- ابن منافق
- "وائل عبدالله": مشروع "تاكسى المعرفة" يستهدف الفئة التى لا تقرأ
- الجمعية التاريخية .. تطلق أضواءً جديدة على مشكلة دير السلطان بـ"القدس"
- الكاتب محمد بركة: المعول الوحيد لتفتيت صخرة التعصب هو تحويلها إلى مادة ساخرة
- ماجد أديب: تهديد القاعدة أظهر معدن الشعب المصري الأصيل الذي ينكشف في وقت المحن
اللواء "فؤاد صالح": حرب أكتوبر حطَّمت الصلف الإسرائيلي وإدعائه بأنه جيش لا يُقهر
اللواء "فؤاد صالح" فى حوار لـ"الأقباط متحدون":
- حرب الاستنزاف تُعد مرحلة هامة للإعداد لحرب أكتوبر.
- حرب الاستنزاف أرهقت العدو، وكبَّدته خسائر فى أفراده ومعداته.
- الحرص على حياة الأسرى عمل إنسانى عسكرى حضاري.
- تم خداع العدو عن طريق كثرة التحركات إلى المنطقة الإبتدائية للهجوم.
- حرب أكتوبر استطاعت أن تعيد لـ"مصر" الشرف العسكري.
- معاهدة السلام أشعرتني بالإرتياح والسعادة؛ لأننا سنصل إلى بر الأمان.
- الإعلام لم يعط حرب أكتوبر حقها.
- فى أوقات الأزمات سيستنفر الشعب المصرى للإلتفاف لصد أى خطر يحيق بـ"مصر".
- يؤسفني ويؤلمني ما أسمعه عن المشاكل الطائفية التى تحدث من أسباب تافهه.
أجرت الحوار: ميرفت عياد- خاص الأقباط متحدون
حرب أكتوبر هى الحرب التى انتصرت فيها القوات المسلحة المصرية على العدو الإسرائيلي، هذه الحرب التى مازالت بها العديد من الخفايا والأسرار رغم مرور (37) عامًا على حدوثها، ورغم العديد من المواد الصحفية والبرامج التلفزيونية بل والأعمال الدرامية التى تحدثت عنها، وعن بعض أبطالها.. إلا أن هناك العديد من الأبطال التى لا تُقدَّر تضحيتهم بثمن من أجل هذا الوطن، ومن هؤلاء الأبطال اللواء أركان حرب متقاعد "فؤاد صالح ذكى"، قائد اللواء الثامن مشاة من الفرقة السابعة مشاة فى منطقة جنوب البحيرات فى حرب أكتوبر، وهو من مواليد "الفيوم" عام 1929، وكان والده وأخواه الاثنان يعملان فى السلك العسكرى، وقد التحق بالكلية الحربية عام 1949، وتخرَّج فى فبراير عام 1952، وهو متزوج وله ابنة وولدين لم يدخل أحد منهما السلك العسكري.
وقد كان لنا هذا اللقاء مع اللواء أركان حرب متقاعد "فؤاد صالح ذكى" لإلقاء الضوء على ذكرياته عن حرب الاستنزاف التى سبقت حرب السادس من أكتوبر، وعن أصعب المواقف التى خاضها فى الحرب، وعن رأيه فى معاهدة السلام، وعن الملف الطائفي فى "مصر"، والعديد من القضايا الأخرى..
* فى البداية ماذا تقول عن حرب الاستنزاف؟
إن القرار السياسى الذى أُعلن بعد نكسة 1967 إنه لا صوت يعلو على صوت المعركة، وما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة؛ لذلك بدأت حرب الاستنزاف وكان الشعب والقوات المسلحة والحكومة وكافة المصريين فى أصعب الظروف؛ حيث كانت المعنويات منخفضة وكانت القوات البرية والطيران قد فقدت معظم أسلحتها الرئيسية. فحرب الاستنزاف تُعد مرحلة هامة للإعداد لحرب أكتوبر، وساعدتنا على دراسة العدو من حيث تسليحه وتكتيكاته وكافة المعلومات عنه استعدادا للمعركة المقبلة التى كان الجميع على يقين من حدوثها، كما درسنا أرض "سيناء" بتفاصيلها، وقناة "السويس" من حيث العمق والعرض واتجاه التيار، وكافة النواحى الفنية التى قد تؤثر على عبور القناة.
* ما هى المدة الزمنية التى استغرقتها حرب الاستنزاف؟
إن حرب الاستنزاف بدأت بعد أيام من نكسة 1967 واستمرت لمدة ست سنوات، وتخَّلل تلك السنوات عمل جاد وتدريب عنيف لرفع الروح المعنوية، وتخطيط عملي لكافة تفصيلات المعركة المقبلة، وإعداد القوات المسلحة لمهمتها القادمة مع تجهيز مسرح العمليات.. كل هذا مع قتال واشتباكات وصراعات ومعارك مريرة خلال هذه الفترة.
والحقيقة، إن حرب الاستنزاف قد تم تقسيمها على ثلاث مراحل هم مرحلة الصمود، ومرحلة الردع، ثم مرحلة الاستنزاف. وخلال مرحلة الصمود كانت الأهداف الرئيسية هى رفع كفاءة القوات المسلحة فى أسرع وقت ممكن، ورفع الروح المعنوية للقوات والشعب، وإعداد الخطط لتهجير مدن القناة لتقليل الخسائر فى تلك المدن، وخلال هذه الفترة فوجئ العدو بمعارك شرسة تكبَّد فيها خسائر عديدة بدءًا من معركة "رأس العش" التى اشترك فيها الطيران بضربات مؤثرة، ثم تدخُّل القوات البحرية لإغراق المدمرة إيلات بلنشات الصواريخ. وبعد ذلك تحولت القوات المسلحة إلى مرحلة الردع، حيث زادت قدرات التسليح، وبدأنا فى أعمال قتال بالنيران لإحداث خسائر فى العدو أبرزها كانت معركة المدافع التى حدثت فى سبتمبر 1968؛ حيث فؤجى العدو بكميات نيران لم يكن يتوقعها أحدثت به إصابات مؤثرة.. وأخيرًا جاءت مرحلة الاستنزاف، حيث تصاعد القتال الذى أصبح شبه يومي على طول الجبهة من أعمال كمائن وزراعة ألغام على طرق تحرك العدو، وعمليات إغارة على نقطه القوية ومواقعه المنعزلة لإسقاط طائراته- سواء كانت فى معارك مع قواتنا الجوية أو بوسائل الدفاع الجوى- مع زيادة إرهاق العدو وتكبده خسائر فى أفراده ومعداته، مما دفع هذا العدو إلى إدخال قواته الجوية فى تصعيد القتال فى يوليو 1969، وكان أبرزها الإغارة على منطقة "بحر البقر" حيث استشهد الكثير من المدنيين.
* ما هى المهمة التى كنت مكلفًا بها أثناء حرب أكتوبر؟
كنت قائد اللواء الثامن مشاة من الفرقة السابعة مشاة فى منطقة جنوب البحيرات، وكنا مكلفين باقتحام قناة السويس وتدمير النقط القوية للعدو والاستيلاء على خطوط شرق القناة؛ للاستعداد لصد هجمات العدو، ثم تطوير الهجوم شرقًا مع باقى قوات الجيش.
* هل تتذكر أصعب موقف قابلته فى الحرب؟
من أصعب المواقف التى قابلتها فى حرب أكتوبر، تأخر سقوط أحد النقاط الحصينة فى المواجهة إلى يوم 8 أكتوبر، حيث أن تواجد هذه النقطة حية فى خلفي كان يهدِّد باحتمال قيام العدو بالتركيز عليها فى القتال لإعادة الاستيلاء على النقاط التى سقطت.. ولكن عندما تأكد للعدو إنه خسر معركة العبور، أصدر أوامره بالتسليم، وبالفعل رفعت الرايات البيضاء، وخرج الجنود الإسرائيليون مرفوعي الأيدى، طالبين الأمن والسلامة التى أعطيناها لهم، حيث كانت الأوامر مشددة بوجوب الحرص على حياة الأسرى؛ لأنه عمل إنسانى عسكري حضاري كتقاليد العسكرية المصرية فى حسن معاملة الأسرى، هذا بالإضافة إلى الاستفادة من استجوابهم بعد ذلك.
