الأقباط متحدون - السرقات العلمية في ظل هيئة اعتماد الجودة !!
أخر تحديث ١٣:١٨ | الأحد ٢٠ ديسمبر ٢٠١٥ | ١٠ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٢ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

السرقات العلمية في ظل هيئة اعتماد الجودة !!

كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
تحت عنوان " اقتباس وسرقة أم تقليد ومحاكاة ؟!" كتب الصديق الكاتب " رشدي عوض دميان " على صفحتي الفسبوكية وعدد من صفحات اصدقائه الكتاب يسألهم منبهاً على النحو التالي :
ــ الكلمات فى أية لغة من اللغات ، وخاصة المكتوبة منها ، ليست حكراً او وقفاً على فرد بعينه سواء كان مؤلفاً مرموقاً او كاتباً عادياً ، ولكن صياغتها بأسلوب معين وتقديمها بشكل منفرد ومتفرد للقارىء تعود بالخصوصية على كاتبها ، وتميزه عن غيره من المؤلفين والكتاب .
ـــ فى القوانين العالمية فيما يخص حفظ حق المؤلف والتى تعرف ب Copyright Reserve توجد بنود صارمة تعاقب وبشدة على اقتباس Plagiarism وسرقة فكرة الموضوع او الطرح وذلك فى حالة عدم ذكر اسم المرجع ، او الكتاب واسم كاتبه ، بل وحتى اسم الناشر وتاريخ النشر ؟!..ولكن لا توجد أية قوانين او بنود تعاقب على التقليد والمحاكاة فى صياغة الكلمات ؟!
ــ اندهش كثيراً وأتعجب عندما اقرأ بعض ( البوستات ) او التعليقات فى هذا المنتدى facebook واكتشف انها باقلام معينة ولكنها بصياغة كلها تقليد ومحاكاة لافراد اخرين اعرفهم جيداً ؟!.. انتهى كلام الكاتب الصديق..
 
في عصر العلم كما يطلق عليه عالمنا الكبير الدكتور أحمد زويل نتابع ما يحدث في جامعاتنا موطن العلم والعلماء  بأسى شديد حالة من الاستسهال والتلفيق والانفلات من العمل العلمي الوطني الجاد ،بعد أن اكتفينا أن يكون لدينا مجموعة من العلماء تعمل في جزر منعزلة ..وظلت جامعاتنا بدون منظومة لإدارة التطوير ، و افتقاد قاعدة علمية قابلة لأن تتسع حلقات إنتاجها لتشمل كافة مناحي العلم والمعرفة ، وبات توصيف حال الواقع العلمي لمؤسساتنا العلمية والبحثية  يشير إلى الاكتفاء بدور المستهلك  لعلوم الغرب ومنجزاته الفكرية ، ولا ينشغل بالتفكير في إنتاج  علمي                    وبحثي وطني   ..
يُقال دائما أن الجامعة الحصن والملاذ للعقل الإنساني ، باعتبارها بيت العلوم وموقع التجريب والبحث والنشر العلمي ، ومن قبل ومن بعد الحضن والحضّانة الأهم للتربية والصعود الإنساني بالأخلاق والقيم .. في الجامعة لابد من حماية المبادئ الرئيسية والقيم العامة للناس والمجتمع حتى يكون لوجودهم على الأرض دوراً في الاندماج مع عناصر المنظومة العلمية العالمية لتحقيق أمل تقدم الأمة والتنافس مع أصحاب حافلات التميز وركابها..
وبرغم كل ما تقدم لا ينكر أحد أن الجامعات في مصر قد قامت بدور رائع في بناء الذات القومية ، وتكوين اللبنات الأهم في تشكيل الهوية الثقافية للإنسان المصري ، وتنمية الوعي السياسي والأخلاقي والقيمي لديه ، وإعلاء مشاعر الانتماء العليا للوطن في مراحل معينة في تاريخ مصر..
 
إنطلاقاً من ذلك التفهم لماهية الجامعة ودورها كان لموقع الجامعة "المكان" منذ بداية النشأة تلك الهالة من الاحترام والتبجيل في نفوس المنتمين إليها حتى أصبحنا نطلق على مقرها مصطلح " الحرم الجامعي " تشبهاً بمواقع العبادة في إشارة لأهمية الحفاظ عليها من غارات الفساد والمفسدين ..
إن المجتمع الجامعي وبعد مرور قرن من الزمان على إنشاء الجامعة الأم ، بات من المفروض تراكم مجموعة رائعة من  القيم الإيجابية الرئيسية لديه لعل من أهمها : الحفاظ على المسئولية الأخلاقية للأستاذ الجامعي ، والدفع نحو اتساع مساحة الحرية الأكاديمية والبحثية والمنهجية وإعلاء مبادئ العلم ، وإعمال الفكر الحر ،والمعرفة والممارسة الديمقراطية ، ونقل الخبرات والبحث عن القدوة والمثل الطيب ..
 
الآن السؤال الذي بات مطروحاً بقوة لماذا تتزايد ظاهرة السرقات العلمية بهذا الشكل الذي يهدر كل ما نتحدث عنه حول ضرورة الالتزام بالقيم والأعراف الجامعية ، وبما تشكله تلك السرقات من رسم ملامح الشك والريبة حول مدى أعداد المدرسين والأساتذة في المعامل ومواقع الدرس والتعليم من الحاملين لشهادات الماجستير والدكتوراه المشكوك في نسبها العلمي الخالص لهم ،  وانعكاسات ذلك على مدى نجاح العملية التعليمية وتشكيل أنساق قيمية رفيعة وسامية داخل الحرم التعليمي ..
 
قد يقول البعض أنه قبل الحديث عن مشاكل البحث العلمي وأبرزها ظاهرة السرقات العلمية ، علينا التوجه بقوة نحو تهيئة المناخ الملائم للبحث والتجريب وفرص اكتساب الخبرات .. لابد من وجود مكتبات جامعية يتم تحديث محتوياتها وتيسير وسائل البحث والتعامل مع القائمين على تشغيلها وتزويدها بأحدث التقنيات في مجال تشغيل المكتبات .. أيضاً على الجامعات تيسير عملية ابتعاث أعضاء هيئة التدريس وزياراتهم لمراكز البحوث العالمية ومشاركتهم في المؤتمرات الهامة " بعيداً عن مؤتمرات الاسترزاق والبيزنس والتهريج العلمي " .. ولابد من تطوير المعامل والورش في الكليات العملية ودعمها بأحدث أدوات التجريب والكوادر المدربة على إداراتها ، بالإضافة لدعم الجوانب المادية لدى الباحث حتى لا ينشغل بمعوقات تهدر الوقت والجهد وتؤثر بشكل سلبي على تواصل عمل الباحث بجدية والتزام بخطة البحث وبالتالي تراجع النتائج المرجوة التي يمكن أن تمثل نهاية صادمة لباحث شاب قد يكون ممتلكاً لأدواته البحثية بداية من فكرة واختيار موضوع البحث من الأهمية وحداثة التناول وزاوية الرؤية ما كان يمكن أن يؤهله لتحقيق خطوات أكثر تسارعاً نحو نتائج أكثر إبهاراً ..
 
وهنا أنا لا ألتمس الأعذار أو أبحث عن الأسباب لسارق البحث العلمي ، ففي كل الأحوال لا يمكن أن نغتفر هذا السلوك المشين الذي يهدم مشروع البحث العلمي المصري بل والعمل الأكاديمي من الأساس .. إنما أردت أن تجد الأجيال القادمة من الباحثين المناخ الطيب المحفز على بذل أقصى الجهود بعيداً عن تثبيط الهمم الذي قد يدفع الكسالى لاختصار خطوات البحث والاستسهال في الاقتباس دون الإشارة للمراجع أو لصاحب الجهد العلمي الأصلي وصولاً لسرقات فصول وأبواب كاملة ، وفي النهاية ـ وفي أحيان كثيرة ـ انتقال صورة واسم الباحث من صفحات التعليم والبحوث إلى صفحات الحوادث بعد تعرضه لمحاكمات تأديبية ..
 
إن من يدعون أن ظاهرة السرقات العلمية لم تصل إلى حد توصيف أنها تشكل ظاهرة لا يدرون أن المشكلة لا تكمن في مدى زيادة أعداد من يمارسونها ، لأنها جريمة لها تبعات غاية في الخطورة بداية من انهيار القيم وسقوط القدوة وصولاً إلى وجود أساتذة تم ترقيتهم إلى مناصب ومراكز عليا دون تأهيل حقيقي وما يترتب على ذلك من ضعف علمي في صفوف أعضاء هيئة التدريس يؤثر على مستوى كفاءة طلبة وطالبات يقوم بتعليمهم نماذج من هؤلاء الخارجين على القيم والمبادئ الجامعية ، ومع ذلك نطالع في الجرائد والمجلات السيارة ما يؤكد تكرار حوادث السرقات العلمية  .. 
 
سبق ،ونشرت جريدة البديل أن اللجنة العلمية قد اكتشفت سرقات علمية بالجملة لترقية أساتذة اللغة الفرنسية بالجامعات المصرية بعد فحصها ، وكانت اللجنة العلمية الدائمة للترقية لدرجة أستاذ في اللغة الفرنسية قد ناقشت خمسة أبحاث لدكتورة أستاذ مساعد بآداب المنصورة عندما تقدمت لنيل درجة أستاذ في اللغة الفرنسية وتم اكتشاف أن الأبحاث الخمسة تتضمن سرقات علمية ..
 
وفي تهوين بالأمر كان  لرئيس جامعة الأسكندرية الأسبق تصريحات  للأهرام العربي  " عندما يكون هناك 3 أو 4 حالات فهذا لا يمثل ظاهرة حيث لدينا 5500 عضو هيئة تدريس وللأسف الشديد الناس توحي بأنها ظاهرة ومنتشرة وهذا يؤثر على سمعة الجامعة " .. ولا تعليق !!
كنا قد سمعنا عن إنشاء هيئة لاعتماد الجودة أنفق على إنشائها الملايين ، وبالفعل حصلت كثير من المؤسسات التعليمية على شهادات اعتماد الجودة ، ولكن بفهلوة تستيف الأوراق اعتمدنا نظم السرقات العلمية !!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter