البابا شنودة يصر علي الدفاع عن بيشوي حتي النفس الأخير
التاريخ الطائفي لمطران الفتنة
بيشوي عاش حياة من العزلة ساهم فيها يتمه.. وهو ما جعله يعجز عن التواصل مع الناس
البابا قرر انقاذ بيشوي .. فأعتذر دون أن يتحدث عن عقاب أو لوم للأنبا الطائفي .. وكأنه اعتذار سياسي لا حقيقي
عندما دخل الأنبا بيشوي إلي الدير للمرة الأول في 26 فبراير 1969، حمل اسم القمص توما السرياني، نسبة إلي الدير الذي دخله راهبا، ظل إلي 2 ابريل من العام التالي مباشرة 1970 حتي دخل الكهنوت، وعندما جاء البابا شنودة بطركا للأقباط في مارس 1971 ، كان يعرف الأنبا بيشوي جيدا، فقد رسمه أسقفا في 24 سبتمبر 1972، وظلت درجة المطران التي نالها بيشوي في 2 سبتمبر 1990.
يشهد من يعرف بيشوي جيدا أنه رجل يأخذ الأمر بجدية شديدة، تخرج في كلية الهندسة جامعة الإسكندرية وعين بها معيدا، وحصل علي درجة الماجستير بالفعل، لكنه ترك كل ذلك وراءه وقرر أن يترهبن، بعد أن دخل دير السريان، وبعد وقت قصير جدا أصبح مرشدا روحيا للإخوة في الدير الذين كانوا تحت الاختبار والرهبان الجدد، وذلك بتكليف مباشر من أب اعترافه.
أثناء وجوده في الدير بني لنفسه قلاية في الصحراء خارج الدير، كان يقضي فيها معظم أوقاته ويأبي الخروج منها، عاش حياة جافة جدا، فهو الابن الوحيد لوالدته الأرملة، التي عكفت علي تربية ابنها لسنوات طويلة بعد أن مات زوجها، ولعل يتم الرجل جعله يميل إلي العزلة أكثر من الاندماج مع من حوله، وقد يكون هذا هو السبب الذي نجح من خلاله في أن يقتحم عالم الرهبنة دون معوقات.
لكن الأهم من ذلك أن البابا شنودة قد قرر بعد أن أصبح بطركا أن يختار مجموعة من الشباب المتفوقين المخلصين له أكثر من أي شيء آخر، حتي يحيط نفسه بهم، ولم تكن هناك مشكلة في أن يرسمهم أساقفة وهم لم يتجاوزا الثلاثين بعد، وهو تقريبا ما حدث مع الأنبا بيشوي، الذي يرتبط بالبابا شنودة بعلاقة خاصة جدا، فهما يفهمان بعضهما بمجرد نظرة عين، ولا ينكر الأنبا بيشوي أنه أمين سر البابا شنودة، فهو يعرف عنه ومنه ما لا يعرفه الآخرون.
المشهد الأخير الذي يأتي تتويجا لتاريخ بيشوي الطائفي شاهدا علي عمق العلاقة بين البابا والأنبا، أن بيشوي هو الذي أخطأ..هو الذي طعن في القرآن، ودع عنك تبريره المتهافت الذي قاله إن الضجة التي جرت إنما حدثت لخطأ مطبعي في المحاضرة التي كان يجب أن يلقيها، فبدلا من أن تكون الجملة " أنه بالحوار الهادئ تم حذف شرح آية قرآنية تكفرنا"...أصبحت في النص المطبوع:"أنه بالحوار الهادئ تم حذف آية قرآنية تكفرنا"....لقد ظل الأنبا بيشوي ورجاله يحاولون الخروج من هذه الأزمة، ويبدو أن تفكيرهم هداهم إلي هذا الحل، الذي خرج به علينا.
لقد كشف بيشوي في الحوار الوحيد الذي أدلي به إلي الزميل هشام المياني بجريدة الشروق، أنه لم يفكر في الاعتذار، ولم يسع إليه، وإنما فعل ذلك بعد أن أرسل صحفي قبطي فاكسا إلي الكاتدرائية، اقترح فيه أن يصدر الأنبا بيشوي بيانا يعتذر فيه للمسلمين عما فعله، وأن الكاتدرائية أرسلت له الفاكس كما هو، ولم تطلب منه أو تضغط عليه ليكتب البيان، لكنه كتب البيان واستأذن البابا في أن يرسله إلي الصحفيين فوافق البابا علي ذلك.
لو كانت رواية بيشوي صحيحة مائة في المائة، فإنها تؤكد أن الرجل لم يفكر في الاعتذار، لسبب بسيط أنه اعتقد - ولا يزال يعتقد حتي الآن - أنه لم يخطئ في حق أحد، وأنه لم يفعل ما يستوجب الاعتذار، بل راح يلفق فيما جري، ليقول إن المسلمين هم من أخطأوا الفهم، أما هو فلم يخنه التعبير أبدا.
حمل البابا شنودة علي عاتقه الدفاع عن الأنبا بيشوي، ظهر في التليفزيون الرسمي للدولة ليعتذر بشكل مباشر وواضح ولا يقبل التأويل عما فعله بيشوي، لكن حديث البابا واعتذاره يحتاج إلي أكثر من وقفة:
أولا:الكنيسة لم تصدر بيانا رسميا تعتذر عما فعله بيشوي، إن البيان الذي أصدره بيشوي في النهاية لا يعبر إلا عن نفسه فقط، أما موقف الكنيسة الرسمي الذي يمثل البابا، فكان يجب أن يظهر من خلال بيان موقع منه، أما الاكتفاء بالتصريحات التليفزيونية التي تذهب مع الريح، فإنها لا تفيد في توثيق الحدث، ما يفيد فيه فقط البيان المعبر عن موقف الكنيسة الرسمي والموقع من البابا شخصيا.
ثانيا:كان الاعتذار الذي قدمه البابا شنودة مشروطا، فقد قدم بين يديي كلامه إشارة إلي المظاهرات الكثيرة التي خرجت تشتمه وتهينه - البابا لم يذكر سببها بالطبع، وبين السطور أشار إلي أنه عندما ينهي المسلمون مظاهرات الجمعة، فإن الأقباط يمكن أن ينهوا مظاهرات الأحد، رغم أن مظاهرات الأقباط تتم علي مرأي ومسمع من البابا نفسه بعد عظته الأسبوعية في كاتدرائية العباسية.
ثالثا:الاعتذار الذي قدمه البابا شنودة كأن لم يكن، مجرد كلمات لاهثة تبعثرت في الهواء، لقد قال إنه مستعد أن يفعل أي شيء ليطيب به خاطر المسلمين الغاضبين، لكنه لم يكشف من قريب أو بعيد عن أي إجراءات عقابية أو حتي من باب اللوم للأنبا بيشوي، إن البابا يعرف ما يريده المسلمون ليطيب خاطرهم، وهو عقاب بيشوي بأي شكل من أشكال العقاب، لكنه لن يفعل ذلك أبدا.
رابعا:الغريب أن الاعتذار الذي تقدم به البابا شنودة جاء علي جانبيه محاولة مستميتة للدفاع عن بيشوي، لف البابا ودار وقال إن الصحافة يمكن أن تكون نقلت كلمات بيشوي بشكل غير دقيق وأنه يستبعد أن يكون قال ما قاله عن حكاية المسلمين الضيوف علي الأقباط، ومدح كثيرا في بيشوي للدرجة التي أوحت للبعض أنه يوافق علي كل ما قاله بيشوي.
لم اختلف مع الدكتور محمد عمارة - رغم أني أختلف معه كثيرا فيما يجود به من أفكار- في أن آراء الأنبا بيشوي عن الإسلام هي نفس آراء البابا شنودة عنه، وذلك لسبب بسيط أن البابا شنودة ربي أساقفته علي عينه، سهر عليهم ولم تغفل عينه عن واحد منهم، إنهم صورة مكررة من الرجل.
قد يكون بيشوي هو الأكثر تطرفا، فهو الرجل الذي يتولي ملف المحاكمات الكنسية، وبطبيعة المنصب فإنه يبدو قويا، أو كما قال لي هو شخصيا في لقاء سابق جمعنا، إن أي مؤسسة يجب أن يكون فيها رجل مرهوب الجانب، ويبدو أن الأقدار اختارت بيشوي لهذه المهمة، قد يكون الرجل معذورا في عصبيته لأسباب صحية لا تخفي علي أحد، لكن لا أحب أن أخوض فيها، لكن يبدو أن الأنبا بيشوي يعتقد أنه كلما كان متطرفا، كلما كان أقرب إلي منصب البطرك، وهو فهم قاصر.. لكن من قال إن بيشوي ينظر إلي أبعد من تحت قدميه.
إن هذا الرجل يحمل تاريخا طائفيا، ليس مع المسلمين فقط، فهو يحارب كل الطوائف المسيحية الأخري، لا يريد أن يكون أحد إلي جواره، ولم يكن حديثه عن القرآن إلا ترجمة حقيقية وواقعية لهذا التاريخ الطائفي البغيض.
نقلاً عن الفجر
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :