بقلم: عـادل عطيـة
يا من تطاردون ديسمبر على أوراق "كتاب الأيام"، وتكسرون وراءه ألف مصباح مضيء ومصباح؛ ليكون جزءاً من الظلام، وجزءاً من الماضي.. اعلموا أنّ الظلام لا يزال ممسكاً بأهداب أفكاركم المتنازعة، والماضي لا يزال حراً طليقاً في ذواتكم المتمردة!
يا من تحتفلون بالنبضات الأخيرة الموءودة في قلب ديسمبر.. اخبركم أنّ ديسمبر لا تؤذيه أفراحكم المتيّمة برحيله، ولا تجرحه أصابعكم السكرى، وهي تضغط على زر العتمة؛ لأنه يعرف كيف ترون خفاياكم كما في مرآة فاضحة، وتصطك فرائص مشاعركم العارية بعد أن أحرقتم مصابيح ضمائركم!
ديسمبر، لم يعاتبكم؛ لأنّكم نزعتموه عنّوة من ترتيبه العاشر؛ ليكون الأخير بين الشهور.. ولكن من حيث وضعتموه، أستطاع أن يعاين سعيكم إلى درء مشاعركم النغصة بتصنع اللامبالاة، أمام تجمد الوفاء في قلوبكم المنسوجة من الصخر، والحجر!
ديسمبر، وهو يسكب أمطاره الغزيرة عليكم، يريد أن يقول لكم: أنّ أمطاره هي من فيض غيومكم المضمّخة بالقتام الخصيب، والتي تصعد بدأب حثيث من وضوء أعمالكم السيئة؛ عسى أن يشارك الملائكة في احتفالية البكاء على الذين يعاينون ألوان الطيف ويزدرون جمال النفس، والذين يلامسون ندفات الثلج ولا يذرفون الدموع!
ديسمبر، لا يزال يأتي إليكم بالذين يغالبون الحياة في قبضة الشتاء العنيف القاسي.. ينقر بصرخاته الصائتة المستنجدة على نوافذكم الشفافة، التي لا ترى آلام الناس كثيفة مكثفة.. ويقرع بشغف على أبوابكم المغلقة؛ لتحتضنوا الذين جاءوا من ساحات العراء الرحب، وهربوا من بين ذراعي الزمهرير الملتهب، الذي زنّر أجسادهم الناعمة الملقاة على طين الإضطهاد ، والتهجير، بالبؤس والشقاء!
أصغوا إلى ذلك الصوت الذي يتكلم في ديسمبر، وأفتحوا قلوبكم الموصدة، لهذا الزائر الشتائي النبيل، واستقبلوا رفاقه المبللين بمعمودية ملكوت الإنسانية، على درب العام الجديد!...