حقا برلمان 2015 كاشف ومنشأ ،بلغت نسبة المشاركة في المرحلتين 28% تقريبا كما صرح  المستشار عمر مروان المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات ،  رغم أن كثير من المراقبين شككوا في تلك النسبة خاصة في المرحلة الأولي وآخرين رأوا أنها النسبة الطبيعية لان الانتخابات منذ يوليو 1952 شهدت تزويرا في كل مكوناتها بما في ذلك نسب الحضور،وكان المستشار مروان قد أضاف : أن أعلى محافظة شهدت نسبة تصويت هى جنوب سيناء بـ 41.6 %  الأمر الذي يؤكد تصميم الدولة والشعب علي انجاز الاستحقاق الثالث رغم الإرهاب.
 

 وأضاف ، أن هناك ٥٤ نائبا شابا يمثلون ١٠٪ من النواب، وان كان من الملاحظ أن الانتخابات قد شهدت تناقضا بين إحجام قطاعات من الشباب المسيس عن المشاركة في التصويت في حين اندفعت قطاعات أخري للمشاركة بفاعلية في تنظيم الحملات الانتخابية ، أما عن تمثيل المرأة ،هناك ٧٣ سيدة في البرلمان  بنسبة حوالي 15% ،شهدت هذه الانتخابات أيضا ظاهرة معقدة وهي ارتفاع نسبة تمثيل الأحزاب عن الانتخابات السابقة ، النواب المستقلين يمثلون ٥٧٪ ، و المنتمين للأحزاب يمثلون ٤٣٪ .
 

وأكد الدكتور يسرى العزباوى رئيس برنامج النظام السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية،أنه منذ انتخابات ٢٠٠٠ حتى الآن لم يستطع أى حزب الحصول على الأغلبية ،مضيفا أن هناك ١٩ حزبا ممثلين في البرلمان منهم أحزاب فازت على قوائم فقط . و نوه العزباوى ، إلى أن هناك ٥ أحزاب أصبح لها كتل كبيرة في البرلمان من بينهم حزب المصريين الأحرار و مستقبل وطن و الوفد ، في ، لكن  اللواء رفعت قمصان أن البرلمان دراسيا سيكون مبشرا، وان هناك ٢٨ نائب بالمجلس من حملة الدكتوراه  (للعلم الرئيس الأسبق المتهم بالتخابر محمد مرسي كان من حملة الدكتوراه ) !! وأضاف بأن هناك 10من حاملي الماجستير،و ٤٠٥ نواب حاصلين على مؤهلات عليا، ١٥٪ تعليم متوسط.
 

 كما أفادت المصادر الرسمية أن عدد من قبض عليهم متلبسين بشراء الأصوات 34 حالة لأنصار مرشحين ، في حين أكد المراقبون أن هناك نسبة 50% من المرشحين قاموا بشراء أصوات !! هي "شراء ،بشكل معلن و"وقح"  حتى أن بعض وسائل الإعلام حددت سعر الصوت في كل دائرة!!

من المدهش أن  ممثلين من أنصار المرشحين من أغلب الأحزاب والمستقلين شاركوا في تدشين "بورصة شراء الأصوات "، حتى وصل الأمر أن مرشحين من احد الأحزاب بأحدي دوائر شبرا تقاسما الأدوار بحيث يشتري للأخر الأصوات حسب كل منطقة ، وان كان المراقبين يعزون ذلك لضعف الرقابة من اللجنة العليا للانتخابات ، فأن الأمر يرتبط أيضا بأم أغلب الأحزاب لم تختار المرشحين وفق برامج سياسية أو فكرية بل وفق إمكانيات فوزهم وشعبيتهم وبما أن أكثر من لديهم الخبرة هما : أما أعضاء الحزب الوطني المنحل أو من جماعة الإخوان الإرهابية ، ولان الإخوان أعداء للوطن فقد أسفرت عملية الاختيار إلي أن 62% ممن ترشحوا علي معظم الأحزاب والمستقلين كانوا أعضاء سابقين للحزب الوطني من حزب النور إلي الوفد والمصريين الأحرار ومستقبل وطن إضافة إلي الأحزاب التي انبثقت من الوطني ، ولا يستثني من ذلك كل القوائم .(بالطبع لسنا ضد أعضاء الوطني طالما ليس عليهم فساد سياسي ) إلا إننا نسجل أن تلك الظاهرة كانت انتهاء للصيغ التقليدية للأحزاب البرنامجية أو الأيدلوجية .. بقدر ما تبرز ظاهرة جماعات المصالح وجماعات الضغط كبديل للحزب التقليدي. 
 

بالطبع أدي ذلك إلي انعدام السياسة وعزوف قطاعات من الشباب واليسار ، والأخطر أن وفق نتائج المرحلة الأولي والفصل الأول من المرحلة الثانية (فردي  أحزاب ومستقلين وقائمة وحب مصر)فأن نسبة الفائزين من النواب (42%) من أعضاء الحزب الوطني المنحل مهما كانت المسميات أو الكتل ، ثم يحدثونك عن التجديد ويتسألون عن سبب عزوف الشباب .
 

بالطبع هناك تنافس قوي بين حب مصر والمصريين الأحرار علي الأغلبية ، وكلاهما يعلم أن تلك الأغلبية تتكون من "معارين" من الوطني "المنحل" (واللي ربي خير من اللي اشتري) كما يقول المثل الشعبي !!
 

غني عن التعريف ان كلا المتنافسين حب مصر والمصريين الأحرار يخوضان صراع "كمي" وليس "كيفي" ، هما لا يختلفان علي حرية السوق ، ولا أي قضية اقتصادية ولا حتى سياسية وسوف يتسابقان علي تأييدهم لسياسات الرئيس السيسي ، ولكن المشكلة الرئيسية كيف سوف يدير زعماء الاغلبيات في الأحزاب نوابهم ؟ في حدود علمي ان اغلب الكتل أخذت أوراق رسمية علي هؤلاء الأعضاء ، من تلك التي يسمونها أولاد السوق (ورق ضد) !! فهل سوف يتيح ورق الضد قيادة نواب تم اختيارهم علي أسس مالية وليست سياسية وفي أحسن الأحوال هم ممثلين لجماعات مصالح مختلفة ؟

لذلك وان كنت احيي أجهزة الدولة لعدم التدخل.. ولكن كما يبدو هذه الحيادية "كاشفة لمكونات الخلطة السياسية الجديدة" أكثر منة "نزاهة" 

لأنني منذ بداية الاستعداد لهذا البرلمان لاحظت انشغال الدولة في المهام الكبرى وهي الدفاع عن الحدود ومكافحة الإرهاب ، والمشاريع الاقتصادية الكبرى ، والسياسة الخارجية ، وفي نفس الوقت كانت جماعات المصالح بعد أن احتكرت الإعلام ووجهت الرأي العام ضد ثورة 25 يناير ، زحفت بآليات السوق إلي السلطة التشريعية ونجحت في الاستحواذ علي الثلث المعطل علي الأقل.. 
 

أقباط 2015 حققوا ما لم يتحقق من قبل ، ولكن لابد من ملاحظة الأتي: أولا: أن هذه النسبة منها 24 نائبا نجحوا علي القوائم التي ستطبق لمرة واحدة ، أن نسبة الفائزين علي النظام الفردي 12نائبا وفي كل الأحوال فأن 36 نائبا قياسا بعدد الأقباط (10% كما صرح رئيس جهاز المخابرات السابق اللواء التهامي) فأن تلك الأرقام لا تشكل إلا حوالي 5% من البرلمان .
 

ثانيا : ازدياد تطلعات المواطنين المصريين الأقباط لطرح همومهم علي أجندة الوطن والبرلمان خاصة بعد اختفاء الخصم التقليدي (الإخوان والإسلام السياسي) وبروز شعور حقيقي علي تعافي الوطن من "الطائفية" البغيضة ، في وقت يشكل تراجع السلفيين في الانتخابات معوق حقيقي أمام قدرة الدولة علي تحقيق المطالب القبطية دون أعمال التوازن مابين الأقباط وبين السلفيين .
 

ثالثا : ان دوائر مثل مصر القديمة والخليفة والمقطم وباب الشعرية وعين شمس والتي نجح فيها بالترتيب :عصام فاروق ومني جاب الله ونبيل بولس ويسري الأسيوطي وثروت بخيت دوائر ليس بها كتلة مسيحية تصويتية مرجحة الأمر الذي يدل علي أن نسبة لا تقل عن 30% من الأصوات المرجحة كانت أصوات مصريين مسلمين .
 

رابعا: هل يستطيع النواب الأقباط أن يكون أقباط في الدفاع عن الدولة المدنية قبل الدفاع عن المطالب القبطية المشروعة ، أن احدث التوازن في هذه القضايا كفيل بإنجاح التجربة.

خامسا: لابد ان نعترف أن فشل مرشحين أقباط أو مسلمين عرفوا بالدفاع عما يراه البعض مطالب "طائفية" مثل المستشار نجيب جبرائيل أو المهندسة  فاطمة ناعوت مؤشر يحتاج إلي دراسة. 
 

سادسا:البرلمان وإسرائيل والمسجد الأقصى!!

هل يمكن استخلال نتائج مما يحدث علي الأرض بالمنطقة في الشهر الجاري والتي ارتبطت زمنيا علي الأقل بانتخابات مجلس النواب وربما تؤثر علي المجلس والمشهد ككل ؟تحرشات صهيونية متكررة بالمسجد الأقصى، سقوط الطائرة الروسية علي في شرم الشيخ ، تفجيرات الضاحية الجنوبية ببيروت ، مذبحة باريس، إعلان تنظيم الدولة الإسلامية داعش مسئوليتها عن كل تلك الحوادث ؟!! هل يعقل تنظيم يقوم بكل تلك العمليات في ايام معدودة ؟ .. تنظيم تحاربه الولايات المتحدة الأمريكية وحوالي اربعين دولة منذ شهور ويمتلك كل هذة القوة ؟ بل ويملك التحرك في بين حدود ثلاث دول غربية (فرنسا وبلجيكا والمانيا )؟

انتشار دعاوي "الاسلامو فوبيا"  في الغرب ، أنباء عن حرق المصحف ، تأكيدات إسرائيلية علي أن الطائرة الروسية انفجرت بعمل إرهابي، روسيا تمنع الطيران الروسي من الذهاب لمصر وتحظر الطيران المصري من الذهاب لموسكو؟!!

بريطانيا تعزم نفسها علي الأزمة وتجلي سائحيها من شرم الشيخ (ومحاولة إحراج الرئيس السيسي اثنا زيارتها الرسمية)!!

ازدياد الهجوم علي اللاجئين السوريين ونداءات لمنع دخولهم الغرب ، ونتنياهو يدافع عن نظام بشار الأسد، والمستشفيات الإسرائيلية وفق الأنباء الإسرائيلية تعالج جرحي من جيش النصرة ؟!!
 

تركيا تسقط طائرات روسية وروسيا ترد بعقوبات اقتصادية وتحرك اساطيلها نحو تركيا وسط تهليل غربي مع تركيا وصيحات تهدد بحرب قادمة ، وإسرائيل توافق علي صفقات عسكرية لتركيا ؟!!

المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب في مصر ، المستشارة تهاني الجبالي في مؤتمر صحفي تتهم اللواء سامح سيف اليزل ووزير الإعلام السابق أسامة هيكل بعمل "صفقة" مع الإخوان المسلمين في الكويت وتتقدم ببلاغ للنائب العام !!
 

واللجنة العليا للانتخابات تؤكد أن لا احد تقدم لها بأي بلاغ في هذا الشأن ؟!!

تسريب فيديو من احد الأشخاص لنيافة الأنبا بولا يزعم صاحبة تأييد الأنبا بولا لقائمة حب مصر ، والكنيسة تكذب ثم أنباء أخرى عن صفقة بين ما يسمي ب"لجنة المواطنة " الكنسية وحزب المصريين الأحرار بتأييد مرشحيه والمواقع الاخوانية تهلل للفيديو والصفقة المزعومة ،وكالعادة الكنيسة تكذب تلك الدعاوي وتعلن أنها علي مسافة واحدة من الجميع .
 

جميع وسائل الإعلام المصرية واغلب العالمية تتحدث عن شراء الأصوات ، ومعظمها يتحدث عن بورصة لأسعار الأصوات من دائرة لآخري، ومعركة بين قائمة حب مصر وحزب المصريين الأحرار حول استقطاب المستقلين للسيطرة علي الأغلبية البرلمانية (علما بأن كلاهما من المؤيدين بشدة للرئيس )!!

قداسة البابا تواضروس الثاني يسافر إلي القدس للقيام بالصلاة علي مطران القدس الأنبا ابراهام ، وسط عاصفة من النقد والتأييد للزيارة ، والغريب أن صاحب القداسة سافر علي طائرة شركة "اير سيناء" وليس بطائرة خاصة، والأكثر غرابة أن السفير الإسرائيلي بالصدفة كان علي متن الطائرة!!

كل تلك الأحداث الملتهبة " والهري" علي الفيس ، وصيحات الإخوان الوهمية حول 25 يناير القادم ، الا تمثل الانقسام المناسب لإسرائيل لكي تقوم بما تريد تجاة المسجد الاقصي ؟

مصر تدور حول نفسها كما رأينا ، والمنطقة ملتهبة : سوريا تعاني والعراق من الحروب الداخلية ، والإعلام الغربي مهد الطريق بكراهية "التطرف الإسلامي" ، وجدار التطبيع شرخ وبقوة بعمل إنساني وهي الصلاة علي المطران المتنيح الأنبا ابراهام ، (الغريب إن الحكومة لم تصدر اي بيان تعزية  رغم ان بصماتها في الزيارة ) ، ودواعش ليبيا يقتربون من الزحف علي السلطة ، ولبنان ممزقة ، والخليج يرتعد من ايران ، واليمن تلملم جراحها ، وتونس تضمد جراح الإرهاب ، والجزائر والمغرب يعيشان حالة حذر ، وحماس تنشط اليمين الصهيوني لعمل كبير ، وأبو مازن ليس أمامه سوي دعوة المصريين لزيارته !!

سابعا :

تأمل معي هل كل ذلك الذي يتم لا يمهد البيئة السياسية والإقليمية والدولية لان تقوم إسرائيل بما تريد؟

ربنا يخيب ظني وتحليلاتي .. يارب