* ما هو دور فرقتك فى خطة الخداع الإستراتيجي التى قامت بها القوات المسلحة قبل الحرب؟
أنا شخصيًا فى هذا الوقت كنت لا أعلم شيئًا عن الخطط الموجودة؛ لأننى كنت جزءًا من الخداع التكتيكي، فقد تم خداع العدو عن طريق كثرة التحركات إلى المنطقة الإبتدائية للهجوم والتدريب على أعمال الإغارة، لإرباك العدو.
* إذا كانت الحرب العالمية الثانية غيَّرت الخريطة السياسية للعالم، فماذا فعلت حرب أكتوبر؟
إن المحاولات السياسية لحل القضية بالمفاوضات قد فشلت، حيث كانت "إسرائيل" خلال هذه الفترة تتميز بالصلف والتعالى كأكبر قوة عسكرية فى المنطقة، وكان لديها ايمان راسخ بأن "مصر" لن تتمكن من إعادة القتال أو عبور القناة أو تحطيم خط بارليف إلا بعد سنوات طويلة، ولكن حرب أكتوبر استطاعت أن تُعيد لـ"مصر" الشرف العسكري، ووضعها الإستراتيجى فى المنطقة، وأعطت المفاوض السياسي أرض صلبة يتكلم من خلالها، وأقنعت الإسرائيليين بأنهم ليسوا أصحاب الحق فى الاستيلاء على أراضيها بالقوة، وحطَّمت الصلف الإسرائيلي وإدعاءه بأنه جيش لا يُقهر.. كما أن الحرب أثبتت للعالم أن العرب هم القوة السادسة فى العالم بعد القوى الكبرى، حيث وحَّدت الحرب الفكر العربي الإستراتيجي بإتحاد "سوريا" و"مصر" فى شن هجوم مضاد لـ"إسرائيل"، ونجح ضغط سلاح البترول فى عمل أزمة للطاقة فى العالم كله، كما إننا نجحنا فى غلق قناة السويس وتعطيل الملاحة العالمية، بالإضافة إلى أن حرب أكتوبر أصبحت تُدرَّس فى كافة المعاهد العسكرية فى كافة أنحاء العالم، حيث نجحت القوات المصرية فى اقتحام خط بارليف الذى يُعد أكثر صلابة ومناعة من الخطوط التاريخية التى اُنشئت فى الحرب العالمية الثانية، مما أوضح كفاءة التخطيط والتنفيذ للقوات المسلحة المصرية.
* ما هو شعورك عندما قام الرئيس "السادات" بمعاهدة السلام؟
معاهدة السلام أشعرتنى بالارتياح والسعادة؛ لأننا سنصل إلى بر الأمان بعد صراع مرير يمتد من عام 1949 إلى عام 1978.. كما أن هذا السلام جاء من موقع القوة، مع بروز قوي لدور العسكرية المصرية التى استعادت الكرامة والأرض معًا.
* كيف كانت حياتك الأسرية أثناء الحرب؟
الحياة كانت بالنسبة لى – مثل جميع العسكريين من أبناء جيلي- غير مستقرة وغير آمنة، ومملؤة بالتوتر والقلق، والبعد عن الأسرة والأولاد 26 يومًا فى الشهر. كما إننى قد اُستدعى فى أيام الأجازة ، كما حدث فى معركة المدافع فى سبتمبر عام 68، حيث استدعانى اللواء المرحوم "فؤاد عزيز" وأرسل السيارة لإحضاري. كما كنا فى حالة ألم من فقد الزملاء والتدمير الذى يلحق ببلادنا، وخاصة مدن قناة السويس.
* هل أعطى الإعلام حرب أكتوبر حقها خلال الـ37 عامًا الماضية؟
فى الحقيقة، الإعلام لم يعط حرب أكتوبر حقها، رغم إننى اشتركت بأوامر من قيادة الجيش الثالث بعد الحرب بمعاونة الفنانيين وأجهزة الإعلام فى إبراز دور القوات المسلحة فى هذه الحرب، وتم تصوير عدة أفلام فى قطاع الجيش عن الحرب.. إلا إننى أرى أنه حتى الآن لم نصل بعد إلى العمل الفنى الذى يتناسب مع قيمة حرب أكتوبر مثل ما شاهدناه من أعمال فنية متعددة تتحدث عن الحرب العالمية الثانية، كما إننى أرى حتمية توجيه الشباب الصغير بالمدارس والجامعات والمعاهد التعليمية وكذلك الشعب كله للتذكير المستمر بالفخر بما أدَّاه هذا الجيل لصالح "مصر"، مثل ما نراه فى الدول الكبرى حتى الآن، حيث نشاهد حكام أوروبا وشعوبها يقفون بخشوع واحترام شديد فى أيام ذكرى حروبهم وفى مقابر قتلاهم.
* هل اضطررت إلى إبلاغ خبر استشهاد أحد الأبطال إلى عائلته؟ وكيف كان الموقف؟
كنت أتجنب هذا الموقف؛ لأن هناك أجهزة وإدارات بالقوات المسلحة تختص بهذا الشأن، لكن كنا نساهم فى تخفيف قسوة الموقف بالمعاونة فى حل مشاكل أسر هذا الشهيد.
* هل تذكر موقف تجلت فيه الوحدة الوطنية أثناء الحرب؟
إن كل أصدقائى وأحبائى سواء كانوا داخل القوات المسلحة أو خارجها هم من الإخوة المسلمين الذين تمتد صلتى بهم إلى خمسين سنة مضت، ويؤكد هذا أن أحد أصدقائى ودفعتى، وهو المرحوم اللواء "محمد معوض"، كان دائم الإتصال بزوجتى خلال فترة الحرب والحصار، حيث كان له موقف إنساني لا تنساه أسرتى وزوجتى بصفة خاصة، حيث كان يطمئنها على أن جميع احتياجات الجيش الثالث الميدانى متوفرة، ولا تستمع لما يُذاع فى محطات الإذاعة.
* هل ترى أن الشباب المصري قل انتمائه الوطني هذه الأيام؟
إننى أثق تمامًا إنه أوقات الأزمات يُستنفر الشعب المصري من جميع الأعمار للالتفاف لصد أى خطر يحيق بـ"مصر"، سواء كانوا من الأطفال أو الشباب أو حتى الشيوخ أمثالى.
* كيف ينظر أحد أبطال حرب أكتوبر إلى الأحداث الطائفية فى "مصر"؟
يؤسفنى ويؤلمنى ويحزنى ما أسمعه عن المشاكل الطائفية التى تحدث من أسباب تافهه لا معنى لها ولا قيمة، وتؤدى إلى اندلاع حرائق كبرى.. ولكن ما يطمئننى أن رجال الدين على الطرفين أصحاب الرؤى المستنيرة سيستطيعون إيقاف نيران هذه الفتن التى تسئ إلى الوطن بأكمله مسيحييه ومسلميه، وأأكد لك إننا سنظل نحيا سويًا حتى يغطينا تراب هذا الوطن.
* كيف يعود المصريون إلى ترديد أغنية يا حبيبتى يا مصر؟
أنا لا أوافق على كلمة يعود المصريون، حيث أن المصريين جميعهم فى دمائهم ووجدانهم وعقولهم حب "مصر"، ولكن ما يؤثر فى مظهرهم هى الحياة الصعبة التى قد تواجه البعض منهم.. وأذكر على سبيل المثال حفيدى الذى يدرس فى "أمريكا" ويحلم بالعودة إلى "مصر"، ويطلب منى دائمًا علم "مصر"، ويقوم بلا توجيه من أحد بإعداد برامج عن "مصر" ليعرضها فى الجامعة الأمريكية متطوعًا، كل ما نحتاجه هو أن نجلى الصدأ الخارجى ليظهر الجوهر الحقيقي للمصريين.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :