فليكف المتطوعون بمد الفترة الرئاسية، الرئيس لم يطلبها، ولم يَسْعَ إليها، ولم تَدُرْ فى خلده، السيسى قانع بفترته الرئاسية، ولم يطلب تمديداً، وإذا كان حتماً ولابد، فعليه أن يخوض الانتخابات الرئاسية فى موعدها المضروب فى انتخابات حرة نزيهة وفق الدستور.. أقلها تجديد للثقة.
لو كان على السيسى ما احتمل يوماً إضافيا على فترته الرئاسية، وتمر عليه الأيام فى امتحان جد صعب وعسير، ولسان حاله: «إنتم جبتونى هنا ليه؟!»، نزل على الإرادة الشعبية، تكليفاً، وحمل الأمانة، وقال أعينونى عليها، ويحارب من أجل إثبات أهلية حقيقية فى قيادة سفينة تبحر فى موج هائج، تضرب الأمواج جنبات السفينة العتيقة بقسوة، وكلما مرت موجة، هاج طود يكاد يغرقها، لولا عناية الله.
تلك أمانيهم، اهتدوا بالله، وضعوا الدستور محل التنفيذ أولاً، ولا تكونوا كمَن خرق السفينة فى عرض البحر، التحرش اللفظى بالدستور لا يستقيم مع إرادة شعب قرر الدستور بأغلبية ساحقة، لماذا يصر البعض عمداً على اهتبال الإرادة الشعبية، واستباحة النصوص الدستورية، ولو فعلها هذا البرلمان لفقد الشرعية التى عليه أن يؤكدها بالأفعال لا بالأقوال، احترام البرلمان للدستور هو عين شرعيته، فإذا شرع المتنفذون فى البرلمان فى العبث بالدستور، فعلى نفسها جنت براقش.
وماذا يفيد التمديد، وهناك فترة رئاسية جديدة تنتظر الرئيس، وعليه أن يعمل جاهداً لينال الثقة ثانية، ليكمل خطته لبناء مصر الحديثة، لماذا التمديد لعامين أو ثلاثة، وهناك أربعة أعوام أخرى تنتظر الرئيس، وما لم ينته فى الأربعة الأولى، يكتمل فى الأربعة التالية، طالما خلصت النوايا، لا نشكك فى نوايا الرئيس الطيبة.
هناك مَن يحفر تحت أقدام الرئيس ع الناشف، وعلى الرئيس أن ينتبه تماما إلى موضع قدميه، وينفض ثيابه من هذه الفئة التى أفسدت مَن قبله، وسحبت من أرصدتهم حتى نفد الرصيد، وعليه أن يقطع الطريق على هذه الدعوات الخبيثة، ويعلن احترامه للفترة الرئاسية كما نص عليها الدستور، احتراماً للدستور ولإرادة الشعب الذى صوّت على الدستور.
دعوات مخاتلة، ولن أسمى أصحابها، نحترم كل الآراء، ولكن القضية ليست عدم كفاية الفترة الرئاسية، ولكن تُقاس الفترة الرئاسية بحجم الإنجاز، مرسى خربها فى سنة، صحيح مصر تحتاج لعقد على الأقل كى تنهض من ركام السنين الفائتة، ولكن عماد هذه النهضة المنتظرة والمرتجاة هو احترام الدستور، هو ما يمكن البناء عليه، وعليه فتعديل الدستور لهذا السبب أو لأسباب أخرى مؤجل إلى حين انتهاء الفترة الرئاسية الأولى، عندها تنتفى المصلحة الرئاسية المباشرة للرئيس فى تعديل الدستور.
مهام البرلمان العاجلة يقيناً ليس بينها تعديل الدستور، هناك مهام جسام تنتظر البرلمان، وفى هذا فليتنافس المتنافسون، تعديل الدستور آخر ما يشغل بال هذا الشعب الصابر، تشغله ترسانة القوانين المُقَيِّدة للحريات، يؤرقه التأمين الصحى والبطالة وتدهور مستوى التعليم، لا ينام جيدا خشية على مستقبل الأولاد والأحفاد.
لن يربح الرئيس من تعديل الدستور شيئاً، سيخسر الجلد والسقط، ومثل هذه الدعوات السارحة من تحت التبن لا تبلل مكانها، ومكانها معلوم، الشعب يأبى الضحك على الدقون، ويأنف التمديد كما ثار سابقا على التوريث، لا للتمديد ولا للتوريث، شعارات حركة «كفاية» الشهيرة، تذكروها جيدا، أخشى أن تظهر مجدداً، إذا أصر هؤلاء على تنفيذ ما يُضمرون.
لن تردعهم مقالات أو صرخات، يردعهم ويردهم على أعقابهم رفض الرئيس لمثل هذا اللغو، إحنا فى إيه ولا فى إيه، البلد مهدد داخلياً وخارجياً، وهناك مَن يفكر فى التمديد للرئيس، لو كنت من الرئيس يمده على قدميه كالطالب الخايب الذى ينسى فروضه ويهتف فى الطابور: تحيا مصر!
نقلا عن المصري اليوم