الأقباط متحدون - دكتور أحمد كمال أبوالمجد.. أحد كنوز مصر الوطنية
أخر تحديث ١٣:١٤ | السبت ١٢ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢ كيهك١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٧٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

دكتور أحمد كمال أبوالمجد.. أحد كنوز مصر الوطنية

سعد الدين ابراهيم
سعد الدين ابراهيم

الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، هو الفقيه الدستورى، أستاذ بكلية الحقوق، بجامعة القاهرة، والمحامى الدولى المرموق، وشغل عدة مواقع وزارية فى عهدى الرئيسين أنور السادات، وحسنى مُبارك.

ولكن أهم من كل المواقع الأكاديمية والرسمية التى شغلها، أنه من القلائل الذين جمعوا بين العلم الغزير بالتراث الفقهى الإسلامى، والعلم الاجتماعى الحديث بأوسع معانيه. فكان بذلك نموذجاً حياً للأصالة والمُعاصرة.

وقد التقيت الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، لأول مرة فى منتصف ستينيات القرن الماضى، فى العاصمة الأمريكية، واشنطن، التى جاء إليها مستشاراً ثقافياً لمصر. وتزامن ذلك مع انتخابى رئيساً للطلبة المصريين (1963/1964)، ثم رئيساً للطلبة العرب فى الولايات المتحدة وكندا (1965/1966)، وهو ما انطوى على تفاعل مُكثف ومُمتد مع الرجل، كما مع غيره من الدبلوماسيين العرب فى القارة الأمريكية فى تلك السنوات المشحونة بمعارك التحرر الوطنى فى كل قارات العالم.

وكان قد نمى إلى علم الطلبة المصريين أن الدكتور كمال أبوالمجد إخوانى الهوى. لذلك استغربنا أن يأتينا مستشار ثقافى بتلك الخلفية. لذلك لم أتردد أن أواجه الرجل مُبكراً بما ينخلج فى صدور الطلبة المصريين والعرب.

واستقبل الرجل استفسارى بابتسامة عذبة، وكلمات مُفعمة بالصدق والمودة. وأطلق فى ذلك الوقت مقولة حصيفة لخّصت المشهد المصرى فى العهد الناصرى، وهى أن المُثقف فى مصر مُعرض للإصابة بلوثتين. اللوثة الأولى حينما يتم تعيينه فى موقع أو منصب لم يكن يحلم به أو يتوقعه، واللوثة الثانية حينما يتم إقالته من ذلك المنصب. وفى كلتا الحالتين لا يعرف لماذا؟ وأردف الرجل أنه بالفعل كان قد قُبض عليه، وحُبس لعدة شهور، وتم التحقيق معه بتهمة أنه من الإخوان المسلمين، ثم أفرج عنه، وتم تعيينه مستشاراً ثقافياً فى واشنطن. وهو لا يعلم يقيناً من تسبب فى القبض عليه، ولا يعلم يقيناً لماذا تم اختياره وتعيينه مستشاراً ثقافياً!

وحوّلتنى صراحة الدكتور أحمد كمال أبوالمجد فى ذلك اللقاء الأول من مُتشكك لدود إلى صديق ودود، وهى صداقة نمت وتعمّقت خلال العقود الأربعة التالية.

وفى ثلاثة مواقف حرجة فى حياتى كان الدكتور أبوالمجد صادقاً أميناً نصوحاً. أولها حينما غضب علىّ النظام الناصرى، رغم أننى كنت من أشد المؤمنين به، فأنهى بعثتى، وفرض علىّ الحراسة، وطبّق علىّ ما كان يُعرف وقتها بالعزل السياسى. حيث نصحنى الرجل بألا أثير تلك الغضبة فى الإعلام العربى أو الخارجى، وأن أقبل القرار رغم قسوته بصبر وجلد، ليقينه أنه ربما فى الأمر سوء فهم أو دسيسة من أحد الحاسدين أو الحاقدين، وأن الأمر لا بد أن يتم تصحيحه، وأنه سيسعى لذلك شخصياً.

أما الموقف الثانى فكان بعد زيارة للطلبة المصريين فى الجامعة التى كنت أدرس فيها، ومُلاحظته لعدد من الزميلات الأمريكيات اللائى يتحلقن حولى، وتوجّسه أن أقع فى غرام إحداهن وأقترن بها، وهو الأمر الذى لا تُحمد عُقباه بالنسبة لشاب يتطلع لمستقبل فى العمل العام فى مصر. ورشّح لى هو فتاة مصرية من أسرة مُتدينة، وكان والدها بالفعل هو إمام المركز الإسلامى فى واشنطن. وهو المشروع الذى اُجهض حينما وقعت الحراسة، وأصبح المستقبل بالنسبة لى غير مأمون. أما الموقف الثالث فكان أثناء قضية مركز ابن خلدون (2000-2003)، حيث تطوّع الدكتور أبوالمجد لقيادة فريق الدفاع الذى تكوّن من عشرة مُحامين. وأبلى بلاءَ حسناً، أبكى فى أثنائه الجمهور فى قاعة المحكمة، وكان دوره حاسماً فى الحصول على البراءة من أعلى محاكم الديار المصرية، وهى محكمة النقض.

لقد شغل الدكتور أحمد كمال أبوالمجد مواقع حسّاسة، وتقلّد مناصب رفيعة، طيلة ثلاثة عهود: عبدالناصر، السادات، مُبارك. منها أمانة منظمة الشباب، ثم وزارة الشباب، ثم وزارة الإعلام. وفى تلك جميعاً كانت المناصب هى التى تسعى إليه، حيث لم يُعرف عنه أبداً أنه «عبده مُشتاق»، بل يكاد العكس يكون هو الصحيح. فالرجل زاهد فى السُلطة والمال والنفوذ، ولا يعتز حقيقة إلا بموقعيه، الأكاديمى (كأستاذ للقانون الدستورى)، والمهنى (كأحد أشهر المحامين فى مصر والعالم العربى).

لذلك لم يكن مُستغرباً أن يطلب منه أمير الكويت أن يكون مُستشاراً قانونياً له، وهو الموقع الذى شغله لعدة سنوات، فى مرحلة بناء الدولة الوليدة، التى يحيط بها جيران طامعون فى ثرواتها النفطية الهائلة.

كذلك لم يكن مُستغرباً أن يطلب البنك الدولى من الدكتور أحمد كمال أبوالمجد أن يكون ضمن مجموعة مُنتقاة من العالم كله، قُضاة للبنك فى فض المُنازعات.

وفى كل تلك المواقع كان أداء الدكتور أحمد كمال أبوالمجد أداء رفيع المستوى، يحق لأبنائه وتلاميذه، ولكل المصريين، أن يفخروا به. فهو حقاً، كما تقول زوجتى العزيزة، أحد الكنوز الوطنية لمصر المحروسة.

متّع الله الدكتور أبوالمجد بالصحة وطول العُمر، جزاء مُستحقاً لما أدّاه لمصر والإنسانية فى مسيرته من خدمات جليلة.

وعلى الله قصد السبيل.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع