حملت المشاركة السينمائية الأولى للفنانة نجلاء بدر حالة من الجدل، إثر تصديها لدور البطولة النسائية لفيلم «قدرات غير عادية» للمخرج داود عبدالسيد، صاحب الصولات والجولات فى مناهضته لفكر الرقابة، التى أدرجت فيلمه الجديد تحت تصنيف «الإشراف العائلى».
قالت إن «قدرات غير عادية» يحمل رسائل طويلة الأمد
■ كيف جاءت ردود الفعل عند عرض الفيلم فى مهرجان قرطاج السينمائى؟
- الفيلم حظى بإشادة واسعة يوم عرضه، وكان هناك إقبال كبير على متابعته، وتيقنت أن الحضور جاء لمشاهدة داود عبدالسيد، الذى يُعد اسماً كبيراً فى الخارج.
■ صرحت عن مشاهدتك «قدرات غير عادية» 4 مرات كى تفهميه.. هل ترين أن الفيلم يصعب فهمه من أول مرة؟
- المسألة ليست كذلك، ولكنى شاهدت أفلاماً عديدة لأستاذ داود، وكنت كلما أشاهدها مجدداً أكتشف فيها أموراً جديدة، لأن أفلام هذا الرجل تحمل رسائل طويلة الأمد، ليست مرتبطة بعاملى الزمان والمكان، فإذا تحدثت مثلاً عن فيلم «رسائل البحر»، فقد شاهدته 3 مرات فى السينما، وكنت أكتشف تفاصيل جديدة فى كل مرة، خاصة أن «داود» لا يوصل رسائله عبر الحوار المكتوب فقط، وإنما يستخدم كادراته فى التصوير، التى تحمل دلالة ومعنى.
■ أتقصدين مشهد دخولك الجامع مرتدية النقاب؟
- هذا المشهد صُور بطريقة غريبة، حيث دخل «داود» برفقة مساعديه لمسجد المرسى أبوالعباس، بدعوى قيامهم بتصوير الجامع من داخله، ودخلت وحدى، وانزويت جانباً فى مكان اتفقنا عليه عبر الهاتف، وكان المخرج يهدف لخروج المشهد بشكل يحاكى الواقع، والأمر ذاته حدث فى مشهد شرائى للخضراوات، حيث وضع الكاميرا فى منتصف السوق، وجعل أحد العاملين بالإنتاج يسير أمامى أثناء التصوير، ليحدد لى خط سيرى، ولم أكن أعلم بمكان وجود الكاميرا، وظن البائعون هناك أن المصورين يعملون بقناة «الجزيرة»، ويقدمون فيلماً تسجيلياً عنهم، وكادوا يتعرضون للضرب.
■ ألا ترين أن ارتداءك النقاب كان غير مبرر خاصة أنه لم يتم الإعلان جهراً عن وقوعك تحت طائلة القانون؟
- بالعكس، كانت هناك مشاهد دفعت «حياة» للتخفى عبر النقاب، منها المشهد الذى قالت فيه: «أصبحت حاسة إن القدرة عندى زى الرادار بتحس بالخطر» وبعدها تملكها هاجس أنها مراقبة فى المشهد الذى جمعها بابنتها داخل المطعم، وشعرت خلاله أن الرجل الجالس أمامها يراقبها، وكان هناك مشهد آخر جمعها بخالد أبوالنجا فى الشقة، وبينما كانت تقص عليها قصة حياتها، قطعت حديثها قائلة: «قوم امشى دلوقتى» مما يعنى أنها استشعرت أمراً معيناً، حيث دفعتها كل هذه المواقف إلى ارتداء النقاب للتخفى فيه.
«حياة» خلعت النقاب للخروج من سجنها.. وأطالب الجمهور بالتفرقة بين «خالد أبوالنجا» المواطن والفنان
■ وما الدلالة التى رمزها مشهد خلعها للنقاب أمام قسم الشرطة؟
- الخروج من السجن الذى فرضته على نفسها، بدليل أنها عند وجودها بالمسجد حدثت نفسها قائلة: «أنا سجنت نفسى داخل نقاب» وبدلاً من ذهابها للقسم أصبح السجن نقاباً لها، علماً بأن النقاب مجرد تمثيل للتنكر، وليس نقاباً بمعنى نقاب، لأنه يتعارض مع حياتها التى كانت تعيشها.
■ هل انزعجت من توصيف مشهديك مع خالد أبوالنجا وعباس أبوالحسن بالمشاهد الجنسية؟
- إطلاقاً، فيلم لـ«داود عبدالسيد» لن يُقيم بمشهدين لنجلاء بدر، كما أنه لم يختارنى لفيلمه من أجل مشهد «القبلة»، لأن كل أفلامه تضمنت قبلات، وأنا لست بممثلة إغراء، لأن الفيلم لم يتضمن مشاهد إغراء، والمشهد الذى قام خلاله عباس أبوالحسن بتقبيلى من رقبتى، شهد رفضاً منى لهذه العلاقة، التى وصفوها بـ«المشهد الجنسى» وهنا أتساءل: «ما هو المشهد الجنسى؟» هو مشهد يشهد علاقة جنسية بين اثنين، فأين هى هذه العلاقة فى «قدرات غير عادية»؟ داود عبدالسيد ليس بحاجة لصبغ أفلامه بهذه المشاهد من أجل استقطاب الجمهور، لأنها لن تكون ممتعة بالنسبة لهم، خاصة أنهم لن يروا علاقة كاملة أو حواراً مبتذلاً.
■ تساقط دموعك خلال مشهد «القبلة» مع خالد أبوالنجا كان بطلبك أم بطلب المخرج؟
- هذا المشهد قُدم بشكل تراجيدى لا رومانسى، ولمست إصراراً من المخرج على ضرورة بكائى، وقال لى: «أنا مش بصور الفيلم عشان الجمهور يدخل يتفرج على بوسة، أنا عندى إحساس عاوز أوصله» ويكمن الإحساس فى إقدام «حياة» على تصرف ضد مبادئها، وكان المشهد صعباً لى فى تنفيذه ولخالد أبوالنجا أيضاً، لأنه ليس من السهل أن تطلب من ممثل تقبيل امرأة ليس بينهما أى علاقة، وللعلم السيناريو لم يتضمن أى قبلة، وعندما بدأ التفكير فى وجود المشهد، كان من المفترض تقديمه داخل غرفة النوم، ولكن طبيعة المنزل نفسه حتمت تنفيذه عند مدخل باب الشقة.
■ لماذا اختار «عبدالسيد» توقيت البكاء أثناء حدوث العلاقة وليس بعدها؟
- «حياة» كان من المفترض أن تبكى أثناء ارتدائها لملابسها، أى بعد انتهاء العلاقة، ولكن أستاذ داود تساءل: «لو واحدة بقالها 5 سنين لم تلمس رجلاً وأحبت شخصاً ونشأت بينهما علاقة فهل تبكى أثناءها أم بعدها؟ إذا بكت بعد العلاقة فستبدو نادمة، و«حياة» لم تندم على العلاقة، لأنها أحبت «يحيى»، ولكنها بكت أثناءها، لأن ملابسات العلاقة نفسها تتعارض مع مبادئها، ومن ثم كان لا بد من إبراز حالة التناقض والصراع الداخلى الدائر بداخلها، لدرجة أن المخرج قال لى: «لو دموعك منزلتش أنا هلغى المشهد».
■ وما تعليقك على تصنيف الرقابة للفيلم تحت فئة «الإشراف العائلى»؟
- لم أفهم المغزى من هذا التصنيف، واندهشت من قيام الرقابة بحذف جملة «حبيب الله ده حمار»، من منطلق أن شخصية «حبيب الله» لا يجوز وصفها بالحمار، ولكن هل تنطبق هذه المسألة على أسماء «عبدالله»، «مصطفى»؟ بحكم أن الأخير أحد أسماء الرسول، تيقنت بعد هذه الواقعة أن أسماء بعض المخرجين تثير توتر مسئولى الرقابة، ما يدفعهم لتصنيف أفلامهم تحت فئة «الإشراف العائلى» كإجراء احترازى ليس أكثر، علماً بأن الفيلم لا يتضمن تلميحات جنسية أو مشاهد فى السرير مثلاً، ولكن هذا التصنيف سيزيد من الإقبال على مشاهدة الفيلم، بحكم حالة الفضول التى ستتملك الجمهور.
■ ألا تخشين من عزوف الجمهور عن مشاهدة الفيلم لتذمره من الآراء السياسية لخالد أبوالنجا؟
- ساورنا جميعاً هذا التفكير، وتساءلنا: «هل وجود خالد أبوالنجا سيحدث تأثيراً سلبياً على إقبال الجمهور؟ أنا مختلفة سياسياً معه، ولكن لا بد من التفرقة بين خالد المواطن والفنان، ولا بد أن يعى الجمهور أن نجاح الفيلم لن ينسب لى أو لخالد، وإنما سينسب لداود عبدالسيد.