الأقباط متحدون - السجن والنفى.. والسبب: نكتة!
أخر تحديث ١٢:٣٠ | الخميس ٣ ديسمبر ٢٠١٥ | ٢٣ هاتور ١٧٣٢ ش | العدد ٣٧٦٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

السجن والنفى.. والسبب: نكتة!

عباس الطرابيلي
عباس الطرابيلي

كثيرون ممن تعرضوا لبطش السلطان.. صمتوا، وأمسكوا لسانهم، بل وأقلامهم.. ربما خوفاً من توابع ورجال السلطان، حتى ولو خرجوا من قصور الحكم.. وقليلون - منهم - من روى حكاياته وكشف الحقيقة، بل منهم من ذكر الحقيقة كلها.. ولكن منهم أيضاً من حجب الكثير، وأتذكر هنا زميلاً صحفياً معنا فى «أخبار اليوم» تم اعتقاله ضمن قضية مصطفى أمين، وبعد أن خرج من السجن وتحول إلى شاهد ملك.. كان يسير مع اثنين من أصدقائه فى ميدان السيدة زينب.. ولمح، عن بعد، اقتراب العسكرى الأخضر الذى كان يتولى تعذيبه.. وفجأة اكتشف الصديقان اختفاء ثالثهما، المعتقل السابق.. ولم يعرفا كيف «انسحب من بينهما» واختفى، وكان اسمه مصطفى سنان، وعندما رأياه بعد عدة أيام فى دار أخبار اليوم، قال لهما، لا تسألانى السبب، ولكنه قال إنه لمح من كان يعذبه وكان يطفئ سجائره فى جلد قفاه!! فلم يعرف كيف انسحب من زميليه.. وكان هذا نموذجاً من قضايا صلاح نصر!!

ولم تكن حملات الاعتقال فردية.. بل كانت «عامة» يصل عدد المعتقلين فى الحملة الواحدة إلى العشرات، بل المئات، منهم من دخل سجن الواحات أو هيلتون الوادى، بسبب شهرته بين المعتقلات، والجدع يحاول أن يهرب!! وإن كان بعضهم «شرف» فى سجن القلعة الرهيب الذى يعود تاريخه إلى مئات السنين.. وأكثر هؤلاء كانوا من اليساريين من رجال الإعلام.. ومنهم من تمت محاكمتهم عسكرياً، ومنهم من اعتقلوا دون أى محاكمة، ومنهم من تمت تصفيتهم، وأبرزهم شهدى عطية.

ومن هؤلاء الذين وعتهم الذاكرة أتذكر بعض الأسماء: د. رفعت السعيد، سعد التائه، أسعد حليم، فيليب جلاب، أمير إسكندر، كمال القلش وصلاح حافظ.. وعشرات غيرهم.

ولكن هناك من تم اعتقاله.. أو كان عقابه أقل.. بالفصل من العمل والنفى والتشريد.. ربما كان أشهرهم هنا الولد الشقى محمود السعدنى الذى أضاعته نكتة أطلقها فى بدايات حكم الرئيس أنور السادات هى «... وثالثهم موِّتنا من الضحك!!»، وكان السعدنى يقصد به أنور السادات.. وكان أن تم ضم اسمه إلى مجموعة المنقلبين على الرئيس، ودفع السعدنى الثمن غالياً من حريته، إذ تم سجنه.. ثم بعد أن عرف قرارات منعه من العمل الصحفى، قرر السعدنى الهروب بنفسه وبأسرته وكان منهم من يعانى من المرض الشديد.. وعاش السعدنى منفياً فى العراق وأبوظبى، وأخيراً استقر فى لندن، حيث أصدر هناك صحيفة «23 يوليو» التى أزعجت السلطان لمدة طويلة.

وهناك مفيد فوزى - البعيد عن السياسة - الذى اتهمه صلاح نصر ورجاله بكتابة تقارير أو ما يشبه المنشورات ضد السلطان.. فتم فصله.. فأخذه الفنان عبدالحليم حافظ صباح يوم الفصل إلى صلاح نصر وقال له: «لو كان مفيد يتآمر على مصر أو يحرر منشورات ضد الرئيس فإنه كان يفعل ذلك فى بيتى».. يعنى عبدالحليم حمَّل نفسه مسؤولية ما جرى له.. أى يعرض أن يُعاقب معه.. وهنا طلب موسى صبرى - وكان رئيساً لتحرير مجلة الجيل ونائباً لرئيس تحرير الأخبار- من مفيد أن يجرى له عدة حوارات مع الفنانين دون أن يوقعها باسمه حتى يعيش مفيد فوزى من المكافأة المالية مادام السلطان ورجاله قرروا له الموت ولأسرته جوعاً!! وبالمناسبة كانت الفنانة العظيمة نادية لطفى من القلائل الذين وقفوا مع مفيد فى محنته.

وقد نعرض غداً - إن شاء الله - لثلاثة كتب ونروى كيف منعها السلطان وما هى حكاياتها.. منها «القربة المقطوعة» بقلم أستاذنا جلال الحمامصى، ويحكى فيها محاولته إنشاء صحيفة جديدة توافق العصر، وما أكثر الصحف التى أصدرها الحمامصى، وبعد أن تم إعداد كل شىء.. تم قتل الصحيفة.. وبالقانون!!

وكتاب «عشت مرتين» للإعلامى البارز حمدى قنديل الذى يروى فيه مشوار حياته وما حدث له.. ثم «الكتاب الممنوع» لصاحبه مصطفى أمين، وربما نتحدث عن الحوار الرهيب الذى دار بين الكاتب الكبير خالد محمد خالد وجمال عبدالناصر فى بدايات الستينيات.. وكلها تروى صراع الأحرار مع السلطان ورجال السلطان فى كل زمان.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع