بقلم - د. يحيى الوكيل
تداول الإعلام المصري مؤخرا قصة دينا المصرية (اسمها الحالي دينا عوفاديا)، وهي مصرية أسقط رئيس مجلس الوزراء المصري جنسيتها عنها، و ذلك لالتحاقها بالخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. و ركّز الإعلاميون المصريون، و على رأسهم أحمد موسي، على "العار" الذي ألحقته الشابة المصرية في السابق بالمجتمع المصري بعد التحاقها ب "جيش الكيان الصهيوني"، دون التطرق إلى العار الذي دفعها ودفع عائلتها للهروب من مصر؛ و طبعا بدون فهم لأن إسقاط الجنسية عن دينا سيؤمن سابقة قانونية لإسقاط الجنسية عن أى مصرى يلتحق بجيش دولة أجنبية، و هو ما تسعى إليه السعودية بتجنيد الشباب المصريين لقتال إيران.
من هي هذه الشابة وما حكايتها؟
تبدأ قصة دينا في مدينة الإسكندرية، حيث ولدت و ترعرعت. و كان اسمها آنذاك، كارولين عبدالله. وروت عوفاديا في مقابلة مطوّلة مع الموقع الإعلامي للجيش الإسرائيلي، أنها لم تعرف أنها يهودية النسب حتى جيل متقدم، و حدث ذلك جرّاء حادثة عنيفة، صدمتها في العمق، و سبّبت في هجرة عائلتها من مصر إلى إسرائيل.
و الحادثة التي تحدثت عنها عوفاديا بألم، كانت اقتحام مجموعة من أتباع التيار السلفي في مصر بيت العائلة و تهديدها بمغادرة مصر على الفور. و جاء في وصف الحادثة حسب ما روت الشابة على موقع الجيش "قاموا بالصراخ في المنزل و بكسر كل ما وقع في ايديهم و بالصراخ ب"عيلة اليهود" [و طبعا مع ما يلزم من صرخات الله أكبر]؛ لم يخطر في ذهني انهم يقصدون ذلك و لكن عندما خرجوا قمت بتفقد المنزل و أدركت حينئذ ان هدفهم كان ليس سرقة شيء من بيتنا".
و ثمة حادثة أخرى سببت مزيدا من الإحباط لدينا، و جعلت "المسافة بين الإسكندرية و تل أبيب أٌقصر" كما روت، وهي رفض صديقتها "أمل"، من الإسكندرية، مقابلتها، حيث أقفلت باب المنزل في وجهها. و اضطرت العائلة جرّاء غلق المجتمع المصري أبوابه في وجه العائلة "اليهودية" إلى الرحيل من مصر، و البحث عن حياة جديدة.
و بعد وصول العائلة المصرية إلى إسرائيل و استقبالها بحرارة، تحوّل اسم الفتاة الإسكندرية إلى دينا عوفاديا، و كان عمرها آنذاك 15 عاما، فالتحقت بمدرسة دينية في أورشليم القدس، و من ثم التحقت بالجيش الإسرائيلي كسائر أترابها [و هو النظام المتبع فى إسرائيل و ليس لأنها مصرية، فالتجنيد إلزامى للآولاد و البنات]، وكان من الطبيعي أن تصل إلى وحدة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، و أن تعمل تحت أفيخاي أدرعي المتحدث للإعلام العربي.
نذكر أن دينا عوفاديا رفضت التعليق على قرار إسقاط جنسيتها وتعليق الإعلام المصري على حادثتها.
دينا ضحت من أجل مصر مرتين، مرة لما تحملت الكراهية السلفية لمصرية من مواطنى مصر، فلم تقاوم و اختارت الابتعاد؛ و مرة بإسقاط جنسيتها قاطعة الطريق على تجنيد الشباب المصريين فى الجيش السعودى - حيث يمكن أن يعدوا مقاتلين فاشيسلاميين معادين لمصر.
شكرا لك يا دينا، و أتمنى أن يستمر السلام بيننا و بين إسرائيل؛ فلا خوف عليك و لا خوف منك.