أستعير العنوان الأسبوعى «هذا رأيى» الذى كان يكتبه كاتبنا الكبير إبراهيم سعدة تحت اسم «أنور وجدى» فى أخبار اليوم.. من باب الأمانة المهنية.
■ اليوم، يستهوى الناس غناء فقد عذريته يقول «مفيش صاحب بيتصاحب».. و«لافيش رجل بأه راجل»، وأمس، كان الناس تتمايل رؤوسهم طرباً وأم كلثوم تغنى «صعبان علىَّ أقولك كان والحب زى ما كان وأكتر».. وتشدو: «وما أنا بالمصدق فيك قولاً.. ولكنى شقيت بحسن ظنى». إنه الفرق بين «الأوتومبيل» مثلما كان يسمونه أولاد الأصول.. و«التوك توك» تربية العشوائيات!
■ لا أدرى لماذا حدقت كثيراً فى صورة نشرتها الصحف جمعت بين وزير الداخلية مجدى عبدالغفار ورئيس حقوق الإنسان محمد فايق، تمنيت أن أرى اللقاء فيديو وليس مجرد صورة صامتة، تمنيت أن أقرأ الأداء الحركى ونظرات العيون بين رجلين أحدهما مهموم بالأمن ولا شىء سوى الأمن، والثانى مهموم بكرامة الإنسان دون تجاوزات فى حقه، وتركت لخيالى أن يتصور الحوار الصامت الذى لن يذاع بين الرجلين!
■ من أهم ما قاله الرئيس قبل انقضاء العام عبارتان لهما دلالة، قال: «أنا مليش شلة» والعبارة الثانية «أنا مستعد أمضى بنفسى»، فى العبارة الأولى، أراد السيسى أن ينسف أى كلام عن شلة يرعاها أو محسوبة عليه، وفى العبارة الثانية أراد السيسى أن ينسف البيروقراطية المعوقة للعمل والنمو إلى حد ارتعاشة الأيدى عند الإمضاء، أما بالنسبة لتصريحه الأول، فإن هناك من يوهمون الآخرين أنهم على صلة بالرئاسة وهم كاذبون وهناك من يتحدثون باسمه وادعاء قرابته وهو برىء من هذا الادعاء، وهناك من يختلقون لقاءات لم تحدث معه، وهناك من التقطوا معه الصور فى مناسبات عامة ولا تتعدى أن تكون مجرد فوتوغرافيا لا أبعد من هذا، وهناك كلمات مجاملة قالها الرئيس لعدد من الإعلاميين فظنوا أنها «صكوك رئاسية» وأنا أرى أنه لابد من قطع هذه الألسنة من «لغاليغها» حتى تكف عن هذا الأذى عندما يثبت استغلال اسم الرئيس بمناسبة وبلا مناسبة.
أيضاً لابد من فضح ناس يدعون أن الرئاسة قالت لهم «اسكتوا» أو لا تقربوا من فلان أو علان، هذا منتهى الهزل حين تدخل أهم مؤسسات البلد فى جدل فارغ باعثه ادعاءات الوجاهة والأهمية، والتصريح الثانى الخاص بعدم ارتعاش أيدى الوزير أو المحافظ، فلا أظن أن الرئيس سيشهد «شجاعة أدبية» تفاجئه، نعم هو يملك أن يوقع، لكن التوقيعات الأخرى قد تترصدها الأجهزة الرقابية من خلال أى ثغرة لم ينتبه لها الوزير أو المحافظ قليل التجربة، ولهذا فالوزير أو المحافظ سيشعر أن عدم التوقيع يجلب له الأمان والسلام والبعد عن تحقيقات النيابة، وهكذا تعيش «الإدارة المصرية» محلك سر فى خوف دائم من سيف الاتهام، لابد أن تهيئ الإدارة المصرية «المناخ» الذى يسمح للمسؤول أن يتصرف وفق ضميره بلا قلق أو خوف، من المهم - ياريس - أن يتحرر المسؤول من مشاعر القلق حينما يمسك بقلمه ليوقع، ثم إن الخطأ وارد بشرياً.
■ أبحث عنها فلا أجدها، ربما كانت البوصلة التى تحدد الاتجاهات لى ولغيرى ولكل الناس، وبدونها تذهب الاتجاهات بغير هدف، وقد تأكد لى وفاتها وبالتالى لم تعد هناك «قاعدة» للأحكام، إنها سيدة الإدارة وشهرتها المعايير، فبدون معايير ثابتة لا جدوى من صحة قرار ما، ودعونى أناقش خطورة غياب المعايير فى المجتمع.
