته، كان أبوه من ضباط ثورة عرابي عام 1881م، وكانت مكتبة هذا الأب حافلة بكتب السيرة، وعاش المترجم عصر سعد زغلول سياسيًا، وعصر النهضة والتحول عن الكلاسيكية إلى الرومانسية فنياً فكان نتاج هذا التلاقي المركب، التزم الموزون المقفى، وغلبت السياسة على قصائده المبكرة، وهيمنت النظرة الإسلامية على توجهاته المتأخرة، وجمع بين القصيدة والملحمة، ومع عنايته بالشعر الغيري كان التحامه بالطبيعة وتغنيه بهمومه وانفعالات وجدانه طاغيًا في بعض قصائده.