أزعجنى كثيراً كل ما تردد عن ذهاب قداسة البابا إلى القدس، وما تناولته وسائل الإعلام من تهويل يطال رجلاً وطنياً تم اختباره منذ توليه المنصب فى أصعب المواقف الوطنية. ألم تحكموا على مواقف قداسة البابا وقت فض «رابعة» وخروج القوى الظلامية فى هدم وحرق أكثر من ٧٦ كنيسة وتهجير قسرى للعائلات المسيحية.
وقتها لو كان قداسة البابا احتج لكان العالم كله اهتز، بل أظهر وطنيته وتجرع مرارة الألم فى كل الخسائر التى لحقت بالمسيحيين رغم مدى الصعوبة فى بناء الكنائس وترميمها، وقال مقولته الشهيرة «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن» وإذا لم نجد كنائس نصلى بها سوف نصلى بالمساجد، وأخرس كل من حاول المزايدة على المواقف. وهل ننسى لقداسة البابا دق أجراس الكنائس مع أذان المغرب وقت ثورة ٣٠ يونيو؟!. وقداسة البابا لا يمكن لأحد أن يزايد على وطنيته، ولكننا لا ننسى أبداً أنه راعى وملتزم بطقوس لا يستطيع أحد أن ينوب عنه فيها. فحينما يذهب قداسته للصلاة على رتبة كنسية تعتبر ثانى رتبة فى الكنيسة تنفيذاً لوصية المطران الراحل ودفنه فى القدس لا يستطيع أحد أن يقول إنه اخترق قرار مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث.
وهذا ليس موقفاً منى لأنه يخص قداسة البابا الذى أعتبره أباً لكل المصريين وله حب واحترام من المصريين المسلمين قبل المسيحيين، ولكنه نفس الموقف الذى أعلنته فى مجلس الشعب من قبل لفضيلة المفتى الأسبق الدكتور على جمعة فى عام ٢٠١٢ عندما ذهب إلى القدس لزيارة المسجد الأقصى، وقامت الدنيا ولم تقعد، كانت كلمتى فى البرلمان وكدت أكون الوحيدة التى دافعت عن فضيلة المفتى تجاه تيار شرس كان يريد أن يفتك برموزنا الدينية. وقد أفزعنى نفس الموقف الذى انتهجته بعض النخب ووسائل الإعلام فى سفر قداسة البابا، فى محاولة لتشويه المواقف الوطنية الواضحة واحترام قرار قداسة البابا شنودة، وأنا وجميع المصريين نتفهم أن ذهاب قداسة البابا للصلاة على جثمان الأب الطوباوى إبراهام مطران القدس لا يعنى إعطاء سماح إلى الأقباط من المصريين فى الذهاب إلى القدس إلا بعد تحريرها ودخولنا نحن وأشقاؤنا المسلمون للصلاة فى المسجد الأقصى وكنيسة القيامة معاً، فأنا أشعر بمشاعر قداسة البابا من كل هذه الادعاءات التى لا تنم إلا عن مزايدات ليست لها قيمة، وتساعد على الاحتقان دون معرفة،
وأتمنى من كل الوطنين أن لا يسهموا فى الرجوع إلى الوراء بكل هذه الأفكار الهدامة التى لا ينتج عنها إلا تشويه الرموز الوطنية، خاصة، الدينية العظيمة مثال قداسة البابا الرجل الوطنى الذى يحب مصر ويعشق ترابها، وهذا يظهر فى كل مواقفه منذ توليه منصبه فى ظروف صعبة، الله وحده كان الأقدر على أن يخلصنا منها كمصريين، مسلمين ومسيحيين، بوحدتنا وحبنا لوطننا وانتمائنا الحقيقى والأصيل لتراب هذا الوطن. ومن نعم الله علينا أن أرسل لنا الرئيس عبدالفتاح السيسى رجلاً وطنياً مخلصاً استطاع أن يعبر بالوطن إلى بر الأمان، ورجال دين مخلصين مثال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، وقداسة البابا تواضروس الثانى، الله يرعى مصر وكل قياداتها وشعبها ووحدتها.
نقلا عن الوطن