الأقباط متحدون - إسلام بحيرى.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون
أخر تحديث ١٧:٥٥ | الجمعة ١ يناير ٢٠١٦ | ٢٢ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٩٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

إسلام بحيرى.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون

عادل نعمان
عادل نعمان

يا «بحيرى» لا تحزن، فأنت أسعد حظاً من فرج فودة، فالسجن لمدة عام أرحم من القتل. وأوفر حظاً من «الحلاج» فالصلب أقسى وأمر من عام خلف القضبان. ومأساتك أخف من مأساة «ابن المقفع»، فتقطيع أطرافه وحرقها أمام عينيه وصلبه حتى الموت أشد وأقسى من حبسك خلف الأسوار!! لا تحزن فهم يقومون بتعذيب أئمتهم ومشايخهم وإخوانهم ولست أعز منهم، فهذا «النسائى» أحد أئمة الحديث النبوى صاحب السنن الصغرى والكبرى، ضربوه فى المسجد على خصيتيه حتى مات. وهذا الإمام «الطبرى» شيخ المفسرين والمحدثين والفقهاء والمؤرخين، حبسوه وضربوه فى داره، ورشقوه بالحجارة حتى مات وحيداً، ودفن فى داره ليلاً ولم يدفن فى مقابر المسلمين، فقد منعوه من أنس الجوار مع موتى خلق الله. لا فرق بين أسوار سجنك الصغير والأسوار التى حاصرت عقولنا وأخافتنا وروَّعتنا، وحبست عقولنا فى وطننا الكبير المسلوب. سيحاصرنا الرعب والخوف داخل عقولنا، وسنعود إلى عصر الانحطاط الفكرى والتخلف والرعب من مديرى عموم الزندقة. سجنك ليس تحدياً لنا بل تحدٍ للرئيس،

فكلما نادى بتجديد الخطاب الدينى ردوا عليه بحبس كاتب أو مثقف، وكلما ارتفع صوته بالتجديد، ارتفعت أسوار التخلف حول عقولنا. لقد وضعنا الرئيس فى مأزق حين تصورنا أن دعوته لحرية الفكر والتجديد باب فتحه لنا، ولكنه باب فتحه علينا، وعرّانا وكشف سترنا أمام برودة وعيون الإرهاب الفكرى. ائتمناه على أفكارنا فتخلى عنا واحتمى خلف منصبه وحصانته وتركنا نواجه الخطر والطوفان والسجن والتكفير وحدنا. ضمن لهم حرية المطاردة وحرمنا من حق الاحتماء، فتح الباب لسيوف الإرهاب الفكرى وحرمنا درعاً يحمينا. فتحنا عقولنا طمعاً فى حمايته ففتحوا لنا أبواب السجون. خدعونا وقالوا الفكر بالفكر والسيف بالسيف لكن يا عزيزى الفكر يواجهونه بالسجن، وسيوفهم نواجهها بالخوف والرعب. خدعونا حين قالوا «على الباغى تدور الدوائر» لكن يا أيها المسجون، على المسالمين وأصحاب الفكر تدور كل الدوائر.

يا أيها المسجون خلف القضبان: هل تعلم أن بعضاً ممن هاجمتهم، واعتبروا هجومك عليهم هجوماً على الدين وحبسوك لخاطرهم، قد عانوا مثلك مرارة السجن لاتهامهم بالتنوير والخروج عن المألوف والثوابت فى تاريخهم أيضاً؟!!. فشيخ الإسلام «ابن تيمية» الذى كان له الحظ الأوفر من نقدك وهجومك وهجومى سجن سبع مرات، أربع منها فى مصر وثلاثة فى دمشق، آخرها مات فى سجن القلعة بدمشق وشيع جثمانه منها. اتهموه بالشطط والمروق عن الدين، فأنت أسعد حظاً من عدوك فتهمة ازدراء الأديان أكثر تشريفاً وتعظيماً من تهمة المروق والخروج عن الدين. لو قال «ابن تيمية» ما قاله منذ قرون لسحلوه فى شوارع القاهرة كافراً خارجاً عن الملة، ما قاله فى مسألة العرش بما يلزم التجسيم، وقوله فى مسألة الطلاق بأنّ الطلاق بالثلاث يلزم واحدة، وقوله بحرمة شدّ الرحال إلى قبر رسول الله اعتماداً على حديث الرسول لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد، ومسجده منها وليس قبره. أليس ما قاله وسجن بسببه لو قاله اليوم لقتلوه مئات المرات واتهموه بالكفر والزندقة وازدراء الأديان، وإنكاره معلوماً من الدين بالضرورة؟ أو كان بجوارك فى السجن الآن يشد من أزرك ويواسيك. هل تتصور مفكراً الآن يقول ما قاله الوهابيون منذ قرون إن زيارة قبر الرسول شرك بالله؟!..

حتى معلمه وأستاذ السلفيين والوهابيين أحمد بن حنبل، سجنوه فى عهد المأمون حين عارضه فى فكرة المعتزلة حول خلق القرآن، ضربوه بالسياط وعذبوه ليغير رأيه. حتى خرج فى عهد المتوكل الخليفة العباسى.

حتى أبوحنيفة النعمان.. بعضهم رآه أوتى الحكمة كلها، وبعضهم اتهموه بالإلحاد. منهم من رأى أنه يتلقى علمه عن الرسول ولا يقطع مسألة إلا برؤياه له، ومنهم من رآه هادماً للدين بأفكاره المجوسية والوثنية ومدسوس لهدم الإسلام. كثيرون مجدوه وعظموه وغالوا فى توقيره، وكثيرون زادوا فى كراهيته. هؤلاء من اختلفت معهم كفروهم وحبسوهم وقتلوهم فى زمانهم كما يسجنك أحفادهم.

يا سيد «إسلام» هذا هو منهجهم فى الخلاف معك ومع من كان منهم وعلى منهجهم ومدرستهم، السجن والقتل والسحل، فلا تحزن عليهم ولا علينا، فهذا هو قدرنا مع الغباء والمخادعين الذين نحسبهم معنا لكنهم علينا.

يا أيها المفكرون والمبدعون والحيارى والواقفون على باب المعرفة والعلم والتنوير، يا أيها المخدوعون فى نداءات حرية الفكر والرأى والإبداع لا تنخدعوا ولا تصدقوا أن حرية الفكر والإبداع من حقكم، أحذركم ونفسى، الأبواب المفتوحة والدعوات لدخولها خدعة نهايتها السجن. ويظل الحلم بحرية الفكر والإبداع خدعة حكامنا..

السيد الرئيس.. سجن إسلام بحيرى صدمة، وضربة قوية، ورد من طيور الظلام عليك، ماذا أنت فاعل به وبنا؟
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع