الشربينى الاقصرى
من باب (الرسميات) والحقائق(الرسمية) المثبوتة فى الأوراق الحكومية (الرسمية) لدى الهيئات المصرية(الرسمية) أنه يوجد فى قريتنا( الزينية بحرى)بالأقصربصعيد مصر رجل اسمه(الرسمى)...(رسمى). نعم اسمه(الرسمى) فى شهادة الميلاد(الرسمية)هو(رسمى سالم جراح).
و(رسمى)هذا هوابن عم( سالم أب جراح) من نجع( الجزيرةالغربية) بقريتنا(الزينية بحرى). وعم( سالم أب جراح) هذا شقيق عم(كامل أب جراح )شيخ (الغفر)بقريتنا. وكلاالرجلين كانا يعملان (رسميا)فى وظائف حكومية (رسمية). أماعم (سالم أب جراح )والد(رسمى)فقدكان عمله(الرسمى) بمدرسة الزينية بحرى وأما شقيقه عم( كامل أب جراح)فقد كان عمله (الرسمى)بنقطة شرطة الزينية بحرى. كان عم (سالم أب جراح) أوأبو(رسمى)كما يلقبونه فى قريتنا مثالا لفيلسوف ساخر. أما شقيقه عم(كامل أب جراح) فقد كان مثالا لقائد جند حازم . كان عم (سالم أب جراح )رجلا ظريفا طريفا فاذاطلبنامنه شيئا على وجه التمام والكمال نقول له خليك(رسمى) ياأبو(رسمى). واذا ماقصر معنا فى العمل نقول له أنت الآن غير (رسمى)ياابو(رسمى). وأما اذا ما طلب هومنا شيئا ولو بسيطا نقول له : أتريد هذا الشىء بأمر(رسمى )أم غير( رسمى ). عندها يضحك عم( سالم أب جراح) ويقول لنا ضاحكا : لا..لا..ياجماعة كيف يكون بأمر ابنى(رسمى)وهو الآن يوجد فى البيت نائما نوما(رسميا) لأنه ينام بأوامرمنزلية(رسمية). ثم يردف قائلا : أنا أريد حاجتى دون أوامر(رسمى)أو(رسمية). فنضحك ونقول له : الخالة (رسمية) هذه امرأة جميلة وتزوجت منذ سنين بعقد زواج (رسمى). فيضحك ويقول : ولدى (رسمى)لم يعط عقود زواج لأحد فنرد عليه قائلين: نحن نقصد عقد( رسمى ) أى عقد حكومى . فيمزح معنا قائلا : بلدنا معروفة من أيام الفراعنة كل أمورها تمشى بقانون (رسمى)ومعاملات (رسمية) آه يابلد كلها(رسميات) . فنقول له مازحين: عيب ياأبو(رسمى)بلدنا كلها بنات .
فيقول ضاحكا: لا... لا... أنا أقصدأن بلدنا بلدالروتين والأمور (الرسمية). اذا ذهب(عم سالم أب جراح )والد (رسمى) الى أى بقال فى بلدنا وأراد أن يشترى منه شيئايقول له البقال مبتسما : هل تريد أن تشترى منى بسعر(رسمى)أم بسعرغير(رسمى)؟ فيضحك(عم سالم أب جراح ) ويقول له ولدى(رسمى) أمرنى أن أشترى منك حسب التسعيرة(الرسمية) التى أمرتك بهاالجهات(الرسمية). كان الناس فى هذا الزمن يحاورون ويناقشون (عم سالم أب جراح )عن (رسمى) ابنه وفى ضمائرهم يسخرون من (روتين)الحكومة المقيد لحركة الحياة (الاقتصادية) و(الاجتماعية )بل وحتى الأمور (السياسية)فى أرض مصر (المحروسة). الناس فى قريتنا يقصدون بهذا(المزاح )مع (عم سالم أب جراح)أن يروحواعن أنفسهم من عناء ومشقةهذه القوانين واللوائح (الرسمية)المتعنتةفى المعاملات الحكومية الأمور (الرسمية)وغير (الرسمية). انه الروتين الحكومى القاتل والمعطل لحركة مرور البلد الى الأمام نحو التقدم هذا الروتين المتمثل فى تعقيد حريةحركة العمل والحياة . لذا كان ومازال يقال للشخص المتزمت فى العمل: أن فلانا يمشى (رسمى )أى يعمل على تعقيد حركة الحياة بالقانون أويسمونه أحيانا ماشى ( ميرى)أى (بالرسمى)ويطلق على هذا الموظف اسم(عبدالروتين)الذى ىشعاره(النسرلمصر). أى لابد من ختم الأوراق الحكومية(الرسمية)بختم شعار الجمهورية وهو ختم(النسر)والا فجميع الأوراق (الرسمية) بدون هذا الختم (الرسمى) تصبح باطلة لا قيمة لها . اذا غضب أحد الموظفين من أحد المواطنين قال له: سوف نتعامل معك (ميرى) أى (رسمى) وكل ما هو بينى وبينك فى العمل سوف يكون (رسميا) وعند ذلك يصاب المواطن المصرى المسكين باليأس والاحباط لأن (الرسميات )فى معاملات الدواوين الحكومية تعنى (تعقيد )العمل بل وربما تعطيله الى الأبد.
لذلك لجأ الناس الى تسمية الأبناء باسم(رسمى) والبنات باسم (رسمية) إما كسخرية من القوانينالحكومية( الرسمية )الجائرة واما كتميمة أوتعويذة لحل مشاكلهم (الرسمية)فى دوائر الحكومة . وقد وقف (الفلكلور ) الشعبى المصرى مقاوما لهذا التعقيد(الرسمى) فى معاملة المواطنين وساخرا من (عبيد الروتين)وسدنة القوانين فعبر عن ذلك بما يشبه (الزجل)الشعبى الذى يمزح ويسخربه من هؤلاءالحكوميين(الرسميين) قائلا : قاسى ياقاسى ياضفاير راسى خشيت الغرفة أسرح فى راسى جاتنى حمامة حمرا وعريانة ضربتها بكعبى يامكتوب ياوعدى كتبهولى ربى عند الأفندى والأفندى جانى طير حمامى طيره بالطيرة عدى البحيرة ياللى رايح طنطا قول للطنطاوى بنت عمك عيشة عشقت الغرباوى والغرباوى عاوز البيضة والبيضة عندالفروجة والفروجة عاوزة القمحاية والقمحاية فى الجرون والجرون عاوزة المدراية والمدرايةمع النجار والنجار عاوز فلوس والفلوس مع الصراف والصراف عاوز لبن واللبن فى البقر والبقر عاوز حشيش والحشيش فى الجبال والجبال بعيد ة فيها حامد وحميدة حميدة جابت ولد سمتو عبد الصمد مشتوع المشاية خطفت راسه الحداية حد حد يامضروبة على عين الخروبة .
خلاصة هذه(الأهزوجة)الشعرية أن المواطن المصرى(يدوخ) السبع دوخات كما يقول المثل الشعبى حتى يصل الى أبسط الامور التى يحتاجها من حكومة (عبدة الروتين )حتى وان خطفت الحداية ابن (حميدة) حبيبته . وهناك المؤنث من اسم (رسمى )وهو (رسمية)وهذا الاسم تشتهر به القرى والنجوع المصرية وخاصة قرية(الكرنك بالاقصر)وآسف جدا لمن كانت منكم أمه أوأخته أو حبيبته تسمى (رسمية). وعلى فكرة كلامى هذا كلام (رسمى) ومثبوت فى شهادات ميلاد(رسمية)وأنا الآن أقوم بمهمة (رسمية) كى أرد على الأخ (أشرف أب سيداحمد أب عقيل ) الفنان الملتزم ابن قريتنا الذى يقاوم بفنه الروتينيات الحكومية (الرسمية). و(أشرف)هو فنان من أبناء قريتنا (الزينية بحرى)يحارب بسيف فنه العظيم كل (قوانين)الموظفين أصحاب الروتين لانه فنان وغاوى(رسم)بالالوان و(يرسم)من أجل الحياة لامن أجل الشعارات (الرسمية) .
ومن يدرى كعادة الشعب المصرى الساخر ربما يكون سبب انتشار اسم(رسمى)و(رسمية) بين أبناء وبنات المجتمعات المصرية كنوع من النقد الشعبي الساخر لمهاجمة (الحكومات الروتينية) فى ذلك الوقت الحكومات التى كانت ومازالت تتعب المواطن فى حياته وعند عمل واستخراج الاوراق(الرسمية) وتكليفه بالمهمات(الرسمية)فى الأوقات والمواعيد الحكومية(الرسمية)وتبليغه بالبلاغات (الرسمية)السيئة وكل ذلك دون فائدة تعود على الوطن والمواطن. وأخيرا أدعو الله قائلا: اللهم أجعل كلامى هذا غير(رسمى) كى أهرب من التحقيقات الحكومية (الرسمية)فى الأماكن الحكومية (الرسمية)وأعقاب بالقوانين الظالمة(الرسمية).
أما كلمة (رسمى )فكانت جميلة وهربت من القوانين الجائرة عندما ارتمت فى احضان الفن وزينتها الموسيقى الجميلة وذلك فى كلمات اغنية (لعبة الايام ) وهى من اروع ما لحنه الفنان رياض السنباطى وشدت بها الفنانة وردة الجزائرية حيث تقول بعض كلمات هذه الأغنية: يا أغلى عندى من نفسى ما بين أملى وبين يأسى ضنانى الصبر وجروحى ولولا بقيا من( رسمي) وحرف وكلمة من اسمي لتاهت عينى عن روحي يا اللى هواك كاسين أحلى ما فيهم مر والصبر ع الاتنين داق العذاب والمر. ونحن ذقنا العذاب وشربنا المر من كل شىء(رسمى)وكل أمور (رسمية)فى أوطانناالروتينية (الرسمية). الشربينى الأقصرى . الأسم (الرسمى): محمدأحمدخليل حسب الله. الاسم الغير (رسمى)الشربينى . الموطن الرسمى : مصر/الاقصر/الزينية بحرى والموطن الغير (رسمى) الكرنك القديم. حقوق الطبع والنشرمحفوظة للؤلف.