بقلم: ليديا يؤانس
يقولك إيه، يخلق مِنْ الشبه أربعين، ولكن بالنسبة لهذا الشخص بالذات حديث موضوعنا اليوم، ليس لهُ مثيل، لا جاء قبَلُه مِثلُه، ولا سيأتي بعده مِثلُه!
أنه شخصية حيرت العقول والعُلماء والعُظماء، من يكون؟ وما هي كينونته؟
أنه يُشبه الإنسان وفي نفس الوقت لا يُشبهه بالكامل، أنه يُشبه الله ولكن مازال يحمل صفات الإنسان ولذا حير البشرية كلها.
يتساءل الناس، هل هو ملاك ولا إنسان ولا نبي ولا إله؟
فتاة قروية في قرية مغمورة حملت بدون زرع بشر، بل بالروح القدس، أنجبت طفلاً جميلاً جداً، ومثل أي طفل، يضحك .. يبكي .. يرضع ثدي أمه، بدأ يحبو .. يمشي .. يلعب مع الأطفال، بدأ يعمل في دكان نجارة حتي بلغ الثلاثين، ثم لمدة ثلاث سنوات ونصف بدأ يعمل واعظاً مُتجولاً، يُعلم ويُتلمذ تلاميذ للخدمة ويُشفي مرضي ويصنع معجزات.
تحول الرأي العام ضده فحوكم وسُمر علي الصليب بين لصين، جلاديه ألقوا قرعة علي الشئ الوحيد الذي يملكه وهو ثيابه، عندما مات تحنن عليه صديق بقبر يدفن فيه، وقام من بين الآموات.
هذه كانت حياة يسوع المسيح، الشخصية التي حيرت العقول، الناس يتباحثون ويتناظرون ويتفقون ويختلفون يحاولون الإجابة، وعلي مدي 21 قرناً وإلي يومنا هذا، وإلي آخر الزمان سيظل هو محور الجنس البشري والتاريخ، وسيظل الناس البسطاء والعلماء والقادة والساسة ورجال الدين من كل المذاهب والأديان يواجهون سؤالاً:
من هو يسوع المسيح؟
هُوّه نفسه سأل تلاميذه، من يقول الناس إني أنا؟
كتب عنه د. فيليب شاف في كتابه تاريخ الكنيسة فقال:
المسيح غزا العالم كله بلا مال أو سلاح، أكثر من الإسكندر وقيصر ونابليون، أضاء عقول الجميع بلا نظريات أو فلسفات، لم يخُط حرفاً، لكن جعل ملايين الأقلام تكتب عنه وعن تعاليمه، مولده في مزود وموته علي الصليب سيطر علي مصير العالم ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
في يوم من الأيام جلس نابليون في منفاه في جزيرة سانت هيلانة، بعد أن هُزم في وترلو، جلس وحيداً بعد أن تخلي عنه الجميع، بدأ يُفكر في حياته الماضية، كيف أسقط ممالك وإمبراطوريات، كيف هزم ملوك وروساء، الآن حياته أوشكت علي الإنتهاء، فكتب في مذكراته، "الإسكندر الأكبر، قيصر العظيم، شرلمان القوي وأنا .. أقمنا الإمبراطوريات، أقمناها بقدرة وعبقرية وأسسناها علي البطش والسلاح.
أما المسيح فقد أقام إمبراطوريته وأسسها علي الحب، وحتي الآن وبعد هذه السنوات الطوال ما يزال الرجال مستعدون للموت من أجله."
وكتب لأحد أصدقائه يحدثه عن المسيح قائلاً، "كل ما يتصل بالمسيح يُدهشني، روحه تُرهبني، إرادته تُذهلني، هو كائن بذاته، مُتفرد وحيد ليس له مثيل."
وأضاف قائلاً، "عرفت رجالاً كثيرين، أناساً من كل نوع وشكل، لكنني أقول لكم: يسوع المسيح لم يكن إنساناً عادياً."
نعم المسيح لا يُوصف ولا يُعد بين الناس .. المسيح ليس له مثيل.
قالوا عنه انه نبي، نعم هو نبي، ولكنه ليس مثل باقي الأنبياء.
النبي هو من يتنبأ لآهوتياً.
النبي هو من يتكلم بخصوص الله.
الله يستخدم الأنبياء ويوجههم ولكنه لا يتدخل في تصرفاتهم وردود أفعالهم.
هل يسوع المسيح نبي وتنبأ؟
نعم ..
في العهد القديم تنبأ بروحه، وأوحي للأنبياء بالتنبؤ والحديث عن مجيئه الأول، وذلك موجود في كتب النبوات (من أشعياء إلي ميخا).
بالنسبة للعهد الجديد سفر الرؤيا تنبأ عن مجيئه الثاني.
أثناء تواجده علي الأرض معنا، تنبأ هُوّ بنفسه عن آلآمه وصلبه وموته ودفنه وقيامته، أيضاً تنبأ علي خراب أورشليم وهدم الهيكل في آخر الأيام، كما تنبأ عن إنكار بطرس له.
يوجد أنبياء كثيرين .. ولكن هل تنبأت بمجيئهم النبوات؟
واحداً فقط ، الذي ليس له مثيل، تنبأت عنه النبوات.
أشعياء النبي قال، أنه سيولد من عذراء (14:7)، وسوف يحتقرونه وسيأخذ صورة عبد (53: 3-7)، وقال أيضاً ان الرئاسة ستكون علي كتفه (9: 6-7)، وأن اسمه سيكون عمانوئيل أي الله معنا (14:7).
ميخا النبي تنبأ أنه سيولد في بيت لحم (2:5).
صفنيا النبي تنبأ أنه ملك اسرائيل وسيكون من وسطهم (15:3).
كل الأنبياء أخطأوا وطلبوا المغفرة لأنفُسهم ولشعُوبهم، لكن المسيح قال: من منكم يبكتني علي خطية .. أنه ليس له مثيل.
المسيح هو إبن الإنسان حتي تكاد تظن أنه ليس ابن الله.
المسيح هو إبن الله حتي تكاد تظن أنه ليس ابن الإنسان.
المسيح إله وإنسان .. المسيح ليس له مثيل.
كإنسان هربت به أمه من بطش هيرودس، لكن كإله في يوم ميلاده كانت الملائكة طالعة نازلة تُسبحُه .. هل هو ضعيف أم قوي!
كإنسان جاع يوماً، لكن كإله فضل الخبز بكميات وفيرة بعد أن أشبع الجموع!
كإنسان يقول أين وضعتموه وبكي علي قبر لعازر، لكن كإله سرعان ما أقامه، بينما يظهر في ضعف نراه أقوي من القوة!
كإنسان شعر بالتعب يوماً، لكن كإله يقول لنا تعالوا إليّ يا جميع المتعبين وأنا أريحكم، بينما هويتعب يعطينا نحن الراحة!
كإنسان وهو داخل علي تجربة الصلب طلب من تلاميذه السهر والمكوث معه، لكن كإله وقع الحراس علي وجوههم عندما قال لهم "أنا هو"!
المسيح هو الله يعمل الأعمال التي يعملها الله:
خلق كل شئ – "كل شئ به كان وبغيرة لم يكن شئ مما كان" (يوحنا 3:1).
يساعد ويسند الخليقة – "الذي هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل" (كولوسي 17:1).
يقيم الموتي – "لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي كذلك الإبن أيضاً يحيي من يشاء" (يوحنا 21:5).
غافر الخطايا – " ولكن لكي تعلموا أن لإبن الإنسان سلطانا علي الأرض أن يغفر الخطايا" (مرقس 10:2).
كلمة المسيح أبدية – "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" (متي 35:24).
هل البشرية كانت محتاجة لشخص ليس له مثيل؟
نعم ..
خلاص الإنسان ومغفرة خطية الإنسان الأولي التي أخطأها أبونا آدم بعصيانه وعدم طاعته لله، كانت تستلزم شخص مُساوي لله، لكي يُفدي البشرية كلها، فاستلزم ذلك أن يأتي الله (المسيح) إلي أرضنا، بعد أن أخلي ذاته من مجده، آخذاً صورة عبد، لكي يُصلب عنا ويفدينا بدمه.
ولذا رسالة المسيح ليست المسيحية ولكن رسالة المسيح هو المسيح ذاته الذي ليس له مثيل.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع