م. مدحت سيف - نيويورك
عزيزى القارئ:
تحدثنا سابقاً عن أربع قصص،وتوصلنا لنقاط عديدة منها:
من يخشى صعود الجبال ، يعيش حياته بين الحفر.
هناك مَنْ يصطاد بالصنارة، وهناك مَنْ يصطاد بالشبكة.
لنضع أنفسنا مكان الآخرين ولا نحكم عليهم، فربما لو كنا مكانهم لفعلنا مثلهم.
إذا جعلت نفسك دودة، فلا تلُم الآخرين إن داسوا عليك بأقدامهم.
ليس كل ما يُعرف يُقال، فبعض الكلمات قد تفتح علينا وعلى الآخرين أبواباً قد لا يمكن غلقها.
ولنستكمل رحلتنا مع:
6- أنت كما ترى نفسك
عندما كان عمره شهرين وقع الفيل الصغير فى فخ الصيادين فى إفريقيا، وبيع فى الأسواق لرجل ثرى يملك حديقة حيوانات متكاملة. وبدأ المالك على الفور فى إرسال الفيل إلى بيته الجديد فى حديقة الحيوان، وعندما وصل المالك مع الفيل إلى المكان الجديد، قام عمال هذا الرجل الثرى بربط أحد أرجل الفيل فى مكان بعيد عن الحديقة، شعر الفيل بالغضب الشديد من جراء هذه المعاملة القاسية، وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر، ولكنه كلما حاول أن يتحرك ويشد السلسلة الحديدية كانت الأوجاع تزداد عليه، فما كان من بعد عدة محاولات إلا أن يتعب وينام، وفى اليوم التالى يستيقظ ويفاعل نفس الشىء لمحاولة تخليص نفسه، ولكن بلا جدوى حتى يتعب ويتألم وينام.
ومع كثرة محاولاته وكثرة آلامه وعدم نجاحه، قرر الفيل أن يتقبل الواقع، ولم يحاول تخليص نفسه مرة أخرى على الرغم أنه يزداد كل يوم قوة وحجماً، لكنه قرر ذلك وبهذا استطاع المالك الثرى أن يروض الفيل تمامًا.
وفى إحدى الليالى عندما كان الفيل نائمًا ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة لكرة صغيرة مصنوعة من الخشب، مما كان من الممكن أن تكون فرصة للفيل لتخليص نفسه، ولكن الذى حدث هو العكس تمامًا.
فقد تبرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وتسبب له الآلام والجراح، وكان مالك حديقة الحيوانات يعلم تمامًا أن الفيل قوى للغاية، ولكنه كان قد تبرمج بعدم قدرته وعدم استخدامه قوته الذاتية.
وفى يوم زار فتى صغير مع والدته الحديقة وسأل المالك:
هي يمكنك يا سيدي أن تشرح لى كيف أن هذا الفيل القوى لا يحاول تخليص نفسه من الكرة الخشبية؟
فرد الرجل: بالطبع أنت تعلم يا بنى أن هذا
الفيل قوى جدًا، ويستطيع تخليص نفسه فى أى وقت، وأنا أيضًا أعرف هذا، ولكن والمهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدرته الذاتية.
عجيب أن هذا الفيل صمم أن يعيش فى الماضى، وإعتقد أن ما حدث له وهو صغير، مستمر معه العمر كله.
فبالرغم من إنه إزداد قوة وكبر حجماً وتغيرت الظروف من حوله، فتبدلت الكرة الحديدية الكبيرة إلى كرة خشبية صغيرة، إلا إنه
لم يستثمرالفيل هذا التغيير ولم يوجهه، ولم يغير من نفسه لكى يعيش حياة أفضل.
فهل آن الآوان لنرى أنفسنا بشكل أفضل، ونستثمر إمكانياتنا لتطوير أنفسنا فنعيش الحياة التى نرجوها ونستحقها؟
ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...