المنظمة تدين جرائم ميليشيات الحوثي – صالح بحق المدنيين
.. وترحب بالهدنة .. وتدعو لفك الحصار عن تعز
تعرب المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن عميق قلقها لاستمرار النزاع الدامي في اليمن للشهر التاسع على التوالي، والذي أدى إلى استشهاد نحو سبعة آلاف شخص، خمسة آلاف منهم من المدنيين، وثلثهم في مدينة تعز جنوب غرب البلاد، فضلاً عن مقتل ألفين على الأقل من المقاتلين، وإصابة نحو 20 ألفاً، وتشريد عدد غير محدود تتفاوت تقديراته بين المليونين والخمسة ملايين، في بلد مثقل كاهله بأعباء تدهوره الاقتصادي المتزايد خلال السنوات الـ15 الأخيرة.
وبينما ترحب المنظمة بجولة المباحثات المرتقبة في جنيف منتصف الشهر الجاري، لا سيما مع الإعلان بهدنة إنسانية تدوم نحو أسبوع، فإن القلق يتزايد إزاء استمرار حصار نحو ثلاثة ملايين ونصف نسمة في مدينة تعز ومحيطها، في ظل أوضاع معيشية شبه مستحيلة.
وإذ تعرب المنظمة عن إدانتها لجرائم قتل المدنيين في ظل النزاع المسلح في البلاد، والذين تمثل شريحتي النساء والأطفال نحو 60 بالمائة منهم، فإنها تدين بصفة خاصة جرائم ميليشيات "الحوثي – صالح" التي أوقعت نحو 90 بالمائة من الخسائر بين المدنيين نتيجة الاستهداف المتعمد للمدنيين والأهداف المدنية في مختلف ربوع البلاد بهدف نشر الذعر والترويع ومنع الناس من دعم المقاومة الشعبية وقوات حكومة الرئيس "هادي".
وفضلاً عن الأوضاع المعيشية المأساوية في مدينة تعز ومحيطها (راجع: http://aohr.net/portal)، تشكل الأوضاع الصحية في اليمن بصفة عامة وتعز بصفة خاصة مدعاة كبيرة للقلق، نظراً لاستهداف المشافي، وافتقاد هذه المشافي للمعدات والتجهيزات الطبية اللازمة، والنقص الفادح في الدواء، والافتقاد لإمدادات الطاقة ومياه الشرب النظيفة في مختلف مناطق المدينة.
يضاف إلى ذلك الحصار المتواصل لثمانية شهور والذي يحول دون الدخول المنتظم لإمدادات الغذاء الضرورية للمدينة الأكثر كثافة في اليمن، وغلاء المواد الغذائية الشحيحة الذي يغل يد المعوزين والمحتاجين.
وقد نال المدينة إصابة نحو 20 ألفاً من سكانها بحمى الضنك، وذلك من بين نحو 23 ألف إصابة بهذا المرض الخطير، وتوفي منهم في المدينة نحو 130 شخصاً. بالإضافة إلى افتقاد نحو 9 آلاف من مرضى السرطان سنوياٌ بالمدينة للرعاية الطبية اللائقة والأدوية الضرورية (من بين 24 ألف مصاب بالسرطان سنوياٌ في عموم اليمن).
ويشار إلى أن العديد من حالات الوفاة جاءت نتيجة الافتقاد للاستجابة الطارئة لنوبات مرضى السكر الذين تضاعفت أعدادهم على نحو فادح خلال النزاع، إلى الحد الذي بلغ بوزارة الصحة أن تعلن صباح اليوم نفاذ كامل مخزون عقار "الأنسولين" لديها.
كما يثير قلق المنظمة تعامل ميليشيات "الحوثي – صالح" مع المساعدات الإنسانية الداخلة للبلاد عبر ميناء الحديدة غرباً الخاضع لسيطرتهم كغنيمة، يتم توزيعها على الموالين لتمردهم المسلح في البلاد، وعدم وصول هذه المساعدات لمستحقيها في شتى المناطق التي لا زالوا يسيطرون عليها.