1- منذ الزمن الشمولى «60 عاماً مصرية» تأتى حكومة وتذهب حكومة ولا أحد يعلم لماذا جاءت ولماذا ذهبت ويعيش الناس فى التخمينات وتنشط الإشاعات.
2- منذ الزمن الشمولى، يدخل وزير جديد دون أن نعرف مؤهلات الترشح، وبعد قليل يستقيل الوزير أو يقال سيان، فلا نعرف لماذا دخل ولماذا خرج؟! لأنه فى غياب معايير ثابتة الأمور تفقد رشدها، ويتلقى الرأى العام أخبار من خرجوا أو دخلوا بصمت ودهشة ثم أصبحت قاعدة: المفاجأة هى الأمر الحاكم، لم يحدث أن قيل إن سبب خروج محافظ أو وزير هو ضعف إمكانياته أو سوء الأداء، لم يحدث أن قيل إن سبب دخول محافظ أو وزير هو تخصصه فى شىء ما أو مهاراته التى شهد بها المجتمع، وقد سن بورقيبة تونس أسلوباً شديد التحضر، وهو أن الوزير يأتى من أول سلم العمل، فهو «يترفع» بعد سنوات إلى رتبة الوزير ويكون قد استوعب «دولاب العمل» على حد قول التجربة البورقيبية التونسية، وفى الصين كما شاهدت بنفسى نواب الوزير قد «يصعد» للوزارة بعد أن تراقب إدارة الحزب أداء الرفيق، ولست أول من يكتب فى هذا الموضوع ولن أكون الأخير، لكن لدىَّ إيمان أن المسؤول فى بلدى يأتى بطريقة الحواة أو «حادى بادى»، إن إزالة العتمة من حياة الناس تجعلهم يشعرون أن من حقهم أن «يعلموا»، اختيار بشر فى العالم مبرر أمام الرأى العام وعندنا غامض، هل نكسر القاعدة ولو مرة وستصبح قاعدة أعيدوا للمعايير هيبتها فهى «صون» للإدارة فى كل مراتبها.
■ استكمالاً لما كتبته عن أهمية «المعايير» فى حياتنا، لابد أن أذكر أن فى وجدان المصريين عبارة عميقة الدلالة هى «بأمارة إيه؟» وكأن الوجدان المصرى اليقظ يسأل «بأمارة إيه فلان بأه محافظ؟» و«بأمارة إيه فلان خرج من التشكيل»؟!
■ هل قرأت أو سمعت أو تخيلت أن «فايزة أبوالنجا» كلفت رسمياً بالسفر إلى إثيوبيا، ثم حدث أن فايزة أبوالنجا لم تسافر، وقيل إن معاونة الرئيس للأمن القومى لها تجربة يمكن استثمارها، فما مدى صحة المعلومات الواردة؟
■ قصاصات: 140 عاماً للأهرام فى الحياة المصرية، كنت أرى دائماً أن «الدور السادس» ظل طوال فترة هيكل يمثل نبع ثقافة مصر وجوهرها: الحكيم ومحفوظ وإدريس وصلاح طاهر وثروت أباظة وبنت الشاطئ وزكى نجيب محمود، وقد كتبت مقالاً أسبوعياً فى الأهرام بدعوة من أسامة سرايا، استمر سنوات حتى رفدنى عبدالعظيم حماد، وأنقذنى من «العنوسة المهنية» مجدى الجلاد، فقد دعانى للكتابة فى «المصرى اليوم».. إلى الآن، وفى دار المعارف أكثر من 100 عام منحازة للمعرفة ويعيد إليها رئيسها سعيد عبده بهاء المعرفة وعصير الثقافة وسطوة الكتاب الورقى، بالمناسبة أول كتاب بقلمى فى حياتى كان عنوانه «كندا حلم المهاجرين» وسجلت رؤيتى فى كندا عندما سافرت وقضيت أسابيع أرى وأسجل، ودعانى د. سيد أبوالنجا للكتابة وتحويل المقالات إلى فصول كتاب، ثم أعاد التجربة حين دعانى لتحويل بعض أسفارى إلى كتاب «جواز سفر إنسان».
أما المهندس عبدالصادق الشوربجى، رئيس إدارة روز اليوسف، فقد جسد «90 عاماً من الحرية والتمرد» فى مجلد يضم ديوان الحياة المصرية فى روزاليوسف، وهو إضافة حقيقية للصحافة المصرية كتاريخ وفكر، تألقت فى فجر هذا الزمن فاطمة اليوسف، أول امرأة ينادى باعة الصحف باسمها، فى صحيفة تحدت ظروفاً فوق طاقتها، وليس صدفة هذا اللقاء بين «الأهرام» و«دار المعارف» و«روزاليوسف» ولكنه «عرس للكلمة» التى داستها عجلات النت!
■ أذكر اسم مفكر كنت أحترمه ومازلت أحترم عقله، ولأنه مختلف، فقد واجه خلافات فى الرأى، وأعداء له، أتذكر د. ميلاد حنا حتى ولو عصف به النسيان، فهو فى ذاكرة محبيه ومريديه والمختلفين معه.
■ كافحوا «الفساد» بثبوت الأدلة والقانون أكثر مما تتكلمون عنه.
■ليس بالضرورة أن يكون كل من تعاون مع الجيش فى أى موقع أكثر إخلاصاً ووطنية من الآخرين. هذا معيار «طائفى» إذا أذن التعبير، إن للجيش فى قلوب المصريين حبا واحتراما وتقديرا يفوق الخيال، ولكن العمل مع الجيش تحت أى مسمى ليس صكاً بالوطنية.. لهذا لزم التنويه ولا أحلام خاصة مطلقاً.
■ دائرة الكفاءات والمهارات المصرية المشهود بنزاهتها «مدنية الصبغة» يجب أن تتسع حول الرئيس ولا تقتصر على «المستشار العسكرى». إنى أجزم أن تجربة الفريق مهاب مميش كانت النموذج أمام الرئيس، خذ من الطاقات المدنية ما تراه مناسباً من الكم التراكمى للتجارب وضعه فى إطار الضبط والربط العسكرى.
■ لست من أنصار المقارنات الحدية بين الشخصيات العامة، فرئيس الوزراء محلب، مدرسة فى السياسة تعتمد على إطفاء الحرائق المشتعلة.. ورئيس الوزراء شريف إسماعيل مدرسة مختلفة فى السياسة تعتمد على أكبر قدر من المعلومات تساهم فى الإضاءة أمام الرأى العام.
■ مصر تحتاج «الأكثر ذكاءً» أم «الأكثر كفاءة وأقل ذكاءً»؟
- مصر تحتاج الأكثر كفاءة والأقل ذكاء.
■ مصر تحتاج «المتكلم الأكثر تعبيراً» أم «الصامت المشتعل عملاً»؟
- مصر تحتاج الصامت المشتعل عملاً.
■ مصر تحتاج «ولاء العسكرى» أم «خبرات المدنى»؟
- مصر تحتاج الاثنين.
■ كتبت تقول له: يا صديق العمر احمنى من نفسى، إن مشاعرى تأخذنى بعيداً فاكتشف «طيشى»، وعقلى يضرب مشاعرى فى مقتل، فأتوجس من أى قرار، وبين الإحساس بالطيش والشعور بالتوجس تمضى أيام الغمر.
■ نعم، يجب أن تفعل مخابراتنا كل طاقاتها لرصد كل «همسة عداء» أو «ابتسامة مفخخة» أو «علاقة غدر» أو «كراهية فى الشقوق»، فنحن فى حرب قذرة تحتاج للأقذر لا للمسامح أو المهادن، نحن لا نواجه طابوراً فى الداخل فقط، نحن نواجه أجهزة مخابرات عالمية تتآمر فى الظلام للإيقاع بالبلد، والمصرى المحترم الأصيل فى مخابراتنا أو أمننا الوطنى لهم بالمرصاد، والمطلوب من المصريين اليقظة والحذر، إن العودة لـ«رابعة» هو الحلم.
■ القاضى الجليل عدلى منصور: مقعدك فى المحكمة الدستورية العليا هو الأنسب لك.. هذا رأيى.
■ للعلم: البيوت التى فيها أكثر من «شحط» بلا عمل، أو أمل، هى البيوت الأكثر غلياناً، وعلى رجال الأعمال الشرفاء مساعدة الرئيس فى تبريد هذا «الغليان» فى بعض البيوت المصرية.
■ سؤال مباشر: هل توافق مؤسسة الرئاسة على إجراء حوار إنسانى مكحل بالسياسة مع الرئيس السيسى وتؤثر المهنية البحتة على الهمس فى أذن الرئيس: مفيد فوزى حاور مبارك 5 مرات وحاور المشير طنطاوى مرة واحدة وكل وزراء الداخلية من أحمد رشدى إلى حبيب العادلى، وحاور رؤساء حكومات عاطف صدقى وعاطف عبيد ونظيف، ولن أنتظر الإجابة!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع