د.عبدالخالق حسين
بات الكل يعرف أنه لولا السعودية، وثرواتها النفطية الهائلة، ومذهبها الوهابي التكفيري لما حصل ما يسمى بالإرهاب الإسلامي. فبعد أن اتضح للعالم كله، غرباً وشرقاً، دور السعودية في تأسيس ودعم ورعاية الإرهاب، خرج علينا آل سعود بنكتة بايخة وفجة، مفادها أن المملكة "أعلنت عن تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب يشمل حتى الآن 34 دولة، وتأسيس مركز عمليات مشترك في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية ضد الإرهاب".(1)
والملاحظ أن السعودية أطلقت على هذا التحالف بـ(التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب)، ودون توجيه الدعوة إلى إيران الشيعية للمشاركة، في إشارة إلى أن الشيعة كفار أو زنادقة منحرفين عن الإسلام الصحيح وفق الوهابية التكفيرية، بينما أمريكا ومعها الإعلام الغربي تسميه (التحالف السني لمحاربة الإرهاب السني). ولهذه التسمية غرضين كلاهما لئيمان، الأول، جعل الإرهاب ملازماً ومرادفاً للسنة، وأنه لا يمكن القضاء عليه إلا بالاعتماد على السنة أنفسهم، والثاني، للعزف على وتر الطائفية وتصعيد الصراع الطائفي السني- الشيعي، واستنزاف طاقات شعوب المنطقة وتفتيتها لصالح إسرائيل كما بينا مراراً.
والجدير بالذكر أن السعودية هذه، وحسب اعتراف الإدارة الأمريكية، والمؤسسات الاستخباراتية الغربية، ووسائل إعلامها، أنها صرفت خلال الثلاثين عاماً الماضية نحو 100 مليار دولار على نشر التطرف الديني الوهابي التكفيري في مختلف أنحاء العالم، مستخدمة النصوص الدينية التي من شأنها زرع الكراهية والبغضاء وقتل غير المسلمين، وغير الوهابيين من المسلمين وبالأخص الشيعة، وبعد أن افتضح أمرها، فجأة صحت من النوم لتبرئة نفسها، وراحت تعتمد على نفس المصادر القرآنية التي استخدمتها لتبرير الإرهاب، إذ جاء في بيان مشترك للدول المشاركة في التحالف أن تشكيله يأتي "انطلاقاً من التوجيه الرباني الكريم: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وأن من تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء وأحكامها التي تحرّم الإرهاب بجميع صوره وأشكاله لكونه جريمة نكراء وظلم تأباه جميع الأديان السماوية والفطرة الإنسانية. (نفس المصدر).. صح النوم!!
فـ"التوجيه الرباني، والشريعة السمحاء" نفسهما اللذان استخدمتهما مشايخ الوهابية، وبأوامر السلطات السعودية العليا لنشر التطرف الديني وتكفير الآخرين وتبرير قتلهم، بالاعتماد على الآيات التي تكفر الآخرين مثل (الدين عند الله الإسلام، فمن جاء بغير الإسلام دينا لن يقبل منه)، والحديث النبوي: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عصموا مني دماءهم وأموالهم- رواه البخاري ومسلم)، ودون أن يأخذوا في الحسبان السياق التاريخي. وقد بدأ آل سعود وآل الشيخ بهذه الحملة التكفيرية منذ تأسيس مملكة الشر، إذ يقومون بغسيل أدمغة الأطفال من المدارس الابتدائية وشحنهم بالتعصب الديني وكراهية الآخر وغيرها من التعاليم الإرهابية ضد البشرية، وكان من نتائجها "القاعدة " وزعيمها بن لادن، وأغلب الإرهابيين الانتحاريين هم من السعودية.
وبفضل الدعم السعودي صار مشايخ الإرهاب يتباهون برسالتهم الإرهابية، وعلى سبيل المثال لا الحصر الشيخ عبدالله عزام الذي نظّم الإرهابي الإردني (أبو مصعب الزرقاوي)، يعتز ويتباهى بالإرهاب بكل صفاقة وصلافة، ليقول (كل مسلم إرهابى ومرعب)، شاهد الفيديو في الهامش رجاءً(2).
وبعد كل هذه الجرائم التي ارتكبتها السعودية بحق الإنسانية، فمن يصدق هذه الصحوة الأخيرة الكاذبة في محاربة الإرهاب، وهي التي شكلت تحالفاً آخر لتدمير اليمن؟ فبعد أن تأكدت المملكة أن الإرهاب الذي تدعمه، فشل في التدمير الكامل لليمن وإقامة حكومة تابعة للسعودية، لجأت إلى التدخل العسكري المباشر، وتدمير كل ما تبقى من البنى التحتية والركائز الاقتصادية في اليمن وقتل شعبه الفقير.
والآن بعد أن يئست مملكة الشر من قدرة عصاباتها الإرهابية (داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام...وغيرها) في إسقاط الحكومة السورية والعراقية، لتقيم بديلاً عنهما حكومات وفق مقاساتها وموالية لها، طلعت علينا بلعبة التحالف الإسلامي بقيادتها لمحاربة الإرهاب بالتدخل المباشر. إن أقرب اسم يلائم هذا التحالف هو (التحالف الداعشي بقيادة السعودية).
وحسناً فعل العراق برفض هذه "المساعدة" السعودية القاتلة، إذ جاء في بيان حكومي ان"الحكومة المركزية ومجلس النواب اجمعوا على رفض مشاركة التحالف السعودي العراق بحربه ضد داعش الارهابي،" مبينا ان" اغلب اعضاء التحالف مرتبطون بداعش الارهابي ولا يمتلكون الجدية في محاربته".(3)
نعم، السعودية تحارب الإرهاب في بلادها فقط ، ولكنها تدعمه خارج بلادها ولأسباب طائفية وسياسية وإقتصادية. لذلك لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بتغيير النظام السعودي، وتحريم المذهب الوهابي الفاشي الذي هو أخطر من النازية والفاشية.
إن صحوة السعودية لمحاربة الإرهاب تذكرنا بتوبة الثعلب الماكر في قصيدة الشاعر المصري أحمد شوقي: (برز الثعلب يوماً) والتي جاء فيها:
برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا
يمشى في الأرض يهدى ويسب الماكرينا
إلى أن يختمها بالقول:
مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- السعودية تعلن عن تشكيل تحالف إسلامي من 34 دولة لمحاربة الإرهاب.. وتأسيس مركز عمليات مشترك في الرياض (النص الكامل للبيان)
http://www.akhbaar.org/home/2015/12/203224.html
2- الشيخ عبد الله عزام مفتي الإرهاب،(فيديو) يتباهى بالإرهاب ويعترف مفاخراً: كل مسلم إرهابى ومرعب
https://www.facebook.com/M.Elsayed.238/videos/1662535040692192/
3- بغداد ترفض مشاركة التحالف السعودي بحرب العراق : اغلب اعضاءه مرتبطون بداعش
http://www.akhbaar.org/home/2015/12/203232.html
4- مجلة أمريكية: السعودية تصدر الارهاب منذ السبعينات وأدت دورا مباشرا في اعتداءات باريس الاخيرة
http://www.akhbaar.org/home/2015/11/201999.html
5- قصيدة (برز الثعلب يوما فى ثياب الواعظينا)
http://fashion.azyya.com/220983.html
6- عبدالخالق حسين: السعودية والوهابية وجهان لإرهاب واحد
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=440