الأقباط متحدون - مخطط لسرقة النصر من العراقيين
أخر تحديث ٠٤:٣٣ | الاثنين ٧ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢٧ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مخطط لسرقة النصر من العراقيين

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
د.عبدالخالق حسين
كنا، وما زلنا نتمنى وندعو إلى علاقات حميمة متكافئة بين العراق وأمريكا، خاصة بعد أن قدمت الأخيرة تضحيات بشرية ومادية هائلة في عملية تحرير العراق من الفاشية، ومهما كان غرضها من ذلك. ولكن مع الأسف الشديد كشفت إدارة أوباما عن وجهها الكالح، أنها تريد معاملة العراق كإحدى جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، أو الدول الخليجية الخاضعة لها خضوعاً تاماً. بينما العراق، المعروف بتاريخه المجيد، ليس فقط لكونه مهد الحضارة البشرية، والحافل بالثورات على الحكام طوال التاريخ، والمعتز بكرامته واستقلاله، فهكذا شعب لا يمكن أن يذعن لمثل هذه المحاولات المذلة، فهو مستعد أن يضحي بكل غال ونفيس في سبيل حريته وكرامته وسيادته الوطنية. 
 
أمريكا تريد من العراق أن يتخلى عن استقلاله السياسي، ويذعن لكل ما تمليه عليه من سياسات من بينها إعلان العداء لإيران كما كان الوضع في عهد البعث الصدامي. والشعب العراقي لا يمكن أن يعيد نفس السياسة العبثية والحروب المأساوية الصدامية مع إيران وغيرها مرة أخرى. فعلاقة حسن الجوار بين البلدين ضرورية جداً لأمن واستقرار وازدهار العراق، ولا تشكل أية خطورة على أمريكا أو الدول الخليجية، المسكونة بالهوس الطائفي الخبيث ضد إيران وضد الشيعة من شعوبها(1). ولكن يبدو أن أمريكا وبريطانيا خاضعتان خضوعاً تاماً لرغبات السعودية وشقيقاتها الخليجية الأخرى بسبب المصالح الاقتصادية، لذا يرددون نفس الافتراءات التي يرددها الاعلام السعودي الطائفي المضلل ضد العراق.
 
فالملاحظ أن الاعلام السعودي الخليجي- البعثي الطائفي ما انفك يختلق الاشاعات المسمومة لدق الاسفين بين العراق وإيران، وآخر هذه الافتراءات على سبيل المثال، ما تردد من تصريح منسوب إلى الجنرال الايراني عطاالله صالحي بالقول: "ليس من حق العراقين منع الايرانيين من الدخول الى العراق لأن هذه الارض هي ارض اجدادنا وعلى العراقيين ان يفهموا هذا الشيء وعدم مجاراة الامة الإيرانية". 
لا شك أن هذه الإشاعة هي صناعة سعودية- بعثية – طائفية قذرة، ولم تنشرها أية وكالة تحترم نفسها، بل نشرت عبر البريد الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي. ولكن المشكلة أن عقلية العراقيين خصبة جداً لتقبل الإشاعات ومهما كانت سخيفة وباطلة، وينطبق عليهم المثل: "على حس الطبل خفَّن يرجلية".
فلما رفض السيد نوري المالكي الاستجابة لطلب أمريكا في معاداة إيران، والمشاركة في إسقاط حكومة بشار الأسد، وفشلت كل المحاولات لإزاحته ديمقراطياً عن طريق صناديق الاقتراع، خرجوا علينا بلعبة داعش، ومؤامرة احتلال الموصل ومن ثم الرمادي، وفذلكة حكومة المقبولية!. ولما كتبنا مراراً أن داعش هي صناعة أمريكية لتحقيق سياساتها في المنطقة، اتهمونا بالطائفية والتأثر بنظرية التآمر...! 
 
في الحقيقة هذه ليست المرة الأولى تخلق أمريكا لنفسها و للعالم فرانكشتاين، الغول الذي افترس صانعه، فكما خلقت أمريكا القاعدة وطالبان في أفغانستان من قبل، وكان من عواقبها غير المقصودة، كارثة 11 سبتمبر، كذلك خلقت أمريكا داعش في العراق وسوريا التي من نتائجها الإرهاب في الدول الغربية بما فيها أمريكا مؤخراً. فتآمروا على العراق بداعش، وتركوه لوحده يحارب هذا الغول، بل و شنوا حملة تشويه صورة الحشد الشعبي، وراحت وسائل إعلامهم تردد كل ما يقدمه الاعلام السعودي الخليجي من افتراءات، بأن المالكي هو السبب الرئيسي لخلق داعش لأنه همش السنة والكرد في الحكومة، و أن الحشد الشعبي هو أسوأ من داعش، دون أن يسألوا أنفسهم: وماذا عن العصابات الإرهابية التي أعلنت ولاءها لداعش في الدول الأفريقية، مثل مصر وكينيا و نايجريا وتونس والجزائر، بل وحتى في فرنسا، فهل هناك تهميش للسنة في هذه الدول؟ 
 
 لذلك، و بعد أن انقلب السحر على الساحر بمجزرة باريس الأخيرة، وما رافق ذلك من إحراج لأمريكا وحلفائها (دول الناتو)، وعلاقاتها الحميمة مع السعودية وقطر وتركيا، الدول الراعية لداعش، وبات النصر العرقي قاب قوسين أو أدني، تحاول أمريكا الآن الدخول في الحرب ضد داعش بإرسال ما يسمى بالقوة الجديدة(2). والمقصود بالقوة الجديدة هو إرسال قوات أرضية مؤلفة من قوات أمريكية وخليجية وتركية إلى العراق، قد يصل تعدادها إلى مائة ألف. وما اللقاء الأخير بين الملك السعودي سلمان ابن عبدالعزيز، والرئيس التركي أردوغان، و رئيس الإقليم الكردستاني (المنتهية ولايته)، مسعود بارزاني إلا للتنسيق والتحضير لهذه المهمة. كما وأفادت الأنباء عن تواجد قطعات عسكرية تركية في محافظة نينوى، رغم الاحتجاجات من الحكومة العراقية، وهذه سابقة تشير إلى مخطط خطير له عواقب خطيرة جداً على العراق ودول المنطقة.(3)
 
والسؤال هو: لماذا الآن كل هذا التحرك، بينما كانت أمريكا تمتنع عن مساعدة العراق حتى بمده بالأسلحة والطائرات المقاتلة ف16 التي اشترتها منها الحكومة العراقية ودفعت أثمانها الباهظة بمليارات الدولارات مقدماً منذ أكثر عامين؟ 
الأسباب معروفة وعديدة، أولاً، بعد أن حققت القوات العراقية والحشد الشعبي، الانتصارات الرائعة على فلول داعش، تحركت أمريكا للمشاركة في هذه الحرب لسرقة النصر من العراقيين الذين دفعوا التضحيات الباهظة، وإعطاء انطباع أنه لولا التدخل الأمريكي لما تحقق النصر على داعش. وثانياً، لتبديل داعش بقوات أخرى (مؤلفة من القوات الأمريكية والخليجية والتركية) تأتمر بأوامر أمريكا في المحافظات السنية، وتخلق إقليماً سنيا مستقلاً عن الحكومة المركزية في بغداد على غرار حكومة الاقليم الكردستاني، وبذلك تتمكن أمريكا من التعامل مع الاقليمين، السني والكردي، كدولتين مستقلتين في العراق، خاضعتين لها خضوعاً تاماً، وبالتالي تفرض سياسة الأمر الواقع على بغداد. وتبقى علاقة هلامية شكلية بين هذين الإقليمين (الدولتين)، مع الحكومة المركزية في بغداد لضمان حصول الاقليمين على  ثروات العراق، أو بالأحرى ثروات الجنوب، إضافة إلى حصتهما في الحكومة الفيدرالية التي لا حول لها ولا قوة، ولا أي دور لها في حكم الإقليمين، بل للإقليمين الدور الكبير في حكم الوسط والجنوب.
 
خلاصة القول: ليس من مصلحة العراق معاداة أمريكا، ولا معاداة إيران. وليس من مصلحة أمريكا وإيران استمرار العداء بينهما ليكون العراق ضحية هذا العداء. ولكن يرفض العراقيون أن تعامل أمريكا دولتهم كواحدة من جمهوريات الموز. أما السعودية والدول الخليجية الأخرى وتركيا أردوغان، فهي مصابة بالهوس الطائفي، والغرور، واللعب بالورقة الطائفية لأغراض سياسية قذرة لا بد وأن ينقلب عليهم السحر يوماً، ولا علاج لها من هذا الداء إلا إذا أرادت أمريكا ذلك، فمصير هؤلاء بيد أمريكا وحدها. 
وما تخططه أمريكا لإرسال قوات جديدة إلى العراق لمحاربة داعش تشارك فيها قوات خليجية وتركية، فهي مؤامرة خطيرة لها عواقب كارثية على الجميع، لأنها في نظر العراقيين، لا تختلف عن داعش في تركيبتها وأيديولوجيتها وأغراضها. لذلك فهو مشروع باطل، وما بني على باطل فهو باطل، وعواقبه وخيمة على مدبريها. لذلك نهيب بكل االعراقيين الوطنيين الشرفاء الوقوف بوجه هذا التآمر الأمريكي- التركي-الخليجي لإفشاله. فالنصر على داعش بات قريباً على أيدي قواتنا المسلحة الباسلة والحشد الشعبي الباسل، ويجب أن لا نسمح بسرقة النصر منهم.

abdulkhaliq.hussein@btinternet.com  
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة 
1- د.عبدالخالق حسين: محنة العراق بين أمريكا و إيران في مواجهة الإرهاب 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=802

2-  مسؤولون: أمريكا لم تتفق مع بغداد بعد على تفاصيل دور القوة الجديدة http://www.akhbaar.org/home/2015/12/202628.html

3- الخارجية تستنكر التوغل التركي
http://www.akhbaar.org/home/2015/12/202631.html

4- The New York Times: Saudi Arabia, an ISIS That Has Made It
http://www.nytimes.com/2015/11/21/opinion/saudi-arabia-an-isis-that-has-made-it.html?_r=0

5- MIKE WHITNEY: Ankara: the New Capital of Jihad
http://www.counterpunch.org/2015/08/20/ankara-the-new-capital-of-jihad/
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter