بقلم : محمد بسيونى | الثلاثاء ٢٢ ديسمبر ٢٠١٥ -
٠٨:
٠٣ م +02:00 EET
محمد بسيونى
لذكرى عيد النصر على العدوان الثلاثي 23 ديسمبر 1956، وقع خاص على منذ كنت طفلًا في بورسعيد، أتذكر الكرنفال العسكري الفني أمام مبنى المحافظة، أبطال المقاومة وقوات الجيش والشرطة مع الفنانين، الكل يغنى ويرقص على أنغام السمسمية المميزة بأغنية تقول كلماتها "قالها جمال في المنشية.. المية ديا مصرية".. أتذكر صور الشهيد جواد حسنى والأبطال مهران وعسران، وحكايات بطولاتهم التي توارثها الأجيال، وأبطال آخرين من شعب بورسعيد قد لا يذكرهم التاريخ ولكن شوارع المدينة المقاومة تتذكر أرواحهم الذكية ودماءهم الطاهرة التي سالت من أجل حرية وكرامة الوطن.
أقول ذلك اليوم لأن الأجيال الجديدة التي تخوض في سيرة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، لا تتذكر ذلك التاريخ المشرف الذى حفره أجدادهم وآباؤهم، حينما انتصرت إرادتهم على دول كبرى هي إنجلترا وفرنسا وتابعتهما إسرائيل؛ بل أزعم أن هناك حملة ممنهجة أرادت النيل من سيرة عبدالناصر لصالح إسقاط مشروع الدولة الوطنية الذى وضع أسسها عبدالناصر وثورة 23 يوليو، لصالح مشروع مسخ يسعى لتفريغ هذه الدولة تمهيدًا للانقضاض عليها مرة أخرى والاستيلاء على ثرواتها الكبيرة التي ظهرت مؤخرًا سواء من احتياطات الغاز أو من مشروعات عملاقة تمهد لدولة قوية لأول مرة منذ زمن بعيد على ضفاف النيل.
أرى مصر الآن بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تجابه نفس المخاطر، الاختلاف الوحيد هو اتساع حجم الخطر ليشمل الداخل والخارج، المجتمع المصري يعانى من الجهل والإرهاب والفقر والمرض، والخارج متربص وواعٍ لدروس التاريخ والجغرافيا، يملك السيسي حلمًا لبلاده، كما كان يملك عبدالناصر حلمًا لدولة قوية تتصالح مع قوتها الزمانية والمكانية، يرى عيوب مجتمعه ويتحرك سريعًا لمواجهتها ويرى الخروقات في أمته، فيجرى من أجل رأب الصدع ولم الشمل.
واجه "السيسي" حملات السِّباب والقباحة التي رافقته من أنصار تيار يدعى أنه متدين أو يمثل الدين الإسلامي، لقد أنفق الإخوان المليارات من أجل تشويه الرئيس والجيش المصري، انظر إلى حجم البرامج والصفحات الممولة في تركيا وقطر وغيرهما، لم يتركوا نقيصة إلا وحاولوا إلصاقها في الرجل، في مشهد لم يره التاريخ من قبل، تحلى بإيمانه القويم الحقيقي في مواجهة إيذاء نفر من قومه، ودعا لهم بالهداية، تمسك بأخلاقه وأعرض عن الرد على السفهاء، فاكتسب الاحترام والحب الصادق من جموع شعبه ومثل القدوة والمثل الأعلى في مجتمع تكسرت فيه كل أعمدة الأخلاق والأدب والذوق.
واجه "السيسي" المؤامرات بشجاعة، وطرح الثقة في نفسه أمام الشعب الذى اختاره، وقال: "جئت بإرادتكم واختياركم وليس رغمًا عنكم"، وتساءل: "لماذا تطالب مجموعة بثورة جديدة فى 25 يناير؟، هل تريدون أن تضيعوا هذا البلد وتدمروا الناس والعباد وأنتم لستم بحاجة لأن تنزلوا؟"، الرئيس عبدالفتاح السيسي وجّه عدة رسائل للشعب المصري والحكومة ونواب البرلمان وعلماء الدين، قائلًا: "لو عايزينى أمشى هامشى، من غير ما تنزلوا، بشرط أن تكونوا كلكوا عايزين كدا، مش تيجى مجموعة توجه نفس الدعوات في مناسبة الأعياد التي نحتفل بها، أنا طائع فى ترك السلطة، لأن السلطة بإرادة الله".
المصداقية لا تباع ولا تشترى ولا يمنحها أحد لأحد، هي لغة لا يفهمها سوى الصادقون، السيسي منذ اليوم الأول لظهوره على الساحة السياسية كان حريصًا على المصداقية مع الناس والمصارحة، وذلك ما دفعه ليتحدث مع عموم الناس بصراحة عما هو قادم، وأنه لا يريد أن ينجرف الشعب مرة أخرى للتخريب والهدم من أجل التخلص من حاكم، إنه لا يخشى الرحيل مستدعيًا في ذلك ثقافة دينية رفيعة تكشف إلى أي مدى يؤمن الرئيس بقضاء الله وقدره.
ورغم حرصه على عدم التدخل في أعمال السلطة البرلمانية، طالب الرئيس فرقاء السياسة بالتوحد مرة أخرى، فهدفنا واحد، النواب والحكومة في هذه اللحظة الحرجة مطالبون بالعمل سويًا، كما طالب الشعب المصري بمساندته قائلًا: "هتتحاسبوا عنى عملتوا معايا إيه زى ما هتحاسب عنكم عملت معاكوا إيه"، وتابع الرئيس: "أنا منكم وهفضل منكم وعايز أكون منكم على طول".
كان الرئيس قويًا في مواجهة الفتنة الطائفية، ذلك الزرع المسموم في أرض مصر، وانتقد كل مظاهر التمييز بين المسلم والمسيحي، مؤكدًا أن الله خلق أممًا وليس أمة واحدة، وديانات وليس دينًا واحدًا، مضيفًا: "هو إحنا هنعيش لوحدنا مش هنعيش مع العالم".
وذكّر الرئيس الجميع في خطابه برؤيته لمكافحة الإرهاب، مذكرًا المؤسسة الدينية بدورها المهم في المواجهة، حيث قال الرئيس: "يخونون الوطن ويمارسون الإرهاب، والعمالة، لصالح دول أخرى تستخدمهم من أجل تفكيك الوطن، تحت مسميات ودعوات متعددة".. وأشار إلى أن هناك دولًا تفككت، ولن تعود مرة أخرى، وتحول شعبها إلى لاجئين، ومشردين، افتقدوا الوطن وافتقدوا الأمن، قائلًا: هل وجدوا بديلًا أفضل من الوطن، مضيفًا أن الذى يؤمن بالإسلام والأديان السماوية لا يقتل الناس، كما تفعل الجماعات التى شوهت الدين، ووضعت تفاسير مغلوطة لها تستخدم فى القتل، مستغربًا من قتل الناس المختلفين فى العقائد دون مبرر فى الدين، مشيرًا إلى أن استهداف المتطرفين لرجال الجيش والشرطة والقضاء، لا يقره دين، لأن مَن يموت وهو يؤدى عمله فهو شهيد، وأن السلطة لا تقتل أحدًا، بل تواجه إرهابًا يقتلها لذا تضطر لمحاربته، وقال لرجال الدين "إنه يتعامل بلطف مع كافة الفئات إلا علماء الأزهر، وذلك لأنهم أهل الحق وهم مع الحق، وسوف يُسألون عنه، وطالبهم بتحويل ما يقولونه إلى سلوك، يراه الناس من خلال ترسيخ المواطنة والكرامة والوطنية، وتوظيف الكلام من أجل مصلحة الناس وإذا لم نغير سلوكنا يبقى إحنا بنضيع الدين، لأن الدين لا يقبل القتل والخيانة والتآمر كما فعل البعض وضيّعوا أوطانهم".
انتهى الاقتباس من حديث الرئيس، ووضع النقاط فوق الحروف أمام الشعب قبل أن تبدأ موجة يناير "كربلاء النشطاء والإخوانجية" تحت دعاوى واهية مثل القمع ومعاملة الشرطة أو غيرها من المسميات التي تخرج علينا من معامل المخططين المتربصين لتدمير الوطن وهدم أى محاولة لاستعادة الدولة المصرية القوية، الشعب المصري صاحب التفويض الأول والأخير والظهير الحقيقي للرئيس السيسي وصاحب المصلحة الوحيدة في بقاء الدولة المصرية القوية.. لن ترحل يا سيادة الرئيس، فالشعب هو صاحب السيادة ومصدر كل السلطات لن يسمح لسيادتكم لا بالرحيل ولا بالفشل.
نقلا عن البوبة نيوز
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع