بقلم - مجدي جورج
أنا هنا لا اقلل إطلاقا من أهمية زيارة الرئيس السيسي للكاتدرائية لتهنئة الاقباط بعيد الميلاد المجيد وهي الزيارة الثانية له للعام الثاني علي التوالي ولكن تصريحات السيسي هي الافضل والاجمل فهذه الزيارة وهذه التصريحات مختلفة عن كل ماسبق من زيارات وتصريحات للاسباب الآتية:
أولا: اعتادت الكاتدرائية المرقسية علي زيارة كبار المسئولين في الدولة بغرض التهنئة بالعيد ولكن اغلبها كانت زيارات بروتوكولية وتتم قبل مراسم الاحتفال بليلة العيد .
ثانيا: كانت المشاركة في ليلة الاحتفال بالعيد تتم من مسئولين صغار ومندوبين عن كبار رحال الدولة .
ثالثا: لم يسبق ابدا ان شارك رئيس جمهورية في مراسم الاحتفال بليلة العيد ( ربما باستثناء محمد نجيب ولكنه لم يزور هذه الكاتدرائية تلك لانها لم تكن بنيت بعد بل زار المرقسية القديمة ) حيث شارك عبد الناصر فقط في وضع حجر الأساس للكاتدرائية وفي افتتاحها وكان يرسل مندوب للتهنئة بالعيد فقط ، وزارها السادات يوم ان صلي بها ( عمر بن الخطاب نفسه لم يفعل هذا في كنيسة القيامة وقال يومها حتي لا يتمثل المسلمون بي من بعدي ) ولكن ليس في ليلة العيد، ومبارك العنيد زارها للمشاركة في جنازتين وزارها عدلي منصور ايضا للتهنئة بالعيد ولكن لم يشارك في مراسم العيد .
رابعا: تصريحات المسئولين في زياراتهم سابقا للكاتدرائية كانت معظمها تصريحات استهلاكية تجميلية غرضها تجميل وجه النظام او محاولة استرضاء الاقباط بعد كل حادثة تقع لهم وكلنا نتذكر زيارة فتحي سرور وصفوت الشريف بعد حادثة القديسين وعدم قدرتهم علي الرد علي الاقباط الغاضبين الا بكلمات لاتحمل اي معني .
خامسا: زيارات بعض ضباط امن الدولة للكاتدرائية وكذلك زيارات زكريا عزمي كانت كلها تحمل التهديد والوعيد للاقباط وللبابا من اجل التخفيف من ردة فعله بعد كل حادثة كان يتعرض لها الاقباط او محاولة إقناع البابا كي يقنع الاقباط باختيار مبارك او نواب حزبه في اي انتخابات رئاسية او برلمانية والبعد تماماً عن مرشحي المعارضة .
سادسا: زيارة السيسي للعام الثاني علي التوالي اثناء مراسم الاحتفال بعيد الميلاد هي زيارة فريدة لم تحدث من اي رئيس جمهورية سابقا فكلهم سابقا كانوا يعتبرون الاقباط مجرد رعايا وان مجرد إرسال مندوب عنهم هو تفضل كبير منهم تجاه الاقباط، بينما السيسي بزيارته هذه اشعر الاقباط أنهم مواطنون لهم كافة الحقوق وانه يجب. ان يشاركهم أفراحهم وأتراحهم .
سابعا: والأفضل من الزيارة والذي يؤكد نظرة السيسي المختلفة للاقباط هو تصريحاته والتي شملت ثلاث نقاط:
أولها: أننا مختلفون في الشكل واللون والدين وأننا يجب ان نقبل بعضنا بعضا لان هذه سَنَن الله في خلقه والقبول هنا ليس قبول المضطر بل القبول بحب ، وأظن ان هذه الرسالة ليست خاصة بالأقباط فقط ولكنها رسالة لكل المصريين وخصوصا السلفيين الذين حرموا حتي تهنئة الاقباط بالعيد .
ثانيهما: وعده باصلاح وترميم وبناء كل الكنائس التي هدمها ودمرها الاخوان بعد فض اعتصام رابعة ٢٠١٣ .
ثالثهما: إعتذار السيسي للاقباط وهذا الاعتذار وان كان جزئي وعن شئ محدد الا انه يحمل في طياته الكثير والكثير فالاعتداءات علي الاقباط لم تتوقف منذ دخول العرب لمصر من قتل وتدمير للبيوت والكنائس وخطف للرجال والنساء وحرق للأخضر واليابس ولكننا لم نسمع ابدا ان هناك اي مسئول اعتذر للاقباط عن شي بداية من الغفير حتي الوزير بالعكس كانوا يضربون الاقباط ويطلبون منهم الاعتذار كما حدث في احدي قري المنيا عندما طلب البعض من الاقباط فيها ان يعتذروا للجناة الذين حرقوا زرعهم واعتدوا علي منازلهم قبل الحديث عن الصلح والسماح للاقباط ببناء كنيستهم المرخصة .
إذًا زيارة السيسي للكاتدرائية هي زيارة فريدة في كل شئ وتصريحاته بها أرضت الاقباط واسعدتهم الي حد كبير جدا، والأقباط لم يطلبوا ابدا من الدولة ان تعتذر لهم عن ممارسات تاريخية مدمرة نحوهم كما اعتذرت استراليا لسكانها الأصليين وكما اعتذرت ألمانيا لليهود وكما اعتذرت امريكا للهنود الحمر ولكنهم يطالبون فقط بالعدالة والمساواة والمواطنة الكاملة.
اخيرا: وحتي لا يقول عني احد بأنني متفائل اكثر من اللازم أقول بأنني اعلم انه لا زيارة السيسي للكاتدرائية ولا تصريحاته بها ستنهي مشاكل الاقباط ولكن هذه الزيارة وهذه التصريحات هي خطوة علي الطريق لنوال حقوق الاقباط كاملة.