من يشن حربا على مصر؟
بقلم:نسيم عبيد عوض
سيكون كلامًا مكررا أو أجوف لو قلنا أن مايحدث للأقباط وللمجتمع المصرى ككل هو مؤامرة أو مخطط لفتنة طائفية ستنتهى بمذبحة يروح ضحيتها هؤلاء الأقباط الكفرة , ولكن المدقق لصورة ما يحدث اليوم فى المجتمع , سيرى أعمق من ذلك , بداية من أول العام الحالى وحتى وقتنا هذا , والأمور تسير فى إتجاه حرب على مصر , بضرب تماسكها الوطنى , لفك عقد رباط الشعب المصرى , لإنحلال قواعد راسخة تهز كيان المجتمع لتقلبه رأسا على عقب, تغور فى الأعماق لتشعل النار والخراب بدون أن يكون هناك خط رجعة , ولا يكون هناك أى منقذ من تدمير محقق لبنيان مجتمع أهم ما يميزة الرباط الوثيق بين نسيج وحدته رغم إختلاف العقيدة والديانة , واجه بتجربة التاريخ حروبا شرسة ضد غزوات المحتلين والحالمين بضرب وحدة هذا الشعب التاريخية وإنتصر فيها كلها بترابطه الوثيق , وأقربها حرب النصرة فى 73, هناك من يشن الحرب على مصر:
لندقق فى الصورة جيدا لنرى غزوا إقتصاديا من بلاد الجزيرة العربية لمصر, يشترون الأرض , يبنون قواعد إقتصادية ومالية ببلايين الدولارات , يوظفون المسلمين المصريين ويغدقون عليهم بالمال ويغلفونهم بالسلفية والوهابية , والتى أهم مايميزها هو البعد عن غير المسلم , وهذه التداخلات بدأت مابعد ماسمى بالإنفتاح الإقتصادى فى السبعينات , وتغلغلت فى ربوع مصر بداية من النظام التعليمى الواقع تحت شعارات الفرقة والكراهيةلكل ماهو غير مسلم , وهو الآن يحصد ثمار التربة التى زرعها فى مصر, وفى إعتقادى انه هدفة الأساسى هو فك روابط وضرب تماسك بنيان المجتمع حتى يكون إنهياره بدون خط رجعة , ليقع المجتمع كله فى ظلام الوهابية , ليضعه فى قبضة السلفية , كل مايتمناه هذا المخطط أن يضع مجتمعنا المصرى داخل نقاب أسود لا ترى منه إلا عيون أعياها المرض والحرمان , فتركع على الأرض طالبة العفو والغفران , وسد أفواه الجوعى فى كل مكان, ولن يروا منها إلا فتات ماتبقى من خير مصر.
ولن يفوت علينا أن هؤلاء الذين يتزعمون ضرب الأقباط والكنيسة والمسيحية فى مجتمعنا اليوم هى جمعيات سلفية منشأة فى كل ربوع مصر يغدق عليها بالملايين , ويعيش قوادها فى رفاهية يمتلكون الأموال ويلبسون أفخر الثياب والأبهة , وكل يوم فى الفضائيات أو على صفحات الجرائد , وحتى فى أجهزة الإعلام الحكومية , والتى أغدق عليها أيضا من أموال بترول الجزيرة العربية , وبمعاول من حديد الصلب يحطمون هياكل وحدة المجتمع المصرى , هؤلاء نسبة لا تتعدى أحادى الكسور من مجتمع وصل الى ثمانيين مليون نسمة , يعيش التسعين فى المائة منهم تحت خط الفقر , وهؤلاء رغم قلة عددهم فهم يملكون المال يعطونه لمن ينفذ رغباتهم , وهذا أمر سهل هو ضرب الأقباط فى مقتل , ولكنهم يتناسون أنهم يضربون المجتمع المصرى كله فى مقتل , فالأقباط ماهم إلا القاعدة الصلبة للمجتمع المصرى , إذا إنهارت القاعدة سقط المجتمع المصرى كله فى أغوار الظلمة والجاهلية
ومع بداية هذا العام ومع سقوط الشباب القبطى مذبوحا فى شوارع نجع حمادى , نجد ظهورا واضحا ومعلوما لتيار وقيادات الإخوان المسلمين , لا يمر يوم إلا ولهم وجود فى الإعلام المصرى والعربى , وتغطية تحركاتهم ماهى إلا تغطية لتغلغلهم فى أعماق المجتمع المصرى يبثون روح العداء لما هو غير مسلم , وطبعا لكل مايتبناه الأخوان من تعاليم سيد قطب المعروفة , وأخطرها الجهاد فى سبيل السيطرة وحكم البلاد والذىسيحدث فقط عندما تنهار قواعد ترابط الشعب المصرى , بضرب الأقباط وهم فى الصورة الضحية والعدو الأول للإسلام بدليل إثارة العوا لدعاوى التنصير فى مجتمع مصر , وأيضا البداية هى أقباط مصر ولكن الهدف هو مصر كلها فى قبضة الأخوان المسلمين , والذين تربطهم بأموال الجزيرة العربية علاقة وطيدة بدليل سعة العيش والثروات التى يملكها الأخوان المسلمين والتى قدرت ببلايين الدولارات , يصرفون منها على جمعيات وقيادات تعمل فى هدم أعمدة وحصن الأمان فى مصر وهو وحدة شعبه وإنتماءه , وبالتالى فك قواعد الترابط والإتحاد بين نسيج الشعب المصرى العتيد , ليقع المجتمع تحت براثن القيادة والسيطرة لحكم أقطاب الأخوان المسلمين .
ومرة أخرى لندقق فى الصورة جيدا لنرى أن قيادات الدولة ومؤسساتها وأعلامها مع أجهزة الأمن كلها وقعت فريسة لهذا الغزو المالى والشبع ومظاهر الفخامة والثروات المهربة , ولذلك تجد الوضوح الكافى لخريطة تدمير القواعد الراسخة لبنيان مجتمع مصر , ففى الأيام الماضية وفى حراسة أمن وأجهزة الدولة السياسية نجد :
- إعلان من مايسمى بجمعية علماء الأزهر بمقاطعة إقتصادية لكل ماهو قبطى ومسيحى لينقله الى كل ماهو مسلم وإسلامى , وفى نشرتهم التى ملأت الأركان منتج مسيحى ويقابله منتج إسلامى , حتى العلاقات البشرية , هناك دكتور مسيحى فلتذهب للدكتور المسلم وهكذا , مقصات تقص روابط المجتمع , ورد فعل الدولة غير موجود بالمرة والصورة فى صمتهم انهم يباركون هذه الدعوة , ولم يحدث ان خرجت علينا معارضة حكومية أو أزهرية تنفى هذه الدعوة.
- وماهى إلا أيام وقناة الجزيرة تدعو علما وقطبا إسلاميا ينادى بخروج الشعب المصرى الذى أسماه الغوغاء لشوارع مصر , ضد الأقباط والكنيسة والبابا شنودة بطريرك الأقبا ط , والدعاوى التى نادوا بها ماهى إلا تكرار لما نشرته نشرة المقاطعة بالحرف الواحد , وأضافوا عليها أكاذيب مثل وجود أسلحة فى كنائس وأديرة مصروغيرها من دعاوى بث الكراهية فى نفوس المسلم الوطنى لتهز كيانة وتربى فى قلبة الحقد والبغضة لأخيه القبطى والمسيحى.
وقد تحقق مانادوا به على الفور , فرأينا مظاهرات تخرج من جامع النورفى العباسية , وبعدها فى جامع عمرو بن العاص على الطرف الآخر من القاهرة الكبرى , ثم جامع الفتح بقيادة الشيخ حافظ سلامة المدعو من السويس ليقود المظاهرة فى وسط العاصمة ومن ميدان باب الحديد, ثم أخيرا الأسكندرية من جامع القائد إبراهيم تحت قيادة الشيخ المحلاوى , ومن يعلم ماذا سيكون فى الأيام القادمة وكل هذه المظاهرات تحت سيطرةوحماية وحراسة الأمن المصرى , والأسباب المعلنة من هذة المظاهرات لا تقنع أى شخص بضروريتها , فهو غطاء فقط لما يحدث فلم يحدث ان إشاعة عن امرأة او قول هنا أو هناك يثير مثل هذه الضجة , ولكن الواضح ان هناك من يتربص بالأخطاء ليضعها ذريعة لإشعال النار وهدم المعبد على رؤوس الشعب المصرى.
الحرب معلنة و الخطر موجود والسيوف مرفوعة وقوات العدو على أبواب مصر, والتربص والإستعداد متأهب لضربة تنفجر تهز كيان المجتمع المصرى كله ليسقط فى أحضان المجهول ومجتمع طالبانى يعيش تحت قيادات الظلمة والطغيان , يسقط المجتمع فى حرب تسيل فيها دماء الوحدة الوطنية , وتقطع فيها أجساد البنيان الواحد لينهار المجتمع كله .
لقد عرفنا من يشن الحرب على مصر اليوم , وعرفنا عدونا الرافع سيف الكراهية والتعصب , فهل نخطط لضربة مضادة , ينتصر فيها الحق والعدل , ليصد ضربات هؤلاء المحاربين لأمن وسلامة مصر , والأمر يتطلب وحدة كاملة ورابطة قوية من كل فئات المجتمع المصرى كله بهيئاته ومؤسساته وقيادته بكنيسته وجوامعة , وكل فرد فى هذا المجتمع , وسواء يعيش داخل الأرض أو خارجها , وحدة الوطن والوطنية هى التى ستصد وتسقط هذه الحروب التى يخوضها مجتمعنا .
هناك حرب معلنة اليوم ضد حصن أمان مصر , ضد ألأقباط والمسيحيين , الذين هم حجر زاوية لبناء مجتمع مصر الشامخ والذى إذا سقط إنهار البناء على رؤوسنا جميعا , لننادى بصحوة هؤلاء الغافلين من حكام مصر ومؤسساتها ليسارعوا بوقف غزوات المحاربين المستهدفين بشن حرب بتسميم كل الهواء النقى وحل عقد كل روابط المحبة ووحدة إنتماء المصريين ضد مجتمع مصر كله , فيجب علينا الإستعداد واليقظة وإقامة صروح التماسك والترابط وتقوية حواجز رصينة لصد هذه الحرب التى ترفع سيفها لتنزع السلام من أرض مصر , ومصر بتاريخها العريق تعرف كيف تصد هؤلاء الغزاة , وبتجربة 1919 التى خرج منها الشعب المصرى منتصرا رافعا رايات الغلبة على قوى التفكك وتدمير الروابط الصلبة بين نسيج شعب مصر الواحد , وهى المثل الذى سيعاد كيانه على أرضنا اليوم ويعود تماسك الأخوة مترابطا وقويا أكثر مما مضى , وهذا هو أملنا ان تنقشع هذة الغيمة , لتعود البسمة على الشفاه وليعم الهدوء والإستقرار والأمان فى ربوع أرض مصر.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :