م. مدحت سيف - نيويورك
عزيزى القارئ:
تحدثنا سابقاً عن ثلاث قصص،وتوصلنا من خلالهما لنقاط عديدة منها:
من يخشى صعود الجبال، يعيش حياته بين الحفر.
هناك مَنْ يصطاد بالصنارة،وهناك مَنْ يصطاد بالشبكة.
لنضع أنفسنا مكان الآخرين ولا نحكم عليهم، فربما لو كنا مكانهم لفعلنا مثلهم.
وها نحن نستكمل معاً مجموعة من القصص الرائعة الهادفة التى ستشير بشكل أو بآخر إلى العديد من النقاط التى تحدثنا عنها سابقاً.
مؤكدين على أن كل قصة لها معانى متعددة، وفيها دروس نافعة، نحن من جهتنا سنُشير إلى بعض الأفكار المُلْهِمة وسنترك لك عزيزى القارئ، ولتأملاتك الشخصية، ولثرائك الفكرى، وخبرتك الخاصة، إستنتاج العديد من الدروس المثمرة الآخرى من كل قصة بل وإضافة الكثير إليها، ليصبح لكل قصة، على حدة، معنى عام، ومعانى خاصة تتوقف على رؤية القارئ العزيز...ولنكمل رحلتنا:
4- لا خداع ولا إنخداع
قرر المحتال وزوجته الدخول إلى مدينة قد أعجبتهم ليمارسا أعمال النصب والإحتيال على أهل المدينة.
وفى اليوم الأول :
اشترى المحتال حمـــارا وملأ فمه بليرات من الذهب رغما عنه، وأخذه إلى أماكن الإزدحام فى السوق، ولسبب ما نهق الحمار فى السوق فتساقطت النقود من فمه، فتجمع الناس حول المحتال الذى اخبرهم أن الحمــار كلما نهق تتساقط النقود من فمه، وبدون تفكير بدأت المفاوضات حول شراء الحمــار، واشتراه كبير التجار بمبلغ كبير لكنه إكتشف بعد ساعات بأنه وقع ضحية عملية نصب فإنطلق فوراً إلى بيت المحتال وطرق الباب فقالت زوجته: إنه غيرموجود لكنها سترســـل الكلب وسوف يحضره فــــــورا .
فعلا أطلقت الكلب الذى كان محبوسا، فهـــرب، لكن زوجها عاد بعد قليل وبرفقته كلب يشبه تماما الكلب الذى هرب. طبعا،التجار نسوا لماذا حضروا، وفاوضوه على شراء الكلب، وإشتراه أحدهم بمبلغ كبير ثم ذهب إلى البيت وأوصى زوجته أن تطلقه ليُحضِرالتاجر متى أرادت الزوجة ذلك.
فأطلقت الزوجة الكلب لكنهم لم يروه بعد ذلك .
عرف التجار أنهم تعرضوا للنصب مرة أخرى فانطلقوا إلى بيت المحتال ودخلوا البيت عنوة فلــم يجــدوا سوى زوجته، فجلسوا ينتظرونه ولما جاء نظر إليهم ثم نظر إلى زوجته، وقــــال لها: لمـــاذا لم تقومى بواجبـــات الضيافة لهـــؤلاء الأكـــارم؟ فقالت الزوجة: إنهم ضيوفك فقم أنت بضيافتهم. فتظاهر الرجل بالغضب الشديد وأخــرج من جيبه سكينا مزيفه من ذلك النوع الذى يدخل فيه النصل داخل المقبض وطعنها فى الصدر حيث كان هناك بالونا مليئا بالصبغة الحمراء، فتظاهرت الزوجة بالموت.
صار الرجال يلومونه على هذا التهور فقال لهم :لا تقلقوا فقد قتلتها أكثر من مرة وأستطيع إعادتها للحياة مرة أخرى وفوراً أخرج مزماراً من جيبه وبدأ يعزف فقامت الزوجة على الفور أكثر حيوية ونشاطا، وانطلقت لتصنع القهوة للرجال المندهشين،ونسى الرجال لماذا جاءوا، وصاروا يفاوضونه على المزمار حتى إشتروه منه بمبلغ كبير جدا، وعاد الذى فاز به وطعن زوجته وصار يعزف فوقها ساعات فلم تصحو، وفي الصباح سأله التجار عما حصل معه فخاف أن يقول لهم أنه قتل زوجته فادَّعى أن المزمار يعمل وأنه تمكن من إحياء زوجته بعد موتها، فاستعاره التجار منه، وقتل كل منهم زوجته، فقرر التجار أن يذهبوا إلى بيت المحتال، ووضعوه فى كيس وأخذوه ليلقوه فى البحر. فساروا حتى تعبوا فجلسوا للـــراحة ونــاموا، وصار المحتال يصرخ من داخل الكيس، فجاءه راعى غنم وسأله عن سبب وجوده داخل الكيس وهؤلاء نيام فقال له: بأنهم يريدون تزويجه من بنت كبير التجار فى الإمارة لكنه يعشق إبنة عمه ولا يريد بنت الرجل الثرى. طبعا أقتنع صاحبنا الراعى بأن يحل محل المحتال فى داخل الكيس طمعا بالزواج من إبنة تاجر التجار، فدخل مكانه بينما أخذ المحتال أغنام الراعى وعاد للمدينة .
ولما نهض التجار ذهبوا والقوا الكيس بالبحر وعادوا للمدينة مرتاحين. ولكنهم وجدوا المحتال أمامهم ومعه ثلاث مئة رأس من الغنم.
فسألوه: كيف حصلت على هذه الأغنام، وكيف أنت حىٌ حتى الآن، فأخبرهم بأنهم لما القوه فى البحر خرجت حورية البحر وتلقته وأعطته ذهبا وغنما وأوصلته للشاطىء وأخبرته بأنهم لو رموه فى مكان أبعد عن الشاطىء لأنقذته اختها الأكثر ثراء والتى كانت ستنقذه وتعطيه آلاف الرؤوس من الغنم وهى تفعل ذلك مع الجميع .
كان المحتال يحدثهم وأهل المدينة يستمعون فانطلق الجميع إلى البحر والقوا بأنفسهم فى البحر، وصارت المدينة بأكملها ملكاً للمحتال...
عزيزى القارئ:
جميل أن نكون لطفاء مع الجميع، متمتعين بملامح التنمية البشرية فى التعاملات الإنسانية الراقية، مع الأخذ فى الإعتبار
ضرورة حماية نفسك من أن تنخدع، أو يستغلك البعض متذكراً معك عبارة هامة:
إذا جعلت نفسك دودة، فلا تلُم الآخرين إن داسوا عليك بأقدامهم، أو كما قال الزعيم (مارتن لوثر كينج):
لا يستطيع أحدٌ ركوب ظهرك إلا إذا كنتَ منحنياً.
ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...