وتواصل المنظمة في هذه المرحلة العمل مع "الشبكة اليمنية لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان" التي تأسست بدعم من المنظمة، وذلك للتدقيق ميدانياً في المعلومات الواردة حول العشرات من مراكز الاحتجاز المخصصة للتعذيب، وأكثر من 200 حالة اختفاء قسري على يد ميليشيات "الحوثي – صالح".
وعلى صعيد آخر، يثير قلق المنظمة تدهور الأوضاع الإنسانية في القرى الريفية في كل من تعز ولحج وأبين، فضلاً عن مناطق حضرموت وشبوة ومحيط مدينة عدن وتهامة وإب، في ظل تدهور حاد للأوضاع الأمنية، بسبب تزايد أنشطة التنظيمات الإرهابية، وكذا عصابات الجريمة التي تمارس السرقات على نطاق واسع في ظل الافتقاد للأمن.
وتنعي المنظمة اللواء "جعفر محمد سعيد" محافظ عدن الذي لقى حتفه مع 8 من مرافقيه في تفجير إرهابي بمدينة عدن في 6 ديسمبر/كانون أول الجاري، والذي لا تزال تتضارب المصادر بشأن الجهات التي دبرت حادثة الاغتيال.
وكان "سعيد" أحد المقربين إلى المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وشارك في مختلف الفعاليات التي عقدتها المنظمة حول الأوضاع في اليمن خلال سنوات وجوده في القاهرة بعد حرب صيف 1994. وقد رافقت الآمال تعيينه محافظاً لعدن قبل نحو شهرين بسبب مواقفه المتميزة في الشئون السياسية والإنسانية، وقدرته على تحسين الخدمات الأمنية والمعيشية في مدينة عدن ومناطق الجنوب بصفة عامة بعد التدمير الواسع الذي ألحقته ميليشيات "الحوثي – صالح" بتلك المناطق عمدياً.
وجاء اغتيال "سعيد" بعد أقل من 24 ساعة من اغتيال رئيس دائرة جنائية بمحكمة عدن ومسئولاً عن مكافحة الإرهاب بقوى الجيش.
وتشير مصادر موثوقة إلى أن الجماعات الإرهابية المنتشرة في الجنوب خلال السنوات السبع السابقة تعمل على إزاحة كافة المسئولين السياسيين والأمنيين والقادة المحليين الذين بوسعهم تحقيق نجاحات في إدارة المناطق المحررة، على نحو يُمهد لبسط سيطرتهم على تلك المناطق استفادة من القتال الجاري والوضع الأمني المتردي. بينما توجه مصادر أخرى الاتهامات إلى ميليشيات "الحوثي – صالح" في ضوء الارتباطات القوية بين نظام الرئيس المخلوع "علي عبد الله صالح" والتنظيمات الإرهابية التي كانت تخدم أهداف استمراره في السلطة.
وفي كافة الأحوال، فإن استمرار النزاع المسلح الدائر في البلاد يشكل زاداً مهماً للتنظيمات الإرهابية التي تقتات على هذه النزاعات الأهلية لبسط سيطرتها على أجزاء من أراضي البلاد بالتوازي مع تحركات مماثلة في عدد من بلدان المنطقة.
وتحث المنظمة كافة الأطراف المنخرطة في النزاع المسلح الجاري على وقف القتال، والسماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية لكافة ربوع البلاد، والعودة إلى مائدة الحوار للوصول لتوافقات سياسية دون إقصاء لأية أطراف، والنظر في تدابير المساءلة والمحاسبة عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة في سياق النزاع وقبله.
كما تدعو المنظمة إلى العمل فوراً على إنهاء الحصار عن كافة المناطق، وفي مقدمتها مدينة تعز تزامنا مع الهدنة المزمعة، والتي تناشد المنظمة كافة الأطراف احترامها وضمان استمراريتها.
* * *