الأقباط متحدون - لماذا نشارك فى التحالف السعودى؟
أخر تحديث ٠٦:٢٥ | الجمعة ١٨ ديسمبر ٢٠١٥ | ٨ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٨٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

لماذا نشارك فى التحالف السعودى؟

ياسر عبد العزيز
ياسر عبد العزيز

لقد وافقت مصر على الانضمام إلى التحالف الإسلامى الذى شكلته السعودية تحت قيادتها لـ«محاربة الإرهاب»، ورغم أن شكل المساهمة المصرية لم يتضح حتى الآن، فإن مجرد إعلان الانضمام يعنى الكثير على المستوى الاستراتيجى والسياسى والمعنوى.

جاء ولى ولى عهد السعودية إلى القاهرة، وأعلن عن حزمة تقديمات ستحصل عليها مصر، عشية انخراطها فى هذا التحالف.

التقديمات كما يلى: رفع الاستثمارات السعودية فى مصر إلى أكثر من 30 مليار ريال، إضافة إلى المساهمة فى توفير حاجات مصر النفطية لمدة خمس سنوات، ودعم حركة النقل فى قناة السويس.

يستطيع أى طالب ثانوى نابه بعض الشىء، أن يفهم أن تلك التقديمات لا تعنى شيئاً محدداً. فالاستثمارات السعودية فى مصر ليست دعماً مباشراً، لكنها مشروعات يمكن أن يستفيد منها الطرفان، كما أن مسألة رفعها لتصبح عند مستوى معين ليست قراراً سياسياً بقدر ما هى اعتبارات مالية وقانونية، خاضعة لإرادات ومصالح المستثمرين أنفسهم.

أما المساهمة فى توفير حاجات مصر النفطية، فيمكن أن تكون عن طريق البيع، أو البيع بتسهيلات فى السداد، وهو أمر لا يختلف كثيراً عن مسألة «دعم حركة النقل فى قناة السويس»، لأن أقصى طاقة لمثل ذلك الدعم لن تنعكس سوى فى زيادة محتمَلة فى عدد الناقلات السعودية لا يمكن أن تُحدث تغييراً ذا شأن فى إجمالى حصيلة العبور.

إنه إذن عبارة عن «بيان علاقات عامة»، يمكن أن يُذاع على الجمهور المصرى، لإقناعه بأن مساهمة مصر فى هذا التحالف كانت مثمرة، ويمكن أن تنعكس إيجاباً على حياته وتدعم الاقتصاد الوطنى.

لو كنت مكان صانع القرار، لارتبكت كثيراً أمام الطلب السعودى المباشر بالانضمام إلى هذا التحالف.

إن هذا التحالف يمثل التفافاً على مشروع «إنشاء القوة العربية المشتركة» الذى تبنّته مصر ودعت إليه، كما يمثل الاستدعاء الثانى لمصر للانخراط فى مشروع عسكرى سعودى من دون حسابات جدوى قيمية واستراتيجية ومادية كافية تبرر المشاركة، وهو يجمع مصر أيضاً مع خصوم إقليميين يكيدون لها، وينصبون الأفخاخ فى طريقها، ويمولون أعداءها.

الخيارات كانت ضيقة أمام القاهرة.. وفى هذا التوقيت بالذات، يصعب جداً أن تخاطر بعلاقتها الاستراتيجية مع السعودية.

لكن ما حصلت عليه القاهرة جراء هذا القرار لن يكون سوى التقديمات الشكلية التى لا يمكن حساب عوائدها أبداً، والبقاء ضمن التحالف السعودى - الإماراتى - المصرى، والوفاء للدولتين الشقيقتين اللتين وقفتا إلى جانب الدولة المصرية و«مسار 30 يونيو» بصلابة وإخلاص.

هل تكفى تلك العوائد للانخراط فى مثل ذلك التحالف؟

لا طبعاً، لكن وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أنور قرقاش كان قد غرّد قائلاً: «إن الوقت حان لتجاوز الخلاف مع تركيا بشأن التطورات المصرية».

وعبدالرحمن الراشد كتب فى «الشرق الأوسط» قائلاً: «لا أتصور أن هذا الحلف ينوى خوض معارك الغير إن كانوا لا يريدون المساعدة. فمصر إن شاءت ستحصل على دعم عسكرى لمواجهة الجماعات المسلحة فى سيناء».

لم يصدر عن الجانب التركى ما يفيد بأنه قد يدرس تغيير الموقف من مصر، كما لم يُشر المسئول الإماراتى إلى أن هناك خطة محدّدة لتحسين العلاقات بين البلدين.

ولا يعبّر الراشد عن السياسة السعودية بالطبع، مهما كان قدره أو موقعه ككاتب.

ومع ذلك، فإن التطورات تشير إلى ضرورة أن تكون السعودية والإمارات قد قدمتا عرضاً جدياً لإقناع القاهرة باتخاذ تلك الخطوة المتسرّعة وغير محسوبة العوائد، وتفعيل مشاركتها فى التحالف.

العرض يمكن أن يكون على النحو التالى: «تليين الموقف التركى حيال مصر، والمساعدة فى مواجهة الإرهاب فى سيناء، واستمرار الدعم السياسى والإعلامى».

هذا أقل بكثير مما يجب، والأجدر بمصر أن تطلب «وقف الممارسات العدوانية التركية والقطرية، ومساعدة القاهرة فى مواجهة المخاطر الإرهابية فى ليبيا وفق رؤيتها».
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع