بقلم : عبد اللطيف المناوي | الخميس ١٤ يناير ٢٠١٦ -
٣٤:
٠٥ م +03:00 EEST
الرئيس عبدالفتاح السيسى
كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكاتدرائية للتهنئة بأعياد الميلاد مفاجئة للجميع، سواء على المستوى الشعبى أو المستوى الرسمى.
أعلم أن الرئيس السيسى قام بهذه الزيارة، بالرغم من رفض وتحفظ بعض الأجهزة الأمنية، وتحذيرهم من مغبات أمنية قد تنجم عن هذه الزيارة، إلا أنه أصر عليها، وقام بها بالرغم من ذلك، ليلقى رد فعل إيجابيا كبيرا من كل المصريين، مسيحيين ومسلمين، من الذين فاجأهم بزيارته.
أعتقد أن قوة السيسى الحقيقية فيما فعله فى هذا الملف، برفضه التوصيات الأمنية، وإصراره على تنفيذ ما يراه صائباً، وما يعتقد أنه يقربه من الناس، رغم كل شىء- قوته الحقيقية فى التفكير خارج الصندوق، وخارج الأطر المعتادة، وخارج الأفكار المعلبة. قوة السيسى الحقيقية فى أن يشق لنفسه طريقاً مختلفاً عن الطرق التى سلكها مَن سبقوه، وخارج الطرق المعتادة التى تعرفها الأجهزة الرسمية، فبهذا فقط يستطيع أن يكون وسط الناس كما يود أن يكون.
رهان السيسى الحقيقى منذ وصوله إلى الحكم هو حب الناس، وهو يعرف كيف يصل إليهم، فباختياره أن يذهب إلى الكاتدرائية ليلة عيد الميلاد، بالرغم من تحفظ الأجهزة الأمنية، اختار أن يكون واحداً من الناس الذين يحكمهم، ويعرف أنه بخطوته هذه إنما شق طريقاً عميقاً إلى قلوبهم، يمكن اكتشافه بمتابعة ردود الفعل فى تلك الليلة على وجوه حاضرى القداس، أو حتى وجوه المصريين العاديين على المقاهى وفى الشوارع، الذين أدركوا أن السيسى يتقرب خطوة إضافية إليهم، تحمله من مكان بعيد إلى مكان أقرب.
فى كل خطابات السيسى يراهن على الناس، منذ ثورة 30 يونيو، منذ طلب من المصريين تفويضاً لمحاربة الإرهاب، واستجاب له الملايين من المصريين بالنزول إلى الشارع، ومنذ أن طالب المصريين فى كل مراحل الاستحقاق من الدستور إلى الرئاسة، والنسبة التى حصل عليها فى انتخابات الرئاسة تؤكد مدى العلاقة بينه وبين الناس فى الشارع، وعليه أن يدرك أنه إذا أراد أن يحافظ على هذه العلاقة، فعليه أن يسير باتجاهها، حتى لو كانت تحتاج جهداً وأفكاراً خارج الأطر العادية والتقليدية، فبها وحدها يمكن للسيسى أن يحافظ على مكانه ومكانته.
إذا كان البعض يعتبر زيارة السيسى العام الماضى للكاتدرائية تأتى فى إطار زيارات العام الرئاسى الأول، فإن زيارته هذه العام لها معان أخرى مختلفة.
عندما ذهب السيسى إلى الكاتدرائية هذا العام، كان يدرك أن هذا لن يُرضى الأجهزة الأمنية، لكنه كان يعرف أن هذا سيخلق له مساحة كبيرة داخل قلوب كل المصريين، أقباطاً ومسلمين، لأنه شاركهم أعيادهم، والأهم أنه خلق تقليداً جديداً بذهابه للعام التالى على التوالى إلى الكاتدرائية، وهو ما يعنى أن على الرئيس أن يشارك كل المواطنين أعيادهم سنوياً وأن يذهب إليهم كل عام، والأهم أيضاً أنه خرج من الأطر التقليدية التى اعتدناها وتكتفى بالحديث عن المواطنة دون أن تقدم دليلاً، وتتحدث عن ضرورة تهنئة الرئيس الأقباط ببرقية تهنئة دون الذهاب بنفسه، خرج عن كل ذلك بالمشاركة فى الاحتفال بنفسه، وإشعار كل الأقباط بأنهم جزء أساسى من الوطن، وأعيادهم هى أعياد الوطن، وليست مجرد أعياد دينية.
لا ينتمى السيسى إلى حزب سياسى، وظهيره الوحيد هو محبة الناس الذين يراهن عليهم طوال الوقت، ويراهنون عليه أيضاً، والطريق إلى قلوب المواطنين يأتى دائماً بأفكار خارج الصندوق، وبعيداً عن التوصيات الرسمية.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع