الأقباط متحدون - داعش أمام المحكمة الأوزورية
أخر تحديث ٠٦:٢٩ | الثلاثاء ٢٢ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٢ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

داعش أمام المحكمة الأوزورية

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت
ثمة ڤيديو منتشر على يوتيوب وصفحات التواصل الاجتماعي يصوّر بعض ذكور "داعش" يقتحمون إحدى مدارس البنات في مستعمراتهم، ويخطفون التلميذات الأزيديات تحت تهديد السلاح أمام عيون آبائهم وأشقائهم الذين وقفوا عاجزين عن الذود عن بناتهم أمام هجمية أولئك الضواري البشرية المنتسبين للإنسانية عن طريق الخطأ. البنات في أعمار الزهور البريئة تتفجّر عيونهن بالدمع وقلوبهن تمزّقها الصرخات المكتومة والرعب يفترس أوصالهن، بينما يجول الذكور في فناء المدرسة ينتقين البنات من وسط الرجال ليضموهم إلى كومة "الحريم" التي تتزايد بين دقيقة وأخرى، غير عابئين بدموع الصبايا وأنينهن الموجع الذي يشقّ الصدور.
 
بينما أشاهد الڤيديو جال عقلي في أغوار الزمان وعدتُ إلى أجداد أجدادي وكيف كانوا يفكّرون ويعيشون حياتهم ويحسبون بدقّة حساب آخرتهم. في مصر القديمة كان لابد للمتوفي أن يقف أمام المحكمة الأوزورية التي يترأسها أوزوريس، رب الفضيلة، وماعت ربّة العدل، واثنان وأربعون قاضيًا بعدد أقاليم مصر القديمة. يقف المتوفى يوم الحساب ليعترف باثنين وأربعين اعترافًا إيجابيًّا، واثنين وأربعين اعترافًا إنكاريًّا. الاعتراف الإيجابي هو أن يُقرّ الميتُ بأنه فعل الحسنات فيقول: “أنا فعلت كذا وكذا في حياتي" أمثلة: [أنا أشرّف الفضيلة. أنا أحيا بالحق. أنا أحفظ الحقوق. أنا أعمّم السلام. أنا أنشر الفرح،.....]، وأمّا الاعتراف الإنكاري فهو أن يُنكر المتوفى أنه ارتكب الخطايا بأن يقول: “لم أفعل كذا وكذا طوال حياتي.” أمثلة: [أنا لم أقتل في حياتي إنساناً رجلاً كان أو امرأة. أنا لم أزنِ.. أنا لم أضاجع امرأة رجل آخر. أنا لم أسرق. أنا لم آخذ ما ليس لي، ولم أرتكب عنفاً. أنا لم أكذب، أنا لم أطلق لساني بالباطل على رجل آخر، أنا لم أطلع على دخائل أحد لأسبب له أذى.انا لم اظلم إنساناً. انا لم الوث ماء النهر....] بعد هذا تقوم "ماعت" بوضع قلب الميت في إحدى كفتي ميزانها، وفي الكفة الأخرى تضع ريشتها، التي تزيّن بها هامتها، وهي ريشة الضمير. فإن كان وزن القلب أثقل من الريشة، فتلك دلالة على أن ذلك الميت قلبه مُثقل بالخطايا وكذب في اعترافاته، وتكون "عممُت" واقفة متربصةً تنتظر في شغف وتشوّف بجانب الميزان أن يلقوا لها القلبَ المذنب التعس، فتلتهمه على الفور، وتكون تلك النهاية الأبدية للفقيد. أما "عممُت"، فهي الجحيم كما تصوره المصريون. وهي وحش تخيّلي بشع لها رأس تمساح وجسم أسد وخلفية فرس النهر. فينقطع ذكر المتوفى ولا يُبعث في رحلة البعث. وإن كان قلب الميت أخفّ وزنًا من ريشة الضمير، فتلك دلالة على أن ذلك الميت قلبه نقي من الآثام، خفيف من الذنوب والمعاصي، ومن ثم تُقبل اعترافاته ويدخل الفردوس الأبدي، بعدما يقول المحكّمون: "إن قلبَ الرجل بالحقيقة قد وُزِن، وروحَه وقفت شاهدةً عليه، وقد وُجِد لا تشوبه شائبةُ شرٍّ، ولم يأتِ بالأذى في أعماله، ولم ينطق بألسنة السوء عندما كان على الأرض، ووجد صادقًا عند وضعه على الميزان العظيم." هنا يُمنح لقب: "صادق القول"، التي تكافئ عندنا اليوم عبارة: "المغفور له" أو "المرحوم". فيُعيدون تركيب قلبه في جسمه المحنّط، ويعطونه ملابسَ بيضاء مشرقةً، ويدخل الفردوسَ من فوره لينعم بحضرة الإله، ثم يلتحق بزوجته وأسرته، ويخصصون له خدمًا وحشمًا يسمونهم "أوجيبتي" أي المُجيبين المطالب.
من بين الاعترافات الإنكارية اعترافٌ يقول: “لم أتسبّب في دموع إنسان.” ابتسمتُ وأنا أتذكّر ذلك البند من ميثاق ماعت، وتساءلتُ لو وقف داعشيٌّ في قاعة تلك المحاكمة التي كان شعارُها (الحق- الخير-الجمال)، هل بوسع داعشيّ أن ينطق بتلك العبارة أمام أوزوريس وماعت؟ تُرى، بهذا المنطق، إلى أين سيذهب الدواعش الذين أهرقوا أنهارًا من الدموع والدماء؟! تلك الأنهار من الدمع التي أسالها الدواعش من مآقي المستضعفين من النساء والأطفال والرجال، كيف سيخفونها يوم العرض على مالك الملك الله العدل الرحمن الرحيم؟!
في الرابط القادم تشاهدون ماذا فعل الدواعش مع تلميذات المدرسة الإزيدية:

 
لكن السؤال هو: إلى أية مرجعية فكرية يختطف الدواعش البنات من مقاعد مدارسهن ومن أحضان أمهاتهن؟ أنصتوا إلى هذا الفيديو للمتأسلم أبو إسحق الحويني وأنتم تعرفون الإجابة، وتشهرون أصابع الاتهام في عيني رجل أفاق استلب عقول ملايين المضللين. 

اللهم لا تجعلني أبدًا سببًا في دموع إنسان، ولا حزن أي كائن حي.
نقلا عن الفيس بوك

